نظرة خاطفة على منصات التواصل الاجتماعي تُظهر مزيجاً من المشاعر عندما يتعلّق الأمر بعودة الأبناء للمدارس، كتبت رمسة عاشة هذه ولا زالت المدرسة على بُعد شهر وتقرؤونها الآن مع بداية العام الدراسي الجديد، ومقالتي هذه ليست لمناقشة إجراءات العودة لمقاعد الدراسة أو طريقتها فهذه أخذت حقّها من قبل الجهات المعنية، ولكن أردت مشاركتكم الأفكار لكيفية تحويل القلق الطبيعي لفرصة للارتقاء بقدرات الأبناء وعلاقتهم بالمؤسسة التعليمية.
غالبيتنا لم يعاصروا جائحة مثل فيروس كورونا المستجد في حياتهم، لذلك كُل ما يسيطر على نقاشات العودة للمدارس في وسائل التواصل هو القلق من كيفية عودة الأبناء للاستمتاع بروتين دراسي قريب من الطبيعي مع كل الاحتياطات الواجب اتخاذها، ولكن ما يغيب عن الأذهان هو أن نرى هذه الفترة مرحلة انتقالية في تطوّر التعليم لنموذج مستقبلي سيأتي شئنا أم أبينا، وانتقاء ما يناسب ظروفنا وطبيعة أبنائنا من الخيارات المطروحة.
أسلوب العودة للمدارس لم يخرج عن خيارات ثلاثة وهي: العودة بالكامل للتدريس في المدارس القادرة على تطبيق شروط التباعد والوقاية وتمتلك المساحة والإمكانات لذلك، أو النموذج الهجين الذي يجمع التدريس بالغرف الصفية وعن بعد، والتعليم عن بُعد بالكامل ويتفاوت ذلك حسب ظروف كل دولة.
وبينما يبدأ الأبناء دراستهم أدعوا الله أن يحفظهم، وأرى في هذه الظروف الاستثنائية فرصة أن نُشجّع أبناءنا على الإقبال بشكل أكبر على النموذج الرقمي واستثمار كافة الموارد الرقمية المتاحة في مدارسهم بأكبر قدر ليكونوا مستعدين لمستقبل التعليم، لأن ما علمتنا إياه جائحة كورونا هو أن كلّ شيء ممكن رقمياً إن توفرّت الإرادة والأدوات ولأن عالم الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية على قمة اهتمامات الأبناء وهذا هو المدخل الأهم.
كثير من الدراسات والمتخصصين في مستقبل التعليم يتحدّثون عن سيناريوهات لن يكون فيها هناك غرف صفية تقليدية مستقبلاً وهو التطوّر الطبيعي. هناك فُرصة أمامنا وقد تدرّب على استثمارها الأهل والأبناء لأكثر من 4 أشهر في بداية جائحة كورونا وهي التعلّم الرقمي عن بُعد، ويجب أن لا ندعها تمرّ دون أن نجعلها جزءاً من نجاح الأبناء من جهة، ونساعدهم على توظيفها في إدارة الوقت والاستمتاع بحياتهم واكتساب مهارات غير تقليدية والاستمتاع بوقتهم من الآن فصاعداً. هذه المرحلة لأولياء الأمور هي فرصة متنكّرة بزي القلق، ولن أقلل من حقنا جميعا الخوف على أبنائنا لكن من التحدّيات تولد فرص لم نعتقد بوجودها، فهل ترون الفرصة معي؟.