أجرى فريق من علماء الأحياء التركيبية في جامعة نيويورك أبوظبي، دراسة كشفت عن الجينات التي قد تساهم في تطوير تقنيات حيوية صديقة للبيئة، لمكافحة ظاهرة الحشف الحيوي البحري، وهي ظاهرة غير مرغوبة تنتج عن تراكم ونمو الكائنات الدقيقة والنباتات والحيوانات والطحالب، على أسطح الأجسام المغمورة في مياه البحر، مثل هياكل السفن وأقفاص تربية الأحياء البحرية وأنابيب معالجة مياه البحر.

نظم بيئية
وتعد ظاهرة الحشف الحيوي من أبرز المشاكل التي تواجه عمل مشاريع تربية الأحياء البحرية وغيرها من الأنشطة التجارية، مثل نمو الكائنات الحية الدقيقة في قاع سفن الشحن، مسببة أضراراً في حركة السفن وزيادةً في استهلاكها للوقود. وإضافة إلى آثارها المالية والتشغيلية، تتسبب ظاهرة الحشف الحيوي في حدوث تأثيرات بيئية مضرة، وذلك بنقلها بعض النباتات والحيوانات الدقيقة إلى بيئات جديدة، وذلك لحركة السفن من مكان إلى آخر. وتعتبر الطرق المتبعة حالياً للحد من ظاهرة الحشف الحيوي، قد تؤثر سلباً على النظم البيئية البحرية وذلك لاستخدامها مواد كيميائية سامة.

 

61 جين
وقامت الدراسة الجديدة بقيادة الدكتور "ويتشي فو" عالم الأبحاث بجامعة نيويورك أبوظبي، والدكتور "كوروش صالحي أشتياني" الأستاذ المساعد في علم الأحياء بالجامعة، بتحديد 61 جيناً رئيسياً من جينات-الإشارة، وبعض مستقبلات البروتين المشفرة التي تنشط أثناء نمو وتراكم عوالق نباتية (الطحالب البحرية المجهرية) مكونة مستعمراتها على الأسطح المغمورة في المياه. وأظهر الباحثون القائمون على الدراسة أن زيادة مستوى هذه الجينات ومستقبلات البروتين، يمكنها التحكم بظاهرة الحشف الحيوي من خلال التلاعب بخلايا العوالق النباتية. وتمهد هذه الدراسة الطريق لابتكار تقنيات جديدة صديقة للبيئة تحد من ظاهرة الحشف الحيوي البحري.

 

مثال نموذجي
ونشرت الدراسة، التي تحمل عنوان (جينات مستقبلات البروتين (ج)، كمنشطات لمسارات الاستعمار السطحي في نموذج طحالب الدياتوم البحري)، في المجلة متعددة التخصصات (آي ساينس iScience)، حيث درس فيها الدكتور صالحي أشتياني وفريقه عمليات التحول التشكيلية لخلايا طحلب (فايوداكتيلوم ترايكورنوتوم Phaeodactylum tricornutu) وهو مثال نموذجي لطحالب الدياتومات التي تعد واحدة من أكثر مجموعات العوالق النباتية تنوعاً وأهمها من الناحية البيئية، كما أنها تعتبر مساهماً رئيسياً في ظاهرة الحشف الحيوي على مستوى العالم. تتغير أشكال هذه العوالق النباتية إلى شكل بيضاوي أو دائري خلال عملية بناء الحشف الحيوي لتجتمع كغشاء حيوي على السطح المغمور في المياه. كما تسلط الدراسة الضوء على الموصلات الجزيئية التي تتبعها خلايا هذه الطحالب لتشكيل وتحفيز ظاهرة الحشف الحيوي.
وقال الدكتور صالحي أشتياني: «نظراً لأن الحشف الحيوي البحري الذي ينمو على أسطح الأجسام المغمورة مثل هياكل السفن وأقفاص تربية الأحياء البحرية وأنابيب معالجة مياه البحر يتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة، فإن الحاجة أصبحت ملحة لاكتشاف طرق وتقنيات جديدة وآمنة لمنع نمو الحشف». فيما قال عالم الأبحاث ويتشي فو المؤلف الرئيسي للورقة البحثية المنشورة: «إن مستقبلات البروتين ومسارات الإشارات الخلوية التي كشفت عنها هذه الدراسة، تمهد الطريق لتطوير تقنيات جديدة مضادة للحشف، وأقل ضرراً على النظم البيئية البحرية في العالم».