يمر العالم بظروف استثنائية منذ ضرب فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» بقاع المعمورة، وهو ما استدعى توظيف الإمكانيات البشرية والتطبيقات الرقمية للبنية التحتية، من أجل الحفاظ على مستوى خدمة البشر، سواء خلال العمل عن بعد الذي فرضته الجائحة أو بعد العودة لمواقع العمل، وهو ما وضع الجميع في اختبار حي للقدرة على تجاوز العقبات وفي جميع مواقع العمل والإنتاج.

لكن استثمار دولة الإمارات ومنذ فترة طويلة في البشر أولاً، وفي البنية التحتية والتكنولوجية ثانياً، أكد نجاح استراتيجية الحكومة الرشيدة في النظر للمستقبل، وهو ما ظهر واضحاً جلياً في عدم تأثر مواقع العمل والخدمات المقدمة في جميع الأحوال، سواء في العمل عن بعد أو بعد العودة للدوامات داخل الوزارات أو الهيئات أو الشركات، وعلى وجه السرعة ومن دون الشعور بأي خلل. «زهرة الخليج» كانت حاضرة في رصد العمل الجاد والمنظم والذي يستند إلى منظومة متكاملة تخضع لثوابت العلم والعمل، وكان هذا التحقيق.    

مشاركة المرأة

تؤكد نورة السويدي، مديرة الاتحاد النسائي العام، أن الاتحاد النسائي يولي اهتماماً بالغاً بمسألة استثمار طاقة المرأة وتنمية مهاراتها، لتمكينها من المشاركة الفاعلة في التنمية المستدامة، وفي ظل التحديات الناشئة والمتغيرات المتسارعة عالمياً، لا سيما في وقتنا الحالي، وذلك من خلال تقديم الدعم الصحي والنفسي والاجتماعي، وبما يمكنها من الموازنة في حياتها والتعاطي بإيجابية مع تلك التحديات، واستناداً إلى عدة مرتكزات عمل الاتحاد النسائي على توظيف وسائل التقنية الحديثة، والاستفادة من أحدث الابتكارات التكنولوجية، سعياً وراء الارتقاء بمنظومة العمل عن بعد والحفاظ على الاستقرار الوظيفي في ظل جائحة «كوفيد 19».

وتضيف: «الاتحاد النسائي العام عمل خلال الفترة الماضية على برامج ومبادرات عدة، ترتكز على محاور أساسية هي دعم الصحة البدنية والنفسية للمرأة، والإدارة الناجحة للحياة، والسلامة البيئية في المنزل، حيث تم تفعيل هذه المحاور من خلال برامج تدريبية ومبادرات تثقيفية وإرشادات السلامة البيئية في المنزل».

وتشير السويدي أن الاتحاد النسائي العام أتاح فرص العمل لحاميات التراث، فكان لكبار السن من العاملين في الاتحاد النسائي العام نصيب في المساهمة كجزء أساسي من خطة التعافي التي يعمل عليها الاتحاد، من خلال مبادرة «حمايتهم مسؤوليتنا» لتقديم مستلزمات الوقاية لحماية الكوادر الطبية من أطباء وممرضين ومسعفين، من خطر فيروس كورونا «كوفيد 19»، وذلك من خلال توفير ملابس طبية خاصة صنعت بأيادٍ إماراتية.

بنية تحتية رقمية

تقول الدكتورة عائشة بنت بطي بن بشر، مدير عام دبي الذكية، إن استثمار إمارة دبي لأكثر من عقدين في البنية التحتية الرقمية، بالإضافة للتطبيقات والحلول الرقمية التي صممتها دبي الذكية، أسهمت بشكل كبير في التفعيل الفوري بانسيابية لنظام العمل عن بعد، حيث برهنت حكومة دبي على جاهزيتها الكاملة لكافة الظروف، وقدرتها على استمرارية العمل بكفاءة عالية رغم ما يواجهه العالم بأسره بسبب وباء «كوفيد 19».

وزادت: «لثلاثة أشهر كان سير العمل عن بعد في الجهات الحكومية أقرب إلى المعتاد، واستطاع الجميع التأقلم مع النظام الجديد، وهو ما انعكس على مستوى الإنتاجية والأداء، بإضافة الكثير من الدروس المستفادة التي تسهم في إرتقاء بيئات العمل، وقد تحقق كل ذلك بفضل الرؤية الثاقبة لقيادتنا الرشيدة، والتي حرصت بشكل دائم على أن تكون منظومة العمل الحكومي قادرة على الاستجابة الفورية للتحديات العالمية وتحويلها إلى فرص جديدة».

وتؤكد بن بشر: «مع عودة الجهات الحكومية والخاصة للعمل من مقراتها، لمسنا الروح الإيجابية العالية والحماس الكبير لدى موظفي دبي الذكية للعودة إلى العمل بفكر جديد ومختلف، يرتكز على أهمية العطاء وزيادة الإنتاجية بغض النظر عن مكان العمل في المرحلة الجديدة التي تدخلها إمارة دبي».

دعم أنظمة الاتصالات

من جانبه، يقول محمد الرمسي، المدير التنفيذي للشؤون التنظيمية في الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات، إن الهيئة اتخذت العديد من الإجراءات والمبادرات بما يضمن سير الحياة بشكل طبيعي في الدولة. ويشرح: «وفرت الهيئة بيانات الإنترنت المجانية عبر الهاتف المحمول لتمكين التعلم عن بعد، وأصدرت تعليمات لمزودي الخدمات لتقديم حزمة من البيانات اللازمة للوصول إلى ميزة التعلم عن بعد للعائلات التي لا تمتلك هذه الخدمة مجاناً، كما وفرت الهيئة بالتنسيق مع مزودي الخدمة مجموعة من التطبيقات لدعم التعلم عن بعد والعمل من المنزل بشكل استثنائي».ولفت الرمسي النظر إلى أن الفريق الوطني للاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي في الهيئة، قاد حملات توعية أمنية للجمهور لزيادة الوعي حول تداعيات الأمن السيبراني لـ«كوفيد 19»، والطرق الآمنة لتطبيق العمل من المنزل للجمهور، في محاولة من الهيئة لتشجيع الناس على البقاء في المنزل، تم نشر قائمة بتطبيقات التسوق الإلكتروني المستخدمة في دولة الإمارات ليستخدمها المستهلكون بدلاً من التسوق التقليدي».

خطة احترازية

يقول محمد الكتبي، مدير إدارة الشؤون الإدارية الرئيس التنفيذي للابتكار في الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات، إنه التزاماً بالتوجيهات الحكومية باشر 30% من موظفي الهيئة العمل في مكاتبهم في أبوظبي ودبي، بعد ما يقارب شهرين من العمل عن بعد، بينما وصلت هذه النسبة إلى 50% مع بداية يونيو الماضي.

ويضيف: «اتخذت الهيئة خطة احترازية ودليل العودة للعمل، تتضمن الإجراءات اللازم على الموظفين الالتزام بها منذ لحظة مغادرتهم المنزل حتى دخولهم مباني الهيئة، ومن ثم العودة مع انتهاء أوقات العمل الرسمية». ولفت الكتبي النظر إلى أن الهيئة حددت مواقف معينة لصف السيارات، والتزمت بفحص جميع الموظفين لحظة دخولهم مقرات الهيئة، والتأكد من ارتداء الكمامات والقفازات، والتباعد الجسدي خلال العمل في المكاتب ومرافق الهيئة مثل المصاعد، كما أغلقت قاعات الاجتماعات وغيرها من أماكن التجمعات، وأكدت ضرورة التواصل من خلال التطبيقات المرئية والصوتية بين الموظفين الموجودين في مكاتبهم، بالإضافة إلى استمرار التواصل مع الموظفين الملتزمين بالعمل عن بعد من خلال التطبيقات الإلكترونية.

من قبل «كوفيد 19»

من قبل «كورونا»، كانت وزارة الموارد البشرية والتوطين في دولة الإمارات قد أقرت نظام عمل يقوم فيه العامل بتأدية واجباته من مواقع مختلفة وبعيداً عن مقرات العمل، سواء بشكل جزئي أسبوعي أو شهري أو بشكل كامل. وذكرت الوزارة أن نحو 330 مواطناً ومواطنةً يعملون لدى القطاع الخاص بموجب نظام العمل عن بعد، إذ يؤدون مهامهم الوظيفية بالقرب من أماكن سكنهم وذلك من خلال مراكز العمل عن بعد، التي توفرها الوزارة في العين ورأس الخيمة والفجيرة وخورفكان.

ويعد نظام العمل عن بعد إحدى المبادرات المبتكرة التي تطبقها وزارة الموارد البشرية والتوطين بهدف خلق فرص وظيفية للموارد البشرية الوطنية وخصوصاً للمواطنات الباحثات عن عمل في المناطق البعيدة عن المدن، وهو ما يوفر لهن القدرة على إيجاد التوازن بين مهام الوظيفة ومتطلبات الأسرة وتجنيبهن عناء الذهاب والإياب من وإلى العمل.