مع انتشار الفيديو المؤلم للطفل الأسترالي (كوادن) وهو يخبر والدته برغبته في الانتحار بسبب تعرضه لتنمر زملائه في المدرسة؛ لا لسبب سوى مشاكل النمو التي يعانيها، تبرز قضية التنمر من جديد كواحدة من القضايا الجادة التي باتت المجتمعات تعانيها وتحتاج إلى وضع حلول للقضاء عليها. 

فلم تعد هذه المشكلة اليوم مقصورة على فئة عمرية معينة أو أماكن محدودة كالمدارس وحسب ، بل امتدت لتصبح مشكلة يعانيها الكثيرون على اختلاف أعمارهم وثقافاتهم، خصوصاً مع انتشار برامج السوشيال ميديا، التي تحولت فعلياً  إلى ساحة مفتوحة يمارس فيها المتنمرون اعتداءاتهم على الآخرين ببساطة وحرية.

يشير التربويون في تحليلهم لهذه الظاهرة إلى أن الشخص الذي يعمد إلى ممارسة التنمر على رفاقه، يعاني هو الآخر مشاكل نفسية ينكرها بإظهار قوته على الضعفاء ممن يختارهم، وفي الوقت نفسه فإن الشخص الذي يتعرض للتنمر سيكون ضحية سهلة، ما لم يبدأ في الدفاع عن نفسه ورد الاعتداء.

في مجال الأدب وتحديداً مجال الرواية كُتب العديد من الروايات التي تتناول معاناة ضحايا التنمر، البعض منها تحول إلى أعمال سينمائية، منها رواية (ثلاثة عشر سبباً) والتي كتبتها جاي آشر عام 2007م. 

تتناول الرواية حكاية طالبة الثانوية التي تتعرض للتنمر من قبل طلبة آخرين، فتلجأ للانتحار، تاركةً خلفها تسجيلات صوتية لأصدقائها تشرح فيها الأسباب الحقيقية وراء اتخاذها هذا القرار اليائس.

حصلت الرواية على العديد من الجوائز، وتصدرت قائمة نيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعاً.   

في مجتمعاتنا العربية تتفاقم المشكلة، وتظهر في الروايات العربية أيضاً. ففي رواية (شفرة بلال) لكاتبها أحمد خيري العمري، ينجح الكاتب في وصف المشاعر العميقة لبطلها الطفل (بلال) الذي يعيش في نيويورك ويتعرض للتنمر والتفرقة العنصرية، مقرراً إخفاء الأمر عن والدته.

في الرواية يتحدث بلال بلسان ضحايا التنمر، ويكشف عن رغبته في أن يكون شخصاً شفافاً لا مرئي من قبل المتنمرين عليه.

تبقى قضية التنمر قضية ملحة تحتاج إلى تكاتف جميع فئات المجتمع من آباء وتربويين ومختصين ومشرعين للقانون من أجل القضاء عليها، والانتصار لضحاياها.