مشوار فني مليء بالنجاحات الفنية والأدوار المهمة التي أهلت النجم السوري مكسيم خليل من الانتقال بسهولة من صفوف الدور الثاني إلى أدوار البطولة المطلقة، إلا أنه لم يحقق حضوراً بارزاً كالذي حققه في الموسم الرمضاني الأخير، حيث قدم شخصية جدلية لإعلامي مريض نفسياً، من خلال شخصية «غسان» في مسلسل «أولاد آدم» بكل اقتدار، واستحق عن أدائه المختلف لهذه الشخصية الفوز في الكثير من استطلاعات الرأي واستفتاءات النجوم، وفي مقدمتها استفتاء «زهرة الخليج» الذي بدأنا منه حوارنا مع مكسيم:
• نبارك لك الفوز بلقب أفضل ممثل في استفتاء «زهرة الخليج»، ما الذي يعنيه لك هذا الفوز؟
- في البداية أشكر مجلة «زهرة الخليج» وكل من ساهم في هذا الاستفتاء، حيث إن هذا الفوز يعني لي الكثير لأنه الاستفتاء الأهم عربياً لما تتمتع به هذه المجلة العربية من ثقة وثقل للفنانين والجمهور العربي، وأنا أعتبره تقديراً مهماً من قراء المجلة ومتابعيها على منصاتها الرقمية للجهد الذي بذلته في أداء الشخصية.
• ما الذي حفزك لتقديم شخصية «غسان» بهذه الطريقة؟
- مفهوم التحفيز لتقديم شخصية بطريقة معينة هو مفهوم فضفاض، خاصة عندما تتحدث عن الطريقة، وشخصية «غسان» تحفز أي ممثل لعملها، فهي من الشخصيات المركبة التي تتحلى بأبعاد نفسية، الفارق هو الطريقة التي تختلف من ممثل إلى آخر وهذا الأمر متوقف على رؤيته للشخصية، وبالنسبة لي أحب أن أقدم شيئاً غير مألوف، ولكنه موجود، فأحياناً ترى بعض الشخصيات الغريبة في الحياة ولكن لا يوجد ضوء يسلط عليهم، وأنا غالباً أتوجه لهذه الشخصيات، وحاولت أن أذهب بشخصية «غسان» إلى اتجاه ينتصف بين الخير والشر، فأفعاله جعلت الناس تغضب وتبتسم وتحتقر وتتعاطف، ومنطق الكتابة في الشخصية خدم المنحى الذي عملت عليه.
بصمة خاصة
• لو قابلت «غسان» في الحياة كيف تتصرف معه؟
- «غسان» أو من يشبهونه موجودون حولنا ولكن لا يمكن كشفهم من أول أو ثاني لقاء، لابد أن تكون لك معهم علاقة طويلة لتبدأ باكتشاف مشاكلهم وعقدهم ونزعات الشر لديهم، ولكن في النهاية إن قابلت شخصاً يشبه «غسان» سأحاول بداية اللحاق به قبل ارتكاب جريمته، يجب أن يحاسب ويعالج بالدرجة الأولى فلا بد من وجود مصح للعلاج وأيضاً الحساب لهذه الأنماط.
• جسدت شخصية «إعلامي»، ممن استوحيت هذه الشخصية على أرض الواقع؟
- لا توجد شخصية إعلامية محددة استنبطت منها الحالة التي مثلتها في «غسان» حيث إني ذهبت إلى فكرة الإعلامي في حد ذاتها، فإذا شاهدت بالعموم فكرة الإعلامي تجده دائماً يملك بصمة خاصة به، كيف يخرج إلى الفاصل الإعلاني، ولديه وقفة خاصة وطريقة بالتعبير تختلف عن غيره، وما فعلته بناء شخصية الإعلامي في العموم، وليس شخصية من الواقع.
• أثناء تحضيراتك لهذه الشخصية كيف رسمت خطوطها؟
- في التحضيرات تذهب إلى أماكن مختلفة بين ممثل وآخر، وبالنسبة لي البحث بالماضي في الشخصية والنقاط التي أوصلته إلى هذه الحالة حتى ولو لم تكن موجودة في النص، ولذلك البحث في كل التفاصيل الخاصة بهذه الشخصية بما تعانيه من مرض وهوس معين، الفارق في هذه الشخصية أنها كانت مطروحة كشخصية «سايكوباثية» ومن خلال البحث اكتشفت أنه من الأجمل أن نذهب بها إلى أكثر من حالة، فذهبت بها إلى النرجسية وإلى «الميكافيلية» وفي الوقت نفسه «السايكوباثية» وهو مثلث موجود في علم النفس يسمى «ثالوث الظلام» ومن خلاله قمت ببناء شخصية غسان وطريقة تعامله مع كل القضايا.
طعم النجاح
• مسلسل «أولاد آدم» حقق معادلة البطولة الجماعية، فإلى أي مدى ترى نجاح هذه المعادلة؟
- تخرجنا جميعاً، وأقصد هذا الجيل من الممثلين، من الدراما الجماعية، فهي أمر أساسي في حياتنا، وأنا أرى بشكل شخصي، طعم النجاح فيها وشكله مختلف، وأعتقد أن لعب دور البطولة المطلقة بشخصية واحدة في المسلسل بحيث يدور حول الممثل الكون هو نمط قديم وأصبح على الصعيد العالمي غير موجود، إلا عندما تقدم شخصية تاريخية أو موثقة، وفي البطولة الجماعية تكون الخطوط مختلفة الجذب لأكثر من شريحة للمجتمع لذلك فإن البطولة الجماعية فكرة ناجحة بشرط أن يكون النص والمخرج متمكنين.
• كثيراً ما هوجمت الدراما المشتركة خلال الفترة الماضية، وأنت أحد نجوم هذه الدراما، فكيف تراها؟
- الدراما المشتركة موجودة في كل أنحاء العالم ولا يطلقون مسمى «عمل مشترك» على أي فيلم إلا على صعيد الإنتاج فقط، أما الممثلون القادمون من مختلف أنحاء العالم على اختلاف جنسياتهم لا يقدمون ما نسميه نحن «عملاً مشتركاً»، ومن وجهة نظري المشكلة ليست بالمسمى بل بالربط بين الكفاءات، وهناك أناس يفضلون عدم مشاهدة الأعمال المشتركة لاختلاف الأداء بين الممثلين، لذلك يتجهون للأعمال الواحدة «النقية» مثل مصري أو سوري، وهنا الخلاف والانتقادات مشروعة وجميلة في العالم الفني، ولذلك يجب ألا نشعر بالقلق من النقد، دع الناس يعبروا عن آرائهم، ويجب على الممثل البحث عن كل ما هو جيد مع مراعاة أن هناك ظروفاً تحكم الحالة الدرامية الموجودة اليوم في العالم العربي، لذلك أقول دائماً دعونا لا نتحدث عن الأعمال المشتركة ونتحدث عن الكفاءات، من هو الكفؤ في هذه المسلسل وما هو المسلسل الجيد عن غيره.
البطل الأوحد
• توجه بعض نجوم الدراما السورية إلى فكرة البطل الواحد، فهل ترى نفسك سائراً على هذا الخط في السنوات المقبلة؟
- فكرة البطل الأوحد موجودة منذ زمن وسائدة وهي في النهاية خيار، وبالنسبة لي قدمت بطولات مطلقة وهي تجارب جميلة وجيدة وممتعة، ولكني أحب التنوع والاختلاف وليس بالضرورة أن أكون البطل الأوحد الذي تدور حوله كل الأحداث، ممكن أحياناً أن أكون هكذا حسب تركيبة المسلسل، إذا كان تاريخياً أو عن قصة حقيقية لا فرار من البطولة المطلقة فيها.
• رغم كل ما كتب عن شخصية «غسان» إلا أن تعليق زوجتك الفنانة سوسن أرشيد كان له وقع خاص، فما ردك على هذا التعليق، وكيف استقبلت هي هذه الشخصية على أرض الواقع؟
- زوجتي «سوسن» لم تستقبل شخصية غسان على أرض الواقع بكل تأكيد، بل استقبلت «مكسيم» على أرض الواقع، وبالنسبة للمسلسل عندما تتوحد بالشخصية قد تخلق لبساً عند المشاهد وهذا الأمر جميل جداً أن تستطيع أن توصل هذا الإحساس إلى أقرب الناس إليك فهذا يعني اكتمال حالة التوحد لديك بعمق وهذا أمر جميل وأحببته وجذبني.
• رغم تألقك في التمثيل إلا أنك غبت عن جميع البرامج في رمضان، فهل هذا الغياب كان مقصوداً أم تقصيراً من البرامج؟
- لست كثير الحضور إعلامياً، بل أفضل الظهور بشكل محدود جداً، ممكن أن أظهر في رمضان ببرنامج، ولكن هذا العام أتى وباء كورونا وحرم الجميع من السفر والبرامج المباشرة، وعدم إمكانية عمل حلقة على الهواء بسبب انعدام السفر والجميع في الحجر الصحي فاقتصر الموضوع على بعض اللقاءات عبر الإنترنت حيث إنه من الضروري الخروج للحديث عن تفاصيل الشخصية للإجابة عن تساؤلات المشاهدين.
• ما اللحظة الأكثر تأثيراً بالنسبة إليك في مسلسل «أولاد آدم»؟
- هناك أكثر من لحظة مؤثرة لي شخصياً وإحداها لحظة اعتداء «غسان» على البنت القاصر والأخرى عندما جعلها تنتحر، هذه اللحظات الأكثر تأثيراً لديّ.
• ما الشخصية التي ما زلت تحلم بتأديتها على الشاشة؟
- لا أحلم بشخصية معينة، ولكن بشكل عام أفضل أداء أي شخصية يكون بها تحدٍّ للممثل، وأن أغوص في غمار هذه الشخصية، خاصة إذا كانت شخصيات موثقة والناس تعرفها فهنا يجب أن تكون على قدر الأداء والشخصية وهو أكثر ما يستهويني.
بعد كورونا
عندما سألنا مكسيم خليل عن الذي اختلف في حياته بسبب فيروس كورونا قال: «حياتي قبل كورونا تشبه ما بعد كورونا، فلم تغير كورونا لديّ أي شيء، مبادئي هي نفسها ومشاعري نفسها وعلاقاتي كذلك، حتى طريقة تعاملي في الحياة ذاتها، وهي مرحلة وباء تعاملنا معه بالدرجات التي يجب أن نتعامل بها على الصعيد الصحي، وللأسف كان لها تأثيرات اجتماعية واقتصادية كبيرة».