تشهد الأماكن والمناطق السورية في مختلف المحافظات وخاصة السياحية والأثرية حالياً إقبالاً كبيراً من المنتجين العرب لتصوير مسلسلاتهم بسبب توافر المكان المناسب والطبيعة وقلة التكاليف الإنتاجية.
وليس جديداً إقبال المنتجين العرب على سوريا. إذ صوّروا سابقاً العديد من المسلسلات البدوية والاجتماعية والتاريخية كمسلسل" فنجان الدم" للمخرج الليث حجو الذي يتحدث عن قصة بعض القبائل التي تسكن شبه الجزيرة العربية وتم تصويره في تدمر التي تشبه في مناخها وجبالها ورمالها الجزيرة العربية. وكذلك نذكر مسلسل "صدق وعده" للمخرج محمد عزيزية الذي يتناول قصة حب في مدينة مكة. وق صوِّر العمل بين تدمر واللاذقية نظراً إلى تشابه الطبيعة مع مدينة مكة السعودية. وحالياً، يتم تصوير أكثر من عشر مسلسلات عربية في مختلف المحافظات السورية.

 

... وكليوباترا من القاهرة إلى اللاذقية

لا شك في أنّ اختيار مخرج مسلسل "كليوباترا" وائل رمضان لقلعة الحصن بغية تصوير مشاهد من المسلسل، لم يكن مجرد مصادفة. القلعة التي سكنها صلاح الدين الأيوبي تشبه كثيراً القلعة التي كانت تسكنها الملكة المصرية كليوباترا. وعلى رغم أنّ العمل تاريخي مصري بحت يتحدّث عن ملكة فرعونية، إلا أنّ المخرج وفريق الديكور وفريق المكياج استطاعوا أن ينقلوا صورة الملكة الفرعونية وفترة حكمها لمصر كما هي.
بالإضافة إلى التصوير في قلعة الحصن في اللاذقية، التُقطت بعض المشاهد من قلعة دمشق الأثرية وبعض المناطق التاريخية في الساحل السوري.
ودعا وائل رمضان العمل كلّ المنتجين العرب إلى مشاهدة هذا الفضاء الواسع في سوريا وسهولة الحصول على تصاريح في الأمكنة خصوصاً الأثرية منها.
يذكر أن الفنانة سلاف فواخرجي هي من تجسّد شخصية كيلوباترا إلى جانب عدد من النجوم العرب.
من الأعمال التلفزيونية التي ستعرض في رمضان المقبل أيضاً مسلسل "أنا القدس" الذي يحمل توقيع المخرج باسل الخطيب وهو من تأليف باسل وتليد الخطيب. وقد اختار المخرج نقل مدينة القدس من خلال الديكور الضخم والأبنية إلى سوريا، فتصوير المدينة القديمة يتم في منطقة مشتى الحلو القريبة من محافظة حمص نظراً إلى تقارب طبيعتها وبيوتها من مدينة القدس. ويرصد العمل مأساة الشعب الفلسطيني، وتجري أحداثه بين عامي 1917 و1967.

 

يحيى الفخراني في تدمر
أما مسلسل "شيخ العرب همام" للمخرج المصري حسني صالح (تأليف عبد الرحيم كمال) الذي يلعب بطولته يحيى الفخراني وصابرين، فقد تم تصوير المشاهد الخاصة بالمعارك في بادية تدمر الرملية التي تتميز بمساحات واسعة. وهذا ما يسهّل على المخرج إستيعاب أكبر عدد من المحاربين، وهو أمر مطلوب في المشاهد بالاضافة إلى توافر شركات سورية خاصة بتنفيذ هذه المعارك والتعامل مع الخيول والمجاميع الكبيرة.

 

شهريار في دمشق
يعتبر مسلسل "مش ألف ليلة وليلة" للمخرج أحمد فوزي علي والكاتب وليد يوسف من المسلسلات الكوميدية المصرية التي ستعرض في رمضان المقبل. وكان مخرج العمل والمنتج عماد عبد الله ومهندس الديكور حسام مصطفى والمنتج الفني أشرف رمزي يبحثون عن المكان للتصوير، حتى تم العثور على قصر في دمشق يقع بالقرب من طريق المطار ويطلق عليه اسم "قصر ألف ليلة وليلة". هذا القصر يشتهر ببنائه الواسع المستوحى من قصص شهريار. ورغم أنّ أصحاب القصر رفضوا تماماً مبدأ استخدامه للتصوير، إلا أنّهم وافقوا حين علموا بأنّ المسلسل يحمل عنوان "مش ألف ليلة وليلة".


يذكر أنّ المسلسل من بطولة أشرف عبد الباقي وريهام عبد الغفور، وأحمد راتب، ومحمود الجندي وخيرية أحمد.
أما المسلسل المصري "كنت صديقاً لديان" المقتبس عن كتاب للمؤلف الراحل ماهر عبد الحميد المستوحى من ملفات الاستخبارات العامة المصرية، فيتناول قصّة شاب فلسطيني مقيم في مصر ويرصد علاقته بالاستخبارات المصرية وصداقته بوزير الدفاع الاسرائيلي. مع ذلك، تم تصوير مشاهد العمل في سوريا. وقد اختار المخرج نادر جلال تصوير المشاهد الخارجية في بعض المحافظات السورية نظراً إلى الأحداث التي تدور بين فلسطين وإسرائيل والطبيعة القريبة إلى طبيعة فلسطين ومناخها. والعمل من بطولة تيم حسن وريم البارودي.

 

السائرون نياماً تم تصويرهم في سوريا
أما رواية "السائرون نياما" للأديب سعد مكاوي المكتوبة في نهاية السبعينيات وأوائل الثمانينيات، فتتحدث عن عصر دولة المماليك الثانية التي سقطت بدخول العثمانيين. وقد اقتبسها المؤلف مصطفى ابراهيم ضمن دراما تتحدث عن المقاومة الشعبية المصرية لمظالم المماليك في تلك الفترة ويجسدها المخرج الكبير محمد فاضل. وقد اختار هذا الأخير سوريا لتصوير بعض المشاهد، لأنّ بعض الأماكن لا تزال تحتفظ بالطابع التاريخي لتلك الفترة خصوصاً حمص، وحماة، وحلب، واللاذقية، ودمشق ومتحف حماة بعد عمليات ترميمه، وبعض الشوارع في تلك المناطق التي أعيدت إلى فترة المماليك نفسها.


وبرّر محمد فاضل اختياره سوريا لتصوير عمله، قائلاً:" ما يميز سوريا أنّ كل محافظة تتمتّع بمناخ خاص بها. وهذا ما يسهل عملية اختيار مكان يناسب أي مشهد من مشاهد العمل بالإضافة إلى توافر مساحات كبيرة في أي مدينة سورية، سيما أنّ المسلسل يشارك فيه عدد كبير من الكومبارس".
أكثر من عشرة أعمال تُصوَّر حالياً في مختلف المحافظات السورية من مختلف الجنسيات العربية، نذكر منها أيضاً مسلسل "ذاكرة الجسد" من إخراج نجدت أنزور عن راوية أحلام مستغانمي الشهيرة، ومسلسل "سقوط الخلافة" الذي يتحدث عن سقوط الدولة العثمانية، ويلقي الضوء على حقبة تاريخية تكشف تواطؤ الدول الكبرى على المنطقة العربية ويجسد الفنان عباس النوري شخصية السلطان عبد الحميد. ومن المسلسلات المصرية التي تصوَّر في سوريا "فرح العمدة" للمخرج أحمد صقر ومسلسل "شاهد إثبات" للمخرج محمد الرشيدي والمسلسل العراقي "السيدة" للمخرج غزوان بريجان.


وقد تحدث معظم المنتجين العرب الذين صوّروا مسلسلاتهم في سوريا عن الأماكن والمساحات التي توفرها الطبيعة السورية وتناسب في مناخها جميع الأعمال خصوصاً التاريخية منها، لافتين إلى خبرة السوريين في إدارة المجاميع الكبيرة والتكاليف الانتاجية المقبولة.
من جهته، قال المنتج السوري هاني العشي إنّ "إقبال بعض المنتجين العرب على تصوير أعمالهم في سوريا، يدل على توافر تسهيلات كثيرة هناك بالإضافة إلى خبرة عالية عند الفنيين، خصوصاً هؤلاء الذين يعملون في المسلسلات التاريخية". وأضاف أنّ كل محافظة ومدينة في سوريا تتمتّع بمناخها الخاص ولونها الفريد.