اكثر من 3 مليون عانس في السعودية رقم كبير ومفزع ومازال في ارتفاع مخيف نحو كارثة اجتماعية إن لم توجد لها الحلول الجذرية بأسرع وقت . من الفتيات من يرين ان العنوسة ليست مشكلة في حياتهن وانما هي قرار اختياري نتج عن تفكير عميق لما هو حال المجتمع الآن وماهو حال الشباب بالبطالة التي جعلتهم يعزفون عن الزواج، مؤكدين أن تكوين الأسرة لا يمكن أن يتحقق ما لم تتحقق الوظيفة هذا عدا عن تزايد نسبة الطلاق.

من جهة أخرى قرار الزواج لم يعد بتلك البساطة كما في الماضي بل اصبح معقدا ومتطلبا من الطرفين فأحلام الطفولة والطرحة البيضاء باتت مجمدة لحين ميسرة ، فتياتنا اصبحن متعلمات وموظفات وسيدات مجتمع ورائدات في مجالاتهن والثقافة وتحضر التفكير درعين حصينين ضد أي احلام واهية ووعود زائفة ، لا للزواج من اجل سكوت المجتمع ولا لإختيار اي رجل من اجل طرد شبح العنوسة من احلامهم ولا لكل قرار زواج عن دون اقتناع .في السابق كانت الفتيات ينتظرن العريس والأن ينتظرن العريس الجيد والمناسب فقط وإلا اهلن بالعنوسة ابد الأبدين.

تقول أمنية احمد (27سنة) معلمة ان بسبب الانفتاح المفاجيء في المجتمع السعودي الذي تولد على اثره تناقضات فكريه بين الرجل والمرأة ، فالمرأة ترغب بأن تجاري الرجل في المستوى الفكرى حتى تواكب العصر ولكن نتج عن ذلك رفض بعضهم.

وأضافت :"اصبح البعض منهم يرغب بأمرأه بسيطه او بمعنى اصح جاهلة ليس لها رأي او بصمة في الحياة..حتى (لا تدوش رأسه) وبعد كم سنة تجد الرجل قد بدأ مشروع زواج جديد بحجة عدم توافق المستوى الفكري.. اما البعض الاخر يرغب في ان يرتبط بإمراة (بتاع كله) تربي وتطبخ وتشتغل وتصرف وتكون دلوعة واخر شياكة طول الوقت ممنوع تمرض او تشتكي يعني بمعنى اصح (المرأة الخارقه) فهل يعقل ان يبحث الرجل عن الكمال ولا يزرعه في نفسه".

بالطبع العنوسة ليست حل ولكن هذه هي بعض الاسباب التى تجبرنا على ان نلجأ تحت مظلة العنوسة على امل ان تنجلي سحابة التناقضات الفكرية وتظهر شمس المنطق والواقعية.

وذكرت عبير سليمان (66 سنة) أم لأربعة فتيات، انها ترملت وهي بعمر 29 سنة ولم يرزقها الله الا البنات وقد عاهدت نفسها امام الله بأن تحسن تربيتهن ليكن مثال يشرف اباهن رحمة الله عليه وقد حرصت على تعليمهن التعليم الممتاز وبنت بداخلهن المرأة القوية الشخصية والمثقفة وصاحبة القرار ولا تريد ان يأتي رجل لا يناسب توقعاتهن ان يحصد تعب سنين بدون أن يكون رجل كفء يقف معاها ويشجعها ويفرح لنجاحها ويفتخر بها كما يجب وستكون ضد اي قرار زواج نبع من اجل رأي مجتمع بل ان ترفض هي وابنتها وتكون عانس وتساند قراراها افضل مئة مرة على ان تتزوج بدون اقتناع.

أما ريم عدنان (30 سنة) طبيبة ، فلا تخشى العنوسة اذا ارادو تسميتها كذلك وان لن تقبل التنازل عن مواصفات محددة في زوج المستقبل كالخلق والدين فهما عامود لإستقرار وبناء اي علاقة سواء زواج او عمل وذكرت ان التوافق والتكافؤ الإجتماعي والفكري عنصر اساسي لنجاح الزواج وأشارت إلى أنه ما المانع في التأخر عن الزواج برغبة الفتاة فغالبا الرجل يؤخر قرار الزواج لظروفه العملية او التعليمة ولا احد يعيب عليه ذلك فما المشكلة من تأجيل الفتاة ؟ أو قبول الفتاة مرغمة بأي رجل قد يدفع عنها وصف "عانس" وتنتهي بالإرتباط بمن لا يناسبها من أجل أن تخرس ألسنة المجتمع فقط لتنضم إلى نادي المتزوجات ولو على حساب حياتها.

وأضافت سمية الصيادي (35 سنة) سيدة اعمال .. أنها تفضل العنوسة لأسباب منها أن المرأة السعودية تكون رهنا دائما لظروف الرجل من الناحية المادية أو الوظيفية و الشباب السعودي باتوا الآن يبحثون عن المرأة الموظفة اكثر من بحثهم عن وظيفة في وقت زادت به نسبة البطالة والعنوسة معا ، فالظروف والأسلوب في التعامل الذي تجده المرأة في هذا الرجل لا يحقق لها الإستقرار النفسي والمادي الذي يقوم عليه الزواج.

من ناحية اخرى ترى شذا عمر (19 سنة) طالبة جامعية ... انها تخشى من العنوسة ولكن فكرة الزواج من رجل لا يوافق توقعاتها تمثل الخوف الأكبر والمجازفة بذلك يعتبر منتهى الغباء من اجل مجتمع لن يرضيه اي شي فهو دائما في انتقاد قبل الزواج وبعد الزواج فهذه حياتي وانا من يختار كيف يعيشها وقرار مثل ذلك لن يتحمل سلبياته الا انا.

وقد اوضحت د.فوزية باشماخ اخصائية نفسية عند اتخاذ قرار الزواج يجب أن يكون مبني على تفكير ناضج واسس منطقية يحتويها التكافؤ بمختلف جوانبه (العمر والتعليم والثقافة والمستوى الإجتماعي) فمن الخطأ أن نبني زواج على العاطفة فقط فوهجها ينطفيء سريعا وتبقى إستمرارية الزواج على الأهداف المشتركة والإندماج السليم الطرفين ، فهناك من الفتيات من اتجهن نحو اعتكاف قرار "لا اتزوج وأغامر بحياتي نحو زواج فاشل" فهذا توجه غير سليم وشاذ على مجتمعنا ومعتقداتنا فيجب ان نكون ايجابيين ونتصرف بنضج في مثل هذه التطرفات ولا يكفي فشل تجارب لفئات معينة ليكون دافع لظهور مثل هذه الأفكار وانتشارها بين فتياتنا وتمسكهم بها بيأس مطلق في إيجاد الزوج المناسب فلكل علاقها صفاتها البيئية والشخصية والظروف المؤثرة بها ودورنا كأولياء امور واكاديميين ومسؤولين احتواء مثل هذه الظواهر ومعالجتها قبل انتشارها وتفشيها بدون سيطرة.
وأخير يبقى ان نقول حرام اننا نقسو على انفسنا ونحملها فوق طاقتنا بإختلاف الأسباب اذا معنوية او مادية ومثلما قال اشرف الخلق تنكح المرأة لأربع، لمالها، ولحسبها، ولجمالها، و لدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك وايضا نقول للفتيات أظفري بذي الدين فلا يكلف الله نفسا الا وسعها.