التواجد العربي على ساحة الأزياء والموضة أصبح لا يختلف عليه اثنين من حيث طموح المصميين وابداعاتهم والإهتمام الإعلامي الكبير الذي وجه أنظاره إلى المرأة العربية وأناقتها ومدى روعتها في أعين أكبر المصممين بالعالم أدى إلى مرحلةٍ اثّرت في تفجر ينابيع من الإبداع في وطنا العربي. فلم يعد التصميم وعالم الأزياء احتكار على الأجانب فقط، بل أصبحنا منافسين بقوة لأكبر الأسماء وأصبحت نجمات العالم يتهافتن لارتداء أجمل التصاميم بتواقيع عربية.
إن مصممي الأزياء الحقيقيين في السعودية قلة جداً برغم وجود أسماء كثيرة ولكن بعضهم لا يتعدون الا أن يكونوا مقلدين لا يملكون مهارات وأساسيات التصميم فيبرزون من خلال تقليد الآخرين ومحاكاتهم، أو بالاعتماد على نماذج معدة من المستورد الخارجي، إضافة إلى ضعف المستوى الفني، ومحدودية استخدام التقانات الجديدة في التصميم، وضعف التدريب والتأهيل، إلا أن الموهبة لا تنقص بعضهم لكن المسألة هي مسألة دعم مادي ووجود جهات منظمة وراعية لصناعة مكلفة عدى عن السماح بحرية التعبير في التصميم واحترام هذه الحرية طالما أنها لا تتعدى العادات والتقاليد وقواعد إسلامنا وهذا يقودنا إلى تسأول هو: عندما يوجد الطموح والموهبة وتنبؤ باكتشاف فنان ما، المانع في تبني هذه المواهب؟ ماهي العقبات التي تتواجد في طريق انطلاقهم نحو العالمية؟ وما الضرر في تشجيعهم؟ لماذا نطفىء أملاً داخل قلوبهم من الممكن أن يكون نوراً يقودهم نحو المجد؟
انتبه هنا عرض أزياء ..ممنوع حرية التعبير في الزي! ممنوع التصوير! شروط مشروطة على العارضات وغيرها من الخطوات حتى يقام عرض أزياء لمصممة أو مصمم ازياء داخل السعودية. حول تحديات حصول المصممين على حرية التعبير في أزيائهم وعارضاتهم وما هي الأسباب الحقيقية للجهات المختصة لرفض المقاومة، نستعرض آراء بعضٍ منهم. ففي النهاية تصميم الأزياء فن وثقافة وحضارة مجتمع. تصاميم مقيدة ومغلغلة بسلاسل الشروط هي ليست بفن وإنما دراسة وهندسة ومعادلات حسابية، الفن فلسفة لا يحكمها إلا الروح.
تقول مصممة العبايات مها الشويل: "من مشاركتي في عدة معارض داخل السعودية وخارجها وجدت أن هناك فارق كبير بين عروض الأزياء من حيث التنظيم والاحترافية فلم أجد في السعودية جدية بالاعتراف بالمصممين واحترافيتهم لذلك لجأت إلى دور العرض بالخارج كمدينة دبي وغيرها لسرعة الإنتشار ووجود منافسة حرة تحكمها قوانين واضحة تحمي الحقوق ورعاية من منظمات مختصة مهمتها التواجد لتنظيم عروض الأزياء فقط ووجود كافة التسهيلات بدايةً من العقود ونهاية بالإنتاجية الممتازة لنا، فمشاركتي 2010 في دبي وضحت لي بأن هناك جهات ترى الأزياء صناعة وليست تجارة فقط وهذا هو الصحيح."
وأضافت الشويل: "أننا نفتقر إلى جهات منظمة تعتبر المصمم من ضمن خطة العرض وليس تحصيل حاصل كما يحدث في البازارات عدى عن انعدام القوانين لحماية تصاميمنا من السرقة والتقليد فالعشوائية تغزو الترتيبات والتوتر سيد الموقف طوال الوقت خوفاً من إلغاء العرض في أي لحظة بدون أي سبب وسأذكر لكم ما حدث في بازار ليلتي بالمدينة المنورة يوم 9/10/11 من شهر June 2010 فقبل العرض بساعتين فقط تمت إزالة كل شيء كأن شيئا لم يكن للعلم. كان عرض أزياء خاص بفساتين سهرة وعبايات بدون أي اختلاط وقد تسبب ذلك بغضب الجميع من المنظمين والمشاركين وما قد تبين فيما بعد أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المدينة المنورة قد قررت إلغاء العرض بدون ذكر أسباب دون مراعاة لوجود مشاركات من جدة وخارج جدة أتو خصيصا للمشاركة وقد تحملو خسائر مادية ومعنوية ووقتية بدون تبرير، وهنا اسأل ما المانع من وجود عرض أزياء طالما هو في بيئة نسائية منغلقة وتتمتع بالخصوصية وعدم الاختلاط مثلها كمثل باقي الأفراح والمناسبات الإجتماعية؟ نحن من بيئة محافظة وعندما أعرض زي غير لائق لعاداتنا وتقاليدنا فأول من سيستنكر ذلك هو مجتمعي فلست بحاجة إلى رقابة تقيدني بعملي فأنا ابنة هذا المجتمع وخير سفيرة له."
وذكرت سمية العربي مصممة سعودية: "أول صعوبة تواجهنا كمصممات سعوديات كيفية الحصول على ترخيص بمزاولة المهنة وافتقارنا لوجود المنظمين للمعارض يكاد يكون معروف لدى الجميع وصعوبة التعاقد مع العارضات تعتبر من أهم التعجيزات لنا ولهم لعدم الإعتراف بمهنيتهم ومدى تأثيرها على الأزياء لذلك نحن كمصممين نختصر جميع هذه الطرق بطريق واحد وهو الإنطلاق من الخارج لوجود الدعم المعنوي في التنظيم والترتيب واحترافية المهنة لنا ولهم."
وأضافت العربي: "هناك من المصممين من يلجأ لإقامة عرض ازياء بالخفاء وبدون علم الجهات بذلك ولكن هذا فيه من الخطورة الكافية لخسارة تزاوله للمهنة وصعوبة إضافة إنجازاته التي بالخفاء إلى سيرتهم الذاتية أو الإعلان عنها وتعريضها للإنتهاك القانوني بدون أي حماية، وأطالب أن تكون هناك سياسة واضحة وصريحة للجميع وخطوط حمراء للمصممين والمنظمين والجهات المسؤولة حتى تنوجد بيئة صحية وسليمة لنمو المواهب ودعمها."
وترى ثريا سعد طالبة أزياء وتصميم للمهنة صعوبات كثيرة كسائر المهن الا أنه عندما يتحول العمل الابداعي كتصميم الازياء إلى مهنة يصبح العمل بها ممتع بجميع صعوباته والتي لا مفر منها ، وأضافت ثريا: "بالنسبة لعرض الأزياء هناك قيود تحكمنا هنا في السعودية للإنطلاق ففي أحد المرات اشتركت بمسابقة بمدينة جدة وعند عرض التصميم تدخلت الجهة المنظمة في شكل التصميم وشرطوا علي عدم المشاركة حتى تغيره لما يعتقدوه من وجهة نظرهم أنه مكشوف جزء بسيط من الساق ولم يكن قصيراً! وقد استأت جداً لأنه إجراءٌ أثر على شكل التصميم تماما وحرمني مني حرية التعبير عن رأيي لهذا لن أفكر أبدا بإنطلاقة من هنا حتى تتغير هذه المعاير."
وختاماً لا وجود للإبتكار بدون وجود المنافسة ولا نستطيع أن ننافس إذا ما تركنا فرصة لهم للتعبير والإبداع والانتقاد البناء لهم والتعلم من أخطائهم لتذوق طعم النجاح، فلنعطي فرصة لتشجيع القطاع الخاص التعليمي في الإستثمار بعلم الأزياء وفنونه ولنقِم الندوات والدورات والمحاضرات الخاصة به ولندعم المنظمات والجهات المسؤولة لتسهيل إجراءات إقامة المشاريع والمعارض الداخلية والخارجية وما المانع في إنشاء نقابة حقيقية وفعلية لمصممي الأزياء بالسعودية؟ نحن أهلٌ بذلك ونسطيع أن نرفع الوعي بفن الأزياء وضرورته في حضارتنا وتطورنا ونمول الدراسات والخطط لتطويره وصناعته. لسنوات طويلة أثبتنا أن الموهبة لا تنقصنا في إظهار تراثنا وتاريخنا وحضارتنا مترجمة على أقمشة مقصوصة تتحرك وتغذي أرواحنا وتحكي قصتنا كما أغنية شرقية نستمتع بسماعها ونغوص في أحلامنا.