تُعد صناعة النجم من أصعب الصناعات في العالم وأصعبها. إنّها علم له أصول وقواعد تُدرَّس في العالم كلّه. لكن في الوطن العربي، لا نحتاج إلى دراسة قوانين هذا العلم، طالما أنّه لدينا هذا الكم الهائل من المكاتب الاعلامية التي تخدم الفنان المغمور وتعده بأن تصنع منه نجماً في غضون عام مقابل ثلاثة آلاف جنيه شهرياً يحصل عليها الصحافي أو الاعلامي صاحب المكتب. في المقابل، نجد نشاطاً غير عادي في نشر صور الممثل المغمور وأخباره... كأنّها ماكينة لا تكف عن الأخبار.
إختراع خبر من "لا خبر" وإستعمال عبارات "التفخيم والتبجيل" كوصف السعادة الكبيرة التي تجتاح الفنان بعد النجاح الذي حقّقه، أو حالة القلق التي يعيشها خوفاً من الحسد... معظم هذه الأخبار لا تصلح لشيء. باختصار، ضجيج تصحبه صورٌ كثيرة مرفقة مع "الخبر". لكنّ الفناّنين يحقّقون تفوقاً ملحوظاً في كمّ ما ينشر عنهم رغم أنّ نشاطهم الحقيقي لا يوازي هذا الكم، وإلا فماذا يعني أن تجد في وقت قياسي لا يتعدى شهراً عشرات الأخبار المنشورة عن مطرب صاعد يجهّز لألبوم جديد تارةً ويحتفل طوراً بنجاح ألبومه الذي لم يسمع به أحد. بل وصل الأمر به إلى توزيع خبرٍ عن وجود "مجنونة أكمل" التي تحاول أن تترك منزلها الزوجي من أجله، رغم أنّه حتى الآن قلة قليلة مَن تعرف أكمل. وتارة أخرى، يستعدّ لدخول مجال تقديم البرامج.
كذلك نجد أخباراً لا حصر لها ترسل يومياً إلى ميلات الصحافيين عن حليمة بولند، ولو كانت هذه الأخبار تتناول موافقتها على الظهور كضيفة في أحد البرامج أو قيامها بجلسة تصوير.
يارا وأخبار أكثر من الأعمال
كذلك، لا يوجد تفسير لكمّ الأخبار المنشور عن يارا أسبوعياً في الصحف والمجلات رغم أنّه إذا بحثنا جيداً، سوف نجد أنّ نشاط يارا الفني يراوح عند الدويتو الذي قدّمته مع راشد الماجد في شباط (فبراير) الماضي. مع ذلك، نجد مكتب الدعاية الخاصة بها يوافينا دوماً بـ"جديد النجمة يارا" الذي لا يحمل جديداً مثل إستعدادها لتصوير كليب "شفتو من بعيد" في أول آذار (مارس). ثم بعد أيام قليلة، يوافينا المكتب بخبرٍ عن الكليب مع صور له ونشرةٍ فخمة جداً وكلام أكثر فخامةً، يوحي لك بأنّ يارا "فتحت عكا" بفستانها الأحمر في كليب "شفتوا من بعيد". ويلجأ المكتب في الخبر إلى وصف الأجواء الرومانسية والمرح التي أحاطت بتصوير الكليب. وحين نخال أنّ نشاط يارا توقّف، يوردنا المكتب بعد أيام قليلة بخبر حفلتها مع فضل شاكر في أحد فنادق لبنان، وبعد يومين يصلنا خبرٌ عن الحزن الشديد الذي تعيشه بسبب إلغاء الحفلة، وسطر عابر عن مرض فضل شاكر الذي تسبّب في إلغاء الحفلة واستطراد في وصف الحالة السيئة التي تعيشها النجمة المحبوبة، وإنهماكها في عملها كي تفاجئ جمهورها بكل جديد. ثم بعد عشرة أيام، يصلنا خبرٌ عن أغنيتها "صدفة" التي احتلت المركز الثاني في استفتاء مجلة "لها"، وبعد ذلك بأسبوع، خبر آخر عن مشاركتها في حلقة وصفت بالاستثنائية ـ لأسباب مجهولة في الحقيقة ـ من برنامج "تارتاتا" فـ "ختامها كان مسكاً مع النجمة اللبنانية يارا".
صفاء سلطان وسباق السيارات
أما "النجمة" صفاء سلطان كما يرد في بيانات مكتبها الإعلامي، فأنشطتها تتلخّص في مشاركتها في سباق السيارات في سوريا، واحتفالها مع أطفال دمشق من ذوي الاحتياجات الخاصة باعتبارهم "شعلة حياتنا ونور دربنا" كما ورد في البيان، واحتفالها أيضاً بعيد ميلادها الذي فاجأها به أصدقاؤها بالحضور، ثم خمسة أخبار أخرى عن رحلات ذهابها وإيابها من لبنان لتصوير مسلسلها "ياصديقي" مع "الفنان محمد رياض". وفي كل مرة، هناك تصريحات مؤثرة "للنجمة المحبوبة" حول تأثرها بمحبة أصدقائها في عيد ميلادها، وإندهاشها من براءة الأطفال، وحبّها لقيادة السيارات.
جومانة مراد ونجاحات لا يراها أحد
جومانة مراد أيضاً تشغل الجميع بأخبار نجاحاتها التي يبدو أن لا أحد غيرها يراها. هي دوماً "تنفي الشائعات وتسطر النجاحات"، وتبدي إستغرابها من ملاحقة الصحافة لها بأخبار ملفّقة عن علاقتها الشخصية. ثم تردنا عشرات الأخبار عن مشاركتها في "مهرجان مسقط"، وثلاثة عن مسلسلها "رجال مطلوبون"، حيث يتم التركيز دوماً على الحالة النفسية لجومانة مراد وعلى إنطباعاتها. ونادراً ما نجد معلومةً جديدةً في الخبر. أضف إلى كل ذلك مجموعةَ أخبار أخرى تصلنا من مكاتب الفنانين المغمورين أمثال حسناء سيف الدين التي لا تنقطع أخبارها وغادة ابراهيم وحورية فرغلي التي ظهرت في دور شقيقة غادة عبد الرازق في فيلم "حين ميسرة" للمخرج خالد يوسف، ومن يومها لم تنقطع أخبارها ولا صورها عن الصحف والمجلات...
الناقد طارق الشناوي: لا أنشر أي بيان
يعلّق الناقد الفني طارق الشناوي على هذه البيانات، قائلاً: "تصلني على بريدي الإلكتروني عشرات الأخبار التي يرسلها لي الصحافيّون ممن يعملون لحساب النجوم مقابل مبالغ معينة. بعض هؤلاء الفنانين قد يكونون بلا أهمية، لكني أفاجأ لاحقاً بصورهم وأخبارهم تملأ الصحف والمجلات بالصيغة نفسها التي وصلني بها الخبر على الميل. وهي ظاهرة أصبحت تعلن عن نفسها بشدّة في الفترة الأخيرة، وهي خطأ يقع فيه المسؤول عن الصفحة والصحافي نفسه الذي يوافق على نشر هذه الأخبار.
ماجدة خير الله: نشر البيان تورط!
أما الناقدة الفنية ماجدة خير الله، فتؤيد كلام طارق الشناوي، مؤكًدة على أنّها لا تهتم بنشر هذه الأخبار وتتّهم المحرر بالخطأ والتورط في نشر أخبارٍ مماثلة. وتشير إلى أنّ هؤلاء المسؤولين الإعلاميّين يبيعون الهواء للصحافيين، مضيفةً: "المشكلة أن الصحافيّين يشترون الهواء طالما أنّهم سيجدون مادةً جاهزةً بالصور لنشرها، وهو ما يعلِّمهم الكسل".
المزيد على أنا زهرة: