يتأرجح هشام الحاج بين الغياب والحضور. على رغم غيابه أحياناً لفترة طويلة، سرعان ما يعود بعمل متميز، وتحظى أعماله بنجاح على الساحة الفنية. مؤخراً، حقّق دويتو "بلدنا" الذي جمعه بالفنانة المصرية أمينة، نجاحاً يُحسب له. علماً بأنّ بعضهم انتقد العمل بسبب إقحام مقطع من أغنية "الحنطور" لأمينة في العمل، هذه الأغنية التي تعرّضت لهجوم عنيف حين أدّتها أمينة في مصر، واعتبرت يومها بأنّها تحمل إيحاءات جنسية. هشام وكما صرح لـ "أنا زهرة" أعاد اكتشاف أمينة كمطربة من جديد، ولا يخفي تردّده في البداية من مشاركة الفنانة المصريّة الغناء.
سألت أمينة عن معنى "اتحنطر"
خلال حديثه عن أمينة، قال هشام: "أريد أن أنوّه بأنّ الفنان يمر بمراحل كثيرة خلال مسيرته. بالنسبة إلى أمينة، دخلت الساحة الفنية باللون الشعبي المصري وانتقدها بعضهم، فيما أحبّها آخرون. وقد شاهدتُ بأم العين مدى جماهيريّتها في مصر. وتابع: "لست في صدد الدفاع عن أمينة. أملك رأيي الخاص في موضوع "الحنطور" الذي قد يكون مناقضاً لرأي الناس. الحنطور وسيلة مواصلات في مصر. وسوف أعطيك مثلاً: حين قدّم الرحابنة في إحدى المسرحيات أغنية "عاهدير البوسطة" وتخلّلتها كلمات "واحد عم ياكل خس، وواحد عم ياكل تين، وفي واحد هوي ومرتو، ولو شو بشعة مرتو"، صرنا نردّد هذه الكلمات.
وحين قلنا له بأنّ المقارنة لا تجوز هنا، والرحابنة لم يقولوا يوماً "واتحنطر"، أجاب: "اللغة العربية تمعن في أكثر من مفهوم. لذلك، لا يجب أن نذهب إلى المعنى السيء لـ "اتحنطر". اتحنطر تعني أتمايل وأتراقص. وقد سألتُ "المخلوقة" السؤال نفسه الذي طرحتِه الآن عليّ، وقلت لها: "مامعنى اتحنطر!".
إكتشاف أمينة من جديد
وعن سبب إختيار أمينة لمشاركته الدويتو، قال: "أريد أن أوضح أمراً. أنا لا أنظر إلى ما غنّته أمينة من قبل. اليوم، أنظر إلى دويتو "بلدنا" كعمل كان يتطلّب صوتاً قوياً يقف معي. وعندما طرح عليّ السيد لويس مشعلاني مدير "شركة الفارس للإنتاج الفني" اسم أمينة، لا أنكر أنّي "نقزت" لأنّي خفت من الموضوع ذاته الذي تطرحينه عليّ اليوم، وخصوصاً أن العمل يتكلم عن لبنان ومصر. لكن عندما سمعت أمينة تغني "الحنطور" و"غير الحنطور"، وجدت أنّ صوتها رائع. لم أتوقّف كثيراً عند موضوع "الحنطور" لأنّ صوتها يتناسب مع صوتي، والعمل اليوم يتكلّم عن نفسه. لا أريد أن اقول إنّي قيّمتُ صوتها، لكنني اطّلعتُ على قدراتها في الغناء. وقلت لأمينة بكل صراحة بأنّني أخرجتُ من داخلها مطربةً دفينةً، وسيفاجأ الناس بها. وأنا سعيد بذلك. وهي اليوم صارت تعرف قيمة صوتها أكثر من ذي قبل.
كنتُ أتمنى أن يكون لدى أمينة أغنية غير "الحنطور"
وعن إقحام مقطع من أغنية "الحنطور" بعد مقطع من أغنية لأم كلثوم أدّته أمينة بشكل جميل جداً في الدويتو، ما أثار استياء بعضهم، خصوصاً أنّ أمينة تقول في الأغنية: "طب اسمع بقه"، يؤكد الحاج أنّه وصله هذا الإنتقاد من أشخاص عديدين. وأضاف: "لكن دعيني أوضح أمراً للرأي العام. ليس كل شيء فكرنا فيه، يمكن أن يعرفه الناس. الأغنية تتكلم عن حقبات زمنية مختلفة، وبدأنا بتاريخ لبنان، وقلعة بعلبك، وفخر الدين والفينيقيين، وصولاً إلى "الحنطور". وكنا نريد أغنيةً تمثّل الجيل الذي تنتمي إليه أمينة حتى تصل إلى جيل الشباب. والمقصود بجملة "اسمع بقه" التي قالتها أمينة، "اسمع أنا ماذا غنيت"". وتابع هشام: من دون شك، كنت أتمنّى أن تكون لدى أمينة أغنية غير "الحنطور"، لكنّ هذه الأغنية هي التي كانت ضاربةً لديها في العالم العربي، ولم نستطع أن ندخل أغنيةً غيرها في الدويتو. ولديها أغنية "أخيراً اتزوجت" لكنّها لا تناسب جوّ الدويتو. ولا أخفي بأنّي أصبتُ بالحرج من هذا الموضوع. لكنّ أغنية "الحنطور" تمثّل الحقبة التي نعيشها. والذين انتقدوا ذلك، يملكون الحقّ في ذلك. لكن لا يجوز المقارنة بهذه الطريقة. لبنان غني على حدة ومصر أيضاً. ويوجد فاصل بين حقبة وأخرى، وأردنا التنويع في الدويتو الذي يُعد أربع أغنيات في واحدة.
ترطيب الأجواء بين مصر ولبنان
هشام أعرب عن سعادته حين قيل له إنّ دويتو "بلدنا" رطّب الأجواء بين مصر ولبنان. إذ تزامن صدوره مع أزمة "كترمايا" الشهيرة، حين قام أهل البلدة اللبنانية بسحل مواطن مصري متهم بجريدة قتل ارتكبها ضد عائلة في البلدة. يقول عباس: "نحن ومصر لم يكن بيننا يوماً خلافٌ سياسي أو شعبي. بل قبل التاريخ، يوجد تواصل بيننا خصوصاً في مجال الفنّ من أيام وديع الصافي الذي غنّى لعبد الوهاب وغيره. الفنون هي جسر بين الشعوب، وسعيد بأن تكون الأغنية تلطيفاً للأجواء، لأنّ لبنان ومصر بلدان عربيّان ومنبران للفنون.
"عتبان ونص"
لا يخفي هشام الحاج عتبه على وزاة السياحة اللبنانية التي منعته من تصوير الكليب الخاص بالعمل في قلعة بعلبك. وقال: "عتبان ونص" ولن اتراجع عن كلامي، فالعتب على قدر المحبة وعلى قدر ما يحمل العمل من قيمةٍ فنيةٍ بالنسبة إليّ ولوطني. العمل يحمل عنوان "بلدنا" وبعلبك هي أمي وجبل صنين هو أبي. كان يُفترض بالجهات المعنية التي هي وزارة السياحة والثقافة أن توافق على طلبي، رغم أنّه استغرقني وقت كي أعرف مَن هي الجهة المخوّلة الموافقة على التصوير. تكلّمنا مع وزارتين ومع المديرة العامة للآثار، ولم نصل إلى جواب.
رقص هشام عباس على أعمدة بعلبك ولم يعترض أحد
لا يخفي هشام الحاج حسرته بأنّه صوّر أغنيته خارج قلعة بعلبك التي منع من التصوير بداخلها، في حين أنّ المطرب المصري هشام عبّاس صوّر منذ عشر سنوات أغنية "حبيبي ده" في القلعة، ولم تكن أغنية تتحدث عن لبنان ومصر. وأضاف: "رقص هشام عباس على أعمدة بعلبك ولم يقل له أحد شيئاً. كان سؤالي فقط لماذا سمحوا لغيري بالتصوير في بعلبك ومُنعت أنا من ذلك! أجابوني بأنّ القانون تغيّر". وأضاف: "من خلال "أنا زهرة"، أريد أن أوجّه رسالةً إلى الجهات المعنية، سواء كانت وزارة السياحة أو الآثار، أن تسمح لنا بإبداء رأينا كفنانين ومواطنين. يفترض أن تكون هناك لجنة تقييم لأي عمل سيتم تصويره في بعلبك، سواء كان لي أو لغيري من الزملاء. عندما نقدّم عملاً يتغنّى بالوطن وهو للتاريخ، يجب أن يمنحونا تصريحاً بالتصوير لأنّه لم يكن هدفي "اللعب" في القلعة. وأنا كفنان لبناني، بعلبك هي ملكي وملك أي مواطن لبناني، ونحن مع احتضان هذه الآثار والمحافظة عليها. وكنت أتمنّى أن أصورّ داخل القلعة، لكن للأسف صوّرنا من الخارج. وكنت أقف أمام أحد جدران القلعة المهدَّمة على عكس أمينة التي دخلت الأهرامات، وصعدت إلى رأس الهرم، وتغنّت ببلدها. وفوجئت بأنّ الأمور ليس معقّدة في مصر، إذ هناك رسوم تُدفع للدولة المصرية، فتمنح تصاريح التصوير.
مغيّب منذ 15 عاماً
هشام الحاج الذي تخرّج من "أستديو الفن" منذ 17 عاماً، يبدو غائباً عن ذاكرة الجوائز والمهرجانات في لبنان. وعن جوائز الـ "موركس دور"، علّق قائلاً: "أنا مغيّب في أمكنة كثيرة منذ أكثر من 15 عاماً. بعد "استديو الفن 95"، بدأت فعلياً بأول ألبوم لي. ومن دون شك، هناك جهات نافذة في وسائل الإعلام تتعمّد تغييبي، ولن أدخل في التفاصيل. لكن "الله يوفق مَن يأخذ جوائز". وإذا كانوا يرون أنّي لا استحقّ جائزةً، "انشالله" يأتي يوم وأستحقّها. أما إذا كانوا يرون أنّي أستحق جائزة وحجبوها، فليسامحهم الله. الجائزة الحقيقيّة هي الإستمرارية، ومحبة الناس ونجاح أعمالي.
وكحال الجوائز، يبدو هشام غائباً عن حفلات لبنان ومهرجاناته مثل عدد كبير من الفنانين المحليّين. إذ تفضّل هذه المهرجانات استقدام الفنانين الأجانب. ويضم الحاج صوته إلى صوت كارول سماحة التي صرّحت بأنه توجد مافيا للحفلات في لبنان. إذ قال "أشبّه موضوع الحفلات بفريسة هجم عليها الوحوش "بياكلوا اللحم ويتركوا العظم". على أي حال، نحن متواجدون في حفلات وأعراس، ولدي جولة في الأردن وسوريا والمغرب.
وسيشارك هشام الحاج هذا العام في مسلسل رمضاني من خلال وضع صوته على أغنية "المسار" في المسلسل السوري "بقع سوداء". وقد أشار لـ "أنا زهرة" إلى أنّ القائمين على المسلسلات الرمضانية، صاروا يفضّلون أن تغنّي أصواتٌ جميلة شارة العمل، وخصوصاً أنّ أغنيات المسلسلات تحتوي على أحاسيس تمسّ القلب وتنجح. وأكد على أنّه أحب مسلسل "الدالي"، وتابعه بسبب قيام الفنان وائل جسار بغناء مقدّمة العمل.