إضافة إلى كونها واحدة من أفراد الهيئة التعليمية في «جامعة الأزهر»، تشغل الداعية الدكتورة سعاد صالح منصب رئيس لجنة قضايا المرأة في «المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية» في مصر، إضافة إلى كونها عضو «المجلس الأوروبي للإفتاء» وعضو «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين».
هي واحدة من النساء القلائل اللواتي يحرصن دوماً على الذود بكل ما يملكن للدفاع عن قناعاتهن الدينية، التي كثيراً ما تأتي مخالفة لما اتفق عليه الجمهور. فهي دوماً مخالفة في آرائها، جريئة في طروحها، قوية في الدفاع عنها.
• لماذا تصفك وسائل الاعلام بالداعية المثيرة للجدل؟
- لست مثيرة للجدل كما يدعون. لكن الأمر أنني جريئة في الحق، ولا أخاف أحداً غير الخالق. لذلك، حينما تصدر عني فتوى ويتبين لي بعد ذلك خطؤها، لا أتوانى عن مراجعة نفسي واستشارة من هم أعلم مني في المسألة.
وبمجرد تيقني من خطئي، أسارع إلى إعلان رجوعي عن الفتوى وأحرص على أن يصل موقفي إلى كل من وصلت إليه فتواي. وأذكر أنه ذات مرة صدرت عني فتوى رداً على سؤال لأحد الأزواج لا تنجب زوجته، وكان يرغب في إشعارها بالأمان، وبأنه لن يتزوج بعدها، فأراد تعقيم نفسه، وكان يسأل عن حكم الشرع في ذلك، فأفتيت له قائلة: إنه من باب الوفاء لزوجتك يجوز أن تعقم نفسك، إلا أنني راجعت نفسي في الفتوى بعد ذلك، لما تنطوي عليه من تحريم لما أحل الله، وتراجعت عن رأيي، وأعلنت ذلك بكل جرأة.
• ما صحة ما أثير حولك مؤخراً من رفضك مسألة ترشيح قبطي للرئاسة بحجة أنه كافر؟
- أنا لم أكفر الأقباط أبداً، بل لم أتفوه بما ينطوي على إساءة للمسيحيين، لأني أكن كل الحب للإخوة الأقباط وهم على صلة جيدة بي.
ولا يمكن أن أفتي بتكفير أي قبطي، وإن محاولة الزج بي في مثل هذه الأمور استهدفت «حزب الوفد» والمستفيد الوحيد منها، هو المعارضون للحزب ولرئيسه الدكتور السيد البدوي.
ما قلته كان في معرض تولي الخلافة، وأن نظام الخلافة اندثر، وتحول الأمر إلى دولة مؤسسات، وعليه يصبح للمسيحي حق تولي رئاسة شؤون الدولة، بينما يظل التحريم متعلقاً بالخلافة، فالأمر كان في حاجة إلى توضيح المواءمة.
• لماذا رفضت الحكومة طلبك الخاص تعيين مفتية للنساء؟
- يرجع هذا الأمر لسنوات عدة خلت، عندما تقدمت للمفتي بطلب يقضي بضرورة إفساح مجال للمرأة في الإفتاء، وذلك بأن تخصص لها وظيفة في دار الإفتاء، لما للدار من ثقة واطمئنان لدى الناس، بحيث تكون موظفة في أيام معينة وتكون من دون مقابل مادي.
لكن الطلب تم رفضه بسبب عادات وتقاليد تنبع من ذكورية المجتمع المصري، الذي ينظر إلى المرأة على أنها خلقت لكي تكون أماً وزوجة، وأن صوتها عورة وجلوسها مع الرجال عورة، لكني أكدت متفائلة بتولي الدكتور أحمد الطيب مشيخة «الأزهر الشريف».
• ماذا عن فتوى إلزام الزوج بضرورة استئذان زوجته قبل السفر؟
- هذه الفتوى تعتمد في حيثياتها على أحد الأبحاث التي قمت بها لفترة طويلة، خلال الفترة التي توليت فيها عمادة «كلية الدراسات الإسلامية للبنات» في «جامعة الأزهر»، حيث توصلت من خلالها إلى أن المرأة تتضرر من غياب زوجها المستمر، وهجره لها وعدم إنفاقه عليها، وأن العنف داخل الأسرة سببه الأساسي غياب الزوج مادياً أو معنوياً، وأن غياب الرجل عن أبنائه، حتى وإن أغدق عليهم المال، فإنهم معرضون للانحراف، وفضلاً عن أن فقدان المرأة زوجها بما لديها من غرائز داخلية واحتياجات أنثوية، يعرضها للوقوع في انحرافات أخلاقية.
كما أن الشريعة الإسلامية أقرت حق المرأة في رفض سفر زوجها، وأن الإذن للزوج بالسفر حق من حقوقها، حيث يقول تعالى في سورة البقرة: }..ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف..{ البقرة/228، ومعنى الآية هنا: أن للمرأة ما للرجال من حقوق وعواطف وكرامة وغرائز إنسانية، وبما أن حق الزوج أن تستأذنه، فإن حقها أن تأذن له بالسفر.
وأنا أرجعت هذا التفسير إلى اعتقادي أن العبرة في القرآن في فهم سر النصوص والأيات، وليس بحفظها فقط من دون معرفة مدلولاتها. لذلك، فإن الغوص في معنى هذه الآيات، كفيل بتأكيد صحة هذه الفتوى.
• كأنك مع مطالب منظمات حقوق المرأة التي تدعو إلى المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة؟
- أنا لست مع هذه المطالب، لأنه بمقتضى الفطرة والطبيعة الإنسانية لكل من الرجل والمرأة خصائص يختص بها كل منهما دون الآخر. وقد جاءت هذه الخصائص مناسبة ومتناسقة مع دور كل منهما في الحياة.
لذلك، فإن الاختلاف أمر فطري غير قابل للتعديل، لأن إقرار هذه المساواة المطلقة المزعومة لن يترتب عليه الارتقاء بالمرأة، بل سيؤدي إلى مزيد من الصراع بين الرجل والمرأة، ومن ثم تتحول الحياة البشرية إلى أشبه ما يكون بميدان للقتال.
كما أن هذه المساواة فيها ظلم للمرأة، لأن الله تعالى قد خلقها على خصائص مغايرة لخصائص الرجل. فكيف إذن نطالب بالمساواة، وهي ليست في مصلحة المرأة؟ فنحن لسنا مع المساواة التي تؤدي إلى التماثل، ولكننا مع العدالة التي تؤدي إلى التعاون.