استطاع مهرجان "أيام بيروت السينمائية" تحقيق قفزة نوعية في دورته السادسة من خلال نوعية الأفلام المشاركة في هذا العام. هو الذي انطلق في عام 2001 ليقام مرة كل سنتين في محاولة لتقديم سينما عربية ذات نزعة مستقلة، يغلب عليها الطابع التجريبي والرؤى المغايرة.

بدأ افتتاح المهرجان مع الفيلم الروائي الأول للمخرجة اللبنانية ديمة الحر بعنوان "كل يوم عيد". علماً أنه سبق وشارك في مهرجانات دبي وروما وتورنتو. وهو من إنتاج فرنسي ــ ألماني. ويروي قصة ثلاث نساء لا يعرفن بعضهن، يركبن حافلة واحدة، باتجاه سجن الرجال، الواقع في منطقة لبنانية نائية. وخلال هذه الرحلة، تحاول كل واحدة البحث عن استقلالها الذاتي.

بالإضافة إلى هذا الفيلم، تعرض باقي الأفلام المشاركة في صالة "متروبوليس، أمبير صوفيل" في منطقة الأشرفية لمدة عشرة أيام بدءاً من 16 أيلول (سبتمبر) حتى 26 من الشهر نفسه. وخلال هذه الفترة، يتسنى لمتابعي السينما الوثائقية والروائية "الجادة" أو "النخبوية" الإطلاع على ثلاثين فيلماً مختلفاً عن الأفلام التجارية التي سبق عرض معظمها في مهرجانات دولية.

ولعل أهم الأفلام الوثائقية المعروضة في المهرجان للمخرج محمد علي الأتاسي بعنوان "في انتظار أبو زيد"، الحاصل على جوائز في مهرجان مرسيليا، ويتطرق إلى حياة المفكر المصري الراحل نصر حامد أبو زيد.

أما الأفلام القصيرة المشاركة في المهرجان فهي كثيرة مثل "بيروت إكسبرس"، و"«قراقوز"، و"إلى بطن الحوت"، و"الطابور الخامس". فيما يختتم المهرجان عروضه بيوم سيخصص للسينما الفلسطينية، وسيتيح للجمهور متابعة عدد من الأفلام الفلسطينية بفضل التعاون بين "مهرجان أيام بيروت السينمائية" و"مهرجان فلسطين في السينما الجديدة".

ومن بين الأفلام المهمة التي يعرضها المهرجان هذا العام الوثائقي "يهود لبنان: الولاء لمن؟" للصحافية ندى عبد الصمد. وهو من إنتاج لبناني ـ إنكليزي. ويتحدث عن يهود لبنان الذين غادروه إلى وجهات مختلفة. وقد تم تصوير الفيلم في المكسيك وكندا وبيروت وصيدا في المناطق التي أقام فيها اليهود.

أما ختام المهرجان في 25 أيلول (سبتمبر) فسيكون مع فيلم "كارلوس" للمخرج الفرنسي أوليفييه أساياس الذي صُوِّر معظم مشاهده في بيروت ضمن تظاهرة "نظرة الى العالم العربي". وبالطبع، يتطرق الفيلم إلى حياة الفنزويلي الشهير "كارلوس" الذي اتهم بالإرهاب بسبب مناصرته في السبعينات والثمانينات للفلسطينيين ثم التحاقه بالجيش الأحمر الياباني، ثم تشكيله منظمة خاصة به. وقد ثار كارلوس من سجنه الفرنسي على الفيلم وأقام دعوى قضائية ضده، معتبراً أنه لا يسيء له فقط، وإنّما للقضية الفلسطينية وللكثير من المناضلين الفلسطينيين والعرب.

من ناحية أخرى، كرّم المهرجان المخرج الفلسطيني ميشال خليفي على مجمل أعماله مثل "الزنديق" و"الذاكرة الخصبة". وفي البرنامج عروض لأفلام روائية طويلة، من "حراقة" لمرزاق علواش، و"قبلة" لطارق تيغيا، إلى "ابن بابل" لمحمد الدراجي، وأخرى وثائقية مثل "بحبك يا وحش" لمحمد سويد، و"صداع" لرائد أنضوني، بالإضافة إلى "شيوعيين كنّا" لماهر أبي سمرا.

ووفاء لذاكرة السينما العربية والمحلية، يعرض المهرجان أفلاماً من تراث السينما العربية، مثل الفيلم الجزائري ـ اللبناني "نهلة" للجزائري فاروق بلوفة الذي يعرض للمرة الأولى في لبنان بعد 30 عاماً من تصويره.

وعلى رغم الأفلام المتميزة المشاركة هذا العام في المهرجان، إلا أن هناك مخاوف من عدم قدرة إدارته على الاستمرار في الدورات المقبلة بسبب الصعوبات المالية التي يعانيها. ففي عام 2004، عرض المهرجان 130 فيلماً، لينخفض العدد إلى 60 فيلماً عام 2006 ثم يصل إلى ثلاثين هذا العام.

وأرجعت الإدارة الأمر إلى الأزمة المالية العالمية التي أثّرت في الجهات الغربية المانحة للمهرجان، ولم تعد ترى في دعم النشاطات الثقافية اللبنانية أولويةً أساسيةً، فآثرت توفير دعمها المادي إلى أجل غير مسمى!