لا تعتبر المذيعة اللبنانية ماريا معلوف أنّ غيابها لفترة عن ساحة البرامج السياسية قد يؤثر في تواجدها، كونها تجاوزت مرحلة البدايات وصناعة الاسم. وهي لا يهمّها الظهور على الشاشة لمجرد التواجد بمقدار ما يعني لها مضمون الحلقة التي تقدمها ومدى تأثيرها في الرأي العام. ماريا معلوف في حوار لـ "أنا زهرة":
بداية، أخبرينا عن كل ما حصل معك منذ قرارك العمل مع جهات ليبية ثم تبرّؤك من محطة "المتوسط". هل سوء طالع أم تسرّع في اتخاذ قرار؟
لا أشعر أنّه سوء طالع. أعتقد أنّني كنت أحتاج إلى فترة استراحة. ولا أشعر أني تسرعت في قراري لأنّي عادة أدرس جيداً القرار قبل اتخاذه، وخصوصاً عندما تكون هناك عواقب سيئة أتحمّل مسؤوليتها و"بكون عاملة حساب"، وخصوصاً أنّه لا يوجد إعلامي يتجرأ ويعمل مع الليبيين. يوجد "ريسك كبير" ومغامرة. لكن مهما كانت عواقبها، فإنّها لا تؤثر فيّ لأنّي تخطيت مرحلة البدايات ومرحلة صناعة الاسم وإثبات الوجود.
وماذا عن مرحلة الخوف على الاسم؟
لم أتأثر. على العكس, لقد صُنِّفت من أغلى الإعلاميات. وكلّما مرّت مدة طويلة على الإعلامي في هذا المجال، كلما صارت خطواته أثقل ومحسوبة أكثر.
لكن الغياب ينعكس على حضورك في المشهد الإعلامي؟
عملي ثبّت وجودي، وماريا معلوف اسم اشتهر بالمشاكسة وبإعلام بلا حدود ولا رقيب. وليس خطأ أن تحصل بعض الظروف تجعل الاعلامي يأخذ هدنة. أنا لا أراها سلبية لأنني يمكن أن أقدّم حلقة واحدة في السنة، تكون "سكوب" تساوي ظهوراً يومياً أسبوعياً. أنا الآن أعمل في قناة "المحور" المصرية، وقد أطلّ بعد شهر أو ثلاثة، أو لا أطل. هذا لا يعني غياباً ولا تعريض اسمي للخطر إلى درجة أبلغ مرحلة اللاعودة. هناك مهلة سنة أو سنتان يمكن للإعلامي أن يغيب خلالهما. المهم أن يعود قوياً.
عندما يغيب، يصبح في طي النسيان؟
يعيش على تاريخه. على الأقل، لديه إنجازات يتذكره الناس بها. والناس يذكرون حلقاتي المهمة. يوجد الآن أشخاص يظهرون "بلا طعمة" ويدخلون في دائرة التكرار. وإذا كنتِ ستضعينني في مصاف الإعلاميين اللبنانيين في البرامج السياسية، فكل الضيوف يتكرّرون في كل البرامج وفي كل المحطات وفي الأجواء نفسها، وفي تمرير الرسائل نفسها. وكما قلت عندما يكبر الإعلامي، تصبح خطواته أثقل ويصير انتقائياً. لا يعنيني الظهور بقدر ما يعنيني محتوى الحلقة التي ستظهر. وعموماً، أسجل حالياً حلقات استعداداً لدورة البرامج الجديدة. سجلت حلقة مع بسام أبو شريف، ووزير الري المصري عن دول حوض النيل، ومع رامي عليق عن كتابه "طريق النحل". وهناك حلقات في تونس، وحلقة من سلطنة عمان، ولدينا جولة أوروبية.
أليس من المبكر أن تعيشي على تاريخك؟
أنا أجبت على سؤالك. حتى لو يحن أوان اعتزالي، سيأتي يوم يسألني صحافي عن سبب اعتزالي باكراً. وهذا سؤال يطرح على أي إعلامي لأنّ المهنة مرتبطة بقناة، وبوجه يطل على الشاشة. وأنا من الأساس لم أركز على أن أكون وجهاً إعلامياً أطل على الشاشة فقط. أنا أؤمن بالقلم وبالكتابة، وأن تكوني على أرض صلبة وليس أن أعيش "الفوبيا"، ووهم الشهرة والمجد الباطل. هذا كلّه لا يعنيني. ولديّ كتاب عن المهدي المنتظر بعنوان "الإمام.. الخلافة.. العودة.. الانتظار" سيصدر قريباً.
هل تضعين عمراً محدداً للاعتزال؟
مشروعي الأخير محطة فضائية لا مكان فيها لفكرة الإعتزال، وليس بالضرورة أن يكون لديّ فيها برنامج يومي أو أسبوعي. أنا الآن في مرحلة أركزّ فيها على منح معنى عميق لكل حلقة. أعتقد أنّ النضج الإعلامي الذي وصلتُ إليه، يعطي مزيداً من الثقة في النفس والثقة في العمل والطريقة التي يجب أن يقدم فيها والنتيجة التي يصل إليها.
قلت إنّ العمل مع الليبيين مغامرة. كذلك الدخول إلى قناة مصرية يعتبر مغامرة أكبر؟
لقد أحدثتُ خرقاً باعتراف الصحافة، والمجازفة كانت مشتركة من صاحب المحطة ومني بشكل أساسي. وهم كانوا يريدون انفتاحاً عربياً واختاروا إعلامية متخصصة في هذا الشأن. الخرق الذي قمت به ليس أمراً سهلاً. كنت كأني آتية لآكل لقمة الآخرين أو أتعدّى على كار الآخرين، علماً بأنّه طوالي عملي في محطات لبنانية على مدى ثماني سنوات، كان لديّ فريق عمل يضم مصريين. واستضفتُ شخصيات من مصر وكنت معروفة مصرياً، لذلك اختاروني.
صرّحت في الصحف المصرية بأنّ وفاء الكيلاني أخذت اسم برنامجك "بلا رقيب"؟
هم سألوني عن "بدون رقابة" و"بلا رقيب"، فقلت لهم إنّهما يدلان على المعنى نفسه. وسبق أن أخذ اسم برنامجيّ "في الممنوع" و"بلا حدود". وهذا دليل نجاح. ليست لدي مشكلة. وأصلاً برنامج وفاء الكيلاني فنّي ومختلف تماماً لا يشبه "بلا رقيب"، وكما يقال شتان بين الثرى والثريا. ليس هناك من مجال للمقارنة لأنّ برنامجي يتابعه أمراء ورؤساء دول مؤثرون في العالم السياسي والعلاقات الدولية والعربية. وأُخذ الأسم لكي يعطي إثارة. والاسم حلو، ويسعدني ذلك ولم أقل شيئاً.
هل تشاهدين برنامج وفاء الكيلاني؟
عندما أكون أتنقّل بين القنوات، أشاهد قليلاً منه لكنّه لا يدخل في دائرة اهتماماتي. وهو ليس من البرامج التي أتابعها. أتابع "العربية" و"الجزيرة" والمقابلات الجادة.
على سبيل الترفيه وبعيداً عن السياسة، ماذا تتابعين؟
لا أتابع البرامج الحوارية لأنّها تعتمد على الفضائح ولا أحبّ ذلك. عندما أريد الترفيه عن نفسي، ألعب "آي باد" لأنّها تنمّي الصبر والذاكرة. وأتابع المسلسلات التركية، وأعترف للمرة الأولى أنّني أتابع مسلسل "العشق الممنوع".
هل تقبلين بالظهور مع وفاء الكيلاني؟
إذا كانت تستضيف إعلاميين، ليست لدي مشكلة. لكنّني أرفض وجود فنانة معي. فقد سبق أن دعتني منى أبو حمزة إلى برنامج "حديث البلد" ورفضت لأنّ أجواء البرامج تضمّ الأغاني والفنانين. وأنا لا أستطيع أن أكون في برنامج وهناك فنانة إلى جانبي.
هل لديك شروط للظهور في "بدون رقابة"؟
لا أريد أن أتكلم عن برنامج شخص محدد. لكن بشكل عام، لا أحبّ البرامج التي تتطرق إلى الأمور الشخصية. صحيح أنّها تسلّي الناس وتجلب إعلانات، لكنها ليست هادفة ولا تعطيك حقك كإنسانة تقدّمين شيئاً جميلاً.
لكن هذه البرامج تتمتّع بجماهيرية كبيرة؟
يمكن أن أظهر مع وفاء، لكنّني أضع خطة الأسئلة لأني أنا "إيميج". أنا ليس هدفي الجماهير والتركيز على نقاط تافهة تسلّي الناس، بل النخبة والقرار السياسي، والأمور الأعمق والأنضج والأبقى والأقوى.
المزيد على أنا زهرة: