فارقت المجال الطبي مودّعةً مهنة الصيدلة بعدما عشقت مهنة المتاعب، فعملت مقدمةً في التلفزيون السعودي في القناة الأولى. نشوى السكري وجه إعلامي لصيق بالجمهور السعودي الذي اعتاد رؤيتها في المجالات السياسية تارةً، والقضايا المتعلقة بالمرأة طوراً.

 

بدايةً، ما قصة قاتل سوزان تميم في حياة نشوى السكري؟
كنت أجري لقاء صحافياً لصالح إحدى المجلات، وإذا بالصحافي يسألني مداعباً: ما هي صلة القرابة التي تجمعك بمحسن السكري قاتل سوزان تميم؟ (بما أنّنا نحمل اسم العائلة ذاته)، فأجبته بأنّ لا صلة قرابة بيننا. حينها سألني عما كنت سأفعله لو كان فعلاً محسن ابن عمي؟ أجبته وقتها: لكنّا تبرأنا منه. إلى هنا انتهى الحديث. لكنّني فوجئت حين نشرت المقابلة بعنوان "محسن السكري ابن عمي". والمشكلة الكبرى وقعت حين تم الإعلان عن عدد المجلة في صحيفة سعودية كُبرى. فجاءتني العديد من الاتصالات المنتقدة التي عاتبتني، وبعضهم اتهمني بالرغبة في الشهرة. منذ ذلك اليوم وأنا أتعامل بحذر شديد مع الوسط الصحافي الذي يغزوه الدخلاء. بل صار بعضهم ينزعج منّي لأنني أصر على كتابة اللقاء بنفسي، وليس كما حدث معكم في "أنا زهرة" (مسجّلاً). لقد ضايقني الأمر كثيراً.

 


هل تغص الصحافة بمن لا علاقة له بها؟
بالطبع. أشعر منذ زمن بأنّ الصحافة مليئة بالدخلاء والمجاملات. بعضهم صار يكتب مجاملةً لشخص ضدّ آخر، ولم تعد هناك ثقة.

 


لكن الأمر ينطبق على الإعلام المرئي أيضاً؟
هناك فرق بين المجاملة وتمويه الحقيقة. الإعلام بشكل عام يحتاج إلى ثقة الجمهور. ولا بد من أن يكون هناك حدٍ فاصل. المجاملة غير المنطقية هي أمر غير احترافي.


أخبرينا عن أهم ما تضمنته مسيرتك الإعلامية؟
لن أقيس خبرتي الإعلامية بعدد السنوات. الخبرة أهم. في القناة الإخبارية مثلاً، قابلت مسؤولين نافذين في الدولة، ونقلت أحداثاً مهمة بلورت شخصيتي ونقلتني سريعاً إلى مصاف المحترفات. ومن خلال برنامج "حواء تحاور"، صار الناس في الشارع ينادونني بحواء. ولأن شخصيتي تتميز بالخجل، فقد كنت أختبئ حين كنت أجد بأن أصابع الناس تشير إليّ في الأماكن العامة. أما والدي حفظه الله، فنصحني بالجرأة في مقابلة الناس. صرت أسلّم عليهم، وأعرفهم باسمي وأسأل عن رأيهم في البرنامج. من خلال خبرتي، شعرت بأن الإعلامي يعيش صراعاً من أجل تطوير أدواته ويبقى مواكباً لكل الظروف على اختلافها وتنوعها.


برأيك، ما هي أهم الأداة التي ينبغي للإعلامي تطويرها في ذاته؟
عليه أن يتميز بالإخلاص في عمله مهما أغراه المال والشهرة.


تسع سنوات من العمل في المجال الإعلامي، هل تغير شيء؟
لا شيء يبقى على حاله. في عهد وزير الإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة، تغيرت الكثير من الأمور بشهادة الناس. والمثال على ذلك إطلاق قناتي "السنة" و"القرآن".


من هي نشوى السكري؟
إنسانة بسيطة جداً.


هل كان دخولك الإعلام رغبةً أم صدفةً؟
تخرجت من كلية الصيدلة. وبعد عام، راودتني الفكرة بعدما قامت صديقة تعمل مذيعةً بالانكليزية في القناة السعودية، بتقديم أوراقي وقُبلت. حتى الآن، أسير في الاتجاه نفسه بمحبة صادقة وطموح متأجج. وطبعاً، لا أنسى العوامل التي أسهمت في قبولي، أهمّها إتقاني اللغة العربية وميلي للشعر والأدب، وإحساسي بأنه لدي ما قد يفيد المرأة، سيما السعودية التي تعيش في القرى وهي تحتاج إلى من ينير دربها.


كيف وجدت تقبل المرأة السعودية للمواضيع التي تطرحونها في "حواء تحاور"؟
لن تتخيلي الكم الهائل من الإيميلات والفاكسات والاتصالات التي تردنا من جميع أنحاء المملكة. لقد رفع ذلك معدل الثقة بين الجمهور والبرنامج. وهناك سيدات يطلبن مناقشة قضاياهن وحلها عبر برنامجنا.


كل هذا الطموح الذي تعيشينه ولا يراودك حلم الانتقال إلى فضائية أوسع انتشاراً؟
لن أضحّي بأسرتي من أجل الشهرة. لقد تلقيت العديد من العروض، لكنني لا أستطيع التحليق متناسيةً أسرتي وكياني. كما تلقيت عرضين من محطتين معروفتين، لكن كان عليّ خلع حجابي. أحدهم سألني: هل حجابك شكلي؟ فأجبته بأنّه عن قناعة تامة. فقال لي: ألا يمكن أن ترمي به إلى الوراء قليلاً. فأجبته كلا. وخرجت ولم أعد.


هل دفعت ضريبة شهرتك؟
بالطبع. المشهور لا يعيش على طبيعته وسجيته، بل عليه أن يظهر بالصورة المثالية دوماً. الناس ينظرون إليه كقدوة.


هل من دروس لقّنها لك المجال الإعلامي؟
تعلّمت أن الإنسان لن ينال إلا ما كتبه الله له مهما فعل. وتعلمت معنى أن لا نتعامل مع الناس على طبيعتنا. للأسف، علينا أن نكون حذرين زيادة عن اللزوم في تعاملنا مع الآخرين.


هل خُدعت كثيراً من الناس؟
أستطيع أن أميّز نوايا المتحدث معي منذ الدقائق الخمس الأولى. أنا أتعلم من تجارب الآخرين. وصحيح أنّني لا أعطي الآخر ثقتي بسهولة، لكنني في الوقت نفسه لا أسيء تقدير نوايا الآخرين.


لمن تفضفض نشوى السكري؟
لدي صديقة منذ 15 عاماً. وهي زميلتي في المجال، اختبرتها في نقاط عدة، فوجدتها تحفظني في غيابي كما حضوري، وتحرص على نشوى أكثر من حرصها على نفسها.


أخبريني عن بحثك في ما يتعلق بتشوهات عمليات التجميل مؤخراً؟
تعاملي مع أحد الأطباء المختصين في مجال عمليات التجميل كشف لي واقعاً خطيراً وهو ارتفاع نسبة التشوهات التي تحدث جراء عمليات التجميل. وتقابل هذا الازدياد زيادة في الإقبال على العمليات التجميلية من قبل السيدات والرجال على السواء. المرأة أسيرة لذوق الرجل الذي يطمح أن تصل إلى ذروة الجمال. والمسكينة تقع على بعض المبتدئين من الأطباء الذين يدفعون أموالاً للترويج لأنفسهم من دون الكشف عن إمكاناتهم الحقيقية الضعيفة. بل إنّ بعضهم يحاول وضع صور بعض النساء قبل العملية وبعدها من دون أن يكون له صلة بالأمر، وهذا الأمر في غاية الخطورة.


بحكم كونك فتاة جميلة فتحت لها الأبواب، ألا تجدين في الأمر عذراً لمن يطمحن إلى الجمال؟
أولاً أنا أجد نفسي انسانة مقبولة كوني محجّبة باحتشام. من ناحية أخرى، الجمال الذي يفتح الأبواب قد يقفل أخرى. وقد يعرّض صاحباته لمضايقات من نوع آخر.


لكن العالم يفتح ذراعيه للنساء الحسناوات؟
لكن لا أحد سألهن عن الأبواب التي أُقفلت في وجههن، سيما اللواتي يبرزن بشكل لافت.


أخبرينا عن مشاريعك الأخيرة؟
أنا في طور الانتهاء من دراسة ماجستير في "برامج المرأة ومدى تطورها في التلفزيون السعودي" ومدى تفاعل السيدات مع ما يطرح من قضايا على الشاشة. طموحي أن أخلق نوعاً من الترابط بين برامج المرأة والمرأة نفسها لتجد ضالتها المنشودة، خصوصاً في التلفزيون السعودي. وسأطرح في بحثي المعوقات التي تحول دون تحقيق هذه الأهداف. كذلك، نستعد لإطلاق قناة جديدة تخص المرأة وستشكّل مفترقاً حاسماً في الساحة.

المزيد على أنا زهرة: