شهد العام 2004 وبعده انتشار ظاهرة مغنيات الإثارة والإغراء والعري والاعتماد على المفاتن الجسدية وإبرازها في الفيديو كليب. وشكّل ظهور أولئك المغنيات في تلك السنوات ظاهرة أقبل عليها الجمهور، ولقيت رواجاً بسبب الجرعة الزائدة من الجرأة التي قُدِّمت في الكليبات. وهي أمور لم يعتدها الجمهور في الأعمال العربية المصوّرة، فشكّلت حالة من الفضول لديه. وأصبحت المغنيات نجمات صف أول، ومطلب وسائل الإعلام ومادة لجذب المشاهدين. على رأس أولئك المغنيات تأتي ماريا التي اشتهرت بـ "ماريا العب العب" أو "ماريا كورن فليكس". في أغنية "إلعب إلعب" التي كانت أول أعمالها، أطلّت في مغطس مليء بالحليب، تتساقط عليها قطع الـ "كورن فليكس". وشكّل الفيديو كليب وظهورها عارية في ذلك الوقت صدمةً "حضارية" لدى المشاهد العربي الذي وجد فيه جرأة تفوق جرأة الأعمال الأجنبية. فإذا بماريا تلقى إقبالاً شديداً، مما فتح شهية شركات الإنتاج حينها على إثارة غرائز المشاهدين كونها الطريقة الأنجح للربح. هنا، بدأ التنافس على تبنّي نماذج مشابهة لماريا، فبرزت من مصر روبي ودرّاجتها الشهيرة ورقصها المثير في أغنية "ليه بيداري كده"، وأصبحت بين ليلة وضحاها نجمة صف أول، تتهافت عليها المجلات لتتصدّر أغلفتها رغم أنّ رصيدها لم يتجاوز تلك الأغنية.
أيضاً في لبنان، شكل ظهور دانا حالة فريدة من نوعها. قدمت نفسها في "أنا دانا أنا دندن فتح عينيك تاكل ملبن" لتصبح الأغنية والمغنية سيرة على كل لسان. هذا عدا ظهورها في الفيديو كليب بـ "بيبي دول". ثم تبعتها بأغنية "مين ده اللي ما يعرف دودو". واعتبرت أنّ كل من لا يعرف دانا متخلف وجاهل و"عايش" في كوكب آخر. ثم أطلّت علينا مغنية اسمها مروى اختارت إعادة تقديم أغنية "اما نعيمة" للفنانة ليلى نظمي. طبعاً، قدمتها على طريقتها، فارتدت جلابية مصرية مفتوحة الصدر تحوي فتحات من الجانبين الى ما فوق الركبة بكثير! عدا رقصها في الكليب بطريقة مثيرة. تم تبتعها بأغنية "ما شربش الشاي" ثم أغنية خاصة لها بعنوان "فيها إيه لو أكلم صاحبك".
لم يقتصر الأمر على أولئك المغنيات اللواتي أصبحن بين "أغنية وضحاها" عوملنَ كنجمات صف أول، وسيطرن على الساحة الفنية لفترة، وظهرت غيرهن كثيرات كنجلا التي عرفت بـ "مغنية الحصان" ونانا، فيما سارت على الخط نفسه نيكول سابا، ورولا سعد، ونيللي مقدسي، ومي حريري، ودوللي شاهين وغيرهن. بعدها، مل المشاهد هذه الظاهرة التي أثارت فضوله في البداية ثم لم تعد مغنيات العري "يثرنه". والدليل فشلهن في الأفلام التي شاركن فيها، إذ لم تحقق أي نجاح يذكر، عدا توقف شركات الإنتاج عن المغامرة في إنتاج أعمال لهن بعدما شهدت الساحة تواجداً قوياً لفنانات يملكن الموهبة، فأثبتن حضورهن وحققن جماهيرية وشعبية كبيرة تفوق شعبية مغنيات الإثارة. نذكر هنا شيرين عبد الوهاب، وكارول سماحة، وإليسا، ونانسي عجرم، إضافة إلى أصالة وأنغام ويارا التي حققت نجاحاً لافتاً، وخصوصاً في الخليج مع حفاظها على مظهر محتشم بعيد عن الابتذال الذي سيطر في السابق على سوق الأغنية. وبحلول عام 2008، بدأت الساحة الفنية "بغربلة" الدخلاء على الفن، وتحققت مقولة "لا يصح إلا الصحيح". إذ لم يعد الجمهور يسمع بمغنيات الإثارة اللواتي أفل نجمهن المزيف باكراً. ماريا التي شغلت الرأي العام بالمغطس وحفلة عيد ميلادها ورقصها على قالب الغاتو، لم تحقق أي نجاح في مصر بعدما شاركت في أفلام لم يكتب لها النجاح. وكذلك روبي التي قدمت أكثر من أغنية، وشاركت في أفلام عدة أسهمت في خفوت نجمها وربما إلى الأبد، ولم تعد الشغل الشاغل للصحافة وخصوصاً بعد انفصالها عن شريف صبري وهو المخرج الذي أطلقها. وكذلك مروى التي شاركت في بعض الأفلام، لكن مثلها مثل ماريا وروبي، اندثر أثرها على الساحة.
فيما غابت دانا، وراحت الأخريات "يحتضرن" رغم إصرارهن بين فترة وأخرى على تقديم أغنية منفردة كانت تمر مرور الكرام من دون تحقيق أي أثر. هكذا، بقين يراوحن مكانهن كنيكول سابا ونيللي مقدسي التي لجأت مؤخراً إلى إعادة تقديم أغنيات لعمالقة الطرب، في خطوة قد تجعلها تتقدم خطوة إلى الأمام، فيما تحاول رولا سعد أن "تتسّلق" على حساب هيفا ونجوميتها من خلال إثارة مشكلة معها بين فترة وأخرى رغبة بالتواجد إعلامياً. لكنّ الجمهور أصبح قادراً على تمييز الجيد من الرديء، والدليل أنّ ألبوم كارول سماحة "حدودي السما" لا يزال يحقق المراتب الأولى في المبيعات رغم مرور سنة على إصداره. وكذلك ألبوم إليسا ونانسي، ليتضح أنّ مقولة "الجمهور عاوز كده" غير صحيحة وأنّ الجمهور يريد فناً حقيقياً بعيداً عن الابتذال والإسفاف. وهذا ما ظهر جلياً في العام 2010.
إذ لم يبق في الساحة سوى من يستحق الاستمرار فيما قال الجمهور لروبي، وماريا، ودانا ومروى وغيرهن بأنّ "الجمهور لم يعد يريد كده".
المزيد على أنا زهرة: