الخجل ليس مرضاً نفسياً. إنّه طبع. لكن بعضنا يجد صعوبة في تخطي خجله، ما قد يتحول إلى عائق حقيقي أمام نجاحه. أحياناً، يأخذ الخجل طابعاً مرضياً. "يعاني الخجول من ضيق دائم، وضعف في الثقة، فينعزل، أو يلجأ أحياناً إلى تصرفات عدوانيّة، ويتكلم بنبرة مرتفعة كمحاولة لإخفاء خجل عميق" بحسب المعالجة النفسية كورين فرنسيس.
يمكن أن يترجم الخجل جسدياً بنفس متقطع، وإحساس دائم بالإختناق، واحمرار الوجه، وضعف في الصوت يجعل كلام الخجول غير مفهوم. "أحياناً يظهر الخجل على العكس من ذلك على شكل شحوب دائم في الوجه، وارتجافات في الأطراف، وتخشب في العضلات، وغيرها من الأعراض المتنوعة بحسب تنوّع شخصيات المرضى ودوافعهم وبيئتهم"، تشرح المعالجة النفسيّة. لكنّ المشكلة الأكبر تكمن في الشلل النفسي الذي يدخل فيه المصاب بالخجل، إذ يصير عاجزاً على القيام بأي خطوة تجاه الآخر، وتتعطل حياته الإجتماعية والمهنية.
"كلنا نواجه مواقف محرجة في حياتنا: اللقاء مع غرباء، التحدث أمام جمهور في أماكن عامة، لقاء عاطفي أول... لكنّ التجربة الحياتية الواسعة، تجعلنا نتخطى هذه الإحراجات العرضيّة. لا يمكن أن نتحدث عن مشكلة نفسيّة حقيقية، إلا حين تتكرر الإضطرابات المرتبطة بالخجل المفرط بشكل يعيق حياة صاحبها، وفي مواقف تافهة لا تستدعي كل ذاك الإرباك الذي يظهره المريض" تشرح فرنسيس.
بالطبع تختلف أسباب الخجل المرضي من شخص إلى آخر، لكنها تعود بمجملها إلى تراكمات من الطفولة. "عموماً يتحول الطفل الذي نشأ في بيئة عائلية مفرطة في رعايتها واهتمامها حدّ الإختناق، إلى راشد خجول" تشرح المعالجة. "هناك أيضاً الطفل الذي عانى من نبذ في محيط مليء بالراشدين، أو ذلك الذي عانى من نقص في العاطفة الأبوية، أو الذي عاش في جو عائلي مليء بالشجار والصراخ..." تضيف. في الخلاصة، لا ينتج الخجل إلا ندوباً عميقة يحملها الإنسان من طفولته، جعلته يكون هشاً أكثر من غيره.
"العلاج الأمثل للخجل هو العلاج السلوكي، ويقوم على تفاعل دائم مع الطبيب، لتحسين أداء الشخص الخجول في المجتمع، وليس الإكتفاء فقط بمعرفة أسباب هذا الخجل من خلال الغوص في مشاكله العتيقة"، تشرح المعالجة. "في حالة الخجل عند الأطفال، يكون الدور الأساسي للوالدين تحفيز الطفل، وتشجيعه، عوضاً عن الإفراط في حمايته وتأنيبه"، تضيف.
الأهم في حالة الخجل هو النظرة التي نلقيها على أنفسنا. "من يعانون من الخجل المفرط، يرون في أنفسهم أشخاصاً لا يستحقون الاحترام والتقدير، وهذا ما يدفعهم إلى العزلة والخوف من نظرة الآخرين".