يبدو أن عدوى إعادة الأغنيات القديمة قد وصلت أيضاً إلى الفنانة اللبنانية نيللي مقدسي التي انتهت من تسجيل وتصوير أغنية "على عيني" للفنانة وردة الجزائرية وأيضاً من أغنية "مستنياك" للفنانة عزيزة جلال على طريقة المسرح أو ما يعرف بالحفلة وليس ضمن أسلوب الفيديو كليب المتعارف عليه. وهذا يعني أنّ نيللي قررت شكلاً ومضموناً إبراز موهبتها الصوتية التي تاهت إلى حد ما بين الإغراء وعوالم الصورة العصرية، حيث لا مكان في تجربة الأغنية الممسرحة للمونتاج لأن الصوت سينعكس على الأداء مبرزاً العيوب والحسنات.
صحيح أننا دهشنا في البداية من إقدام نيللي على خطوة إعادة تقديم الأغنيات القديمة أسوة بفنانين مثل هيفا وهبي، نانسي عجرم، فضل شاكر، نوال الزغبي، وأخيراً كارول سماحة! وهذا ما صنفته بعض الأقلام الصحافية بأنّه إفلاس فني، أو محاولة إثبات وجود فني على الساحة في ظل تعثر عمليات الإنتاج. وهو الأمر الذي نفته نيللي قائلة: "أردت من خلال هاتين الأغنيتين أن أقدم تحية تقدير إلى الفنانة وردة والفنانة عزيزة جلال. لذلك لا ضرورة لاستخدام مفردات مثل إفلاس فني أو غيرها. والدليل أنني أعمل على الانتهاء من أغنياتي الجديدة. ولكن من حقي كفنانة أن أقدم بصمة تؤكد على موهبتي في تقديم هذه الأغنيات الطربية التي يصعب أن نصنعها في عصرنا الحالي".
أما عن سبب اختيار نيللي أغنيات الفنانة وردة، فتقول: "أعشق صوت السيدة وردة. هي تثير في داخلي فيضاً من المشاعر والأحاسيس لا يمكن وصفه. تشعرني بالقوة والضعف في الوقت نفسه. وليس لدي تحليل واضح عن سبب اختياري لأغنياتها لإعادة تقديمها، ربما إحساسي هو الذي اختار "على عيني". وأتمنى أن لا تنزعج الفنانة وردة من ذلك، لأنني قدمت الأغنية على طريقتي وبصوتي المتواضع".
وتؤكد نيللي بأنّها سعيدة بخوض تجربة إعادة تقديم الأغنيات القديمة، على أساس أنها تختلف عن تقديم أغنيات خاصة، وتتابع: "صحيح أن الأغنية موجودة واللحن معروف لكن المسؤولية أكبر، لأننا نختار دائماً أغنيات راسخة في أذهان الناس. لذلك يجب أن نقدمها بأفضل طريقة لكن بإحساسنا الخاص."
وتنفي نيللي إقامة أي مقارنة بينها وبين الفنانة وردة بعد تقديم "على عيني"، على أساس أنّ هذا الأمر غير مطروح للنقاش. كما تميز بين أغنيات العصر الذهبي وعصرنا الحالي من ناحية الكلمات والألحان والتوزيع الموسيقي.
وتضيف: "عندما نعيد تقديم الأغنيات القديمة، نبث فيها روحاً عصرية. كما نتيح الفرصة للجيل الحديث للتعرف إلى هذه الأغنيات القديمة التي لم يعرفها، أو ربما ليس مطلعاً على أعمال جيل العمالقة الذين نشأنا على أغنياتهم.
من هنا، أردت أن يكون صوتي وسيلة لإعادة هذه الموسيقى الجميلة والذكريات الحلوة والكلمات المميزة والألحان الرائدة إلى أذهان الناس".
إذن غناء الأعمال القديمة ليس بجديد على نيللي التي قدّمت أغنيات شهيرة في حفلاتها. من هنا جاءت الفكرة التي تطورت لاحقاً إلى مشروع ألبوم غنائي تجدد فيه بعض أغاني العمالقة على طريقة المسرح. وهو الأمر الذي
سيتيح للجمهور اكتشاف نيللي في حلة جديدة كما تقول.
كما ترفض نيللي تفضيل الأغنيات القديمة على نظيرتها الحديثة، على أساس أنّ هذا الحكم غير منصف، وتشرح قائلة: "لقد تربيت على الموسيقى القديمة وما تفيض به من مشاعر جميلة وحسّ موسيقي رائع. لكن هذا لا يعني أنّ أغنياتنا الحديثة ذات الإيقاع السريع والعصري ليست جيدة! صحيح أن صناعة الأغنية اليوم اختلفت عن الماضي، ولكن يجب أن نقر باكتساح الأغنيات "الضاربة" الإيقاعية والسريعة على رغم عمرها الفني القصير"!
أما في ما يتعلق بأغنية "مستنياك" للفنانة عزيزة جلال التي صورتها نيللي في توقيت أغنية "على عيني"، لكنها آثرت طرحها لاحقاً، فهي تعني لها الكثير كما تقول. حتى أنّها تذكرها بمرحلة معينة مرت بها في حياتها، لذلك تستمع كثيراً عند غنائها. "هذه الأغنية أهديها لنفسي لأنها تسعدني كإنسانة وكفنانة!"
إلا أنّ نيللي لا تحبذ إقامة أي مقارنة مع الفنانة ناسي عجرم التي أعادت تقديم أغنية "مستنياك" أيضاً. تقول: "مع كل محبتي للفنانة نانسي عجرم لكنّنا لسنا في صدد المقارنات هنا، فكلانا أدى الأغنية على طريقته وبإحساسه. كما أن تقديم نانسي للأغنية لا يمنعني من فعل الشيء ذاته أو العكس. إذ أعاد الكثير من الفنانين غناء الأغنيات القديمة نفسها من دون الدخول في منافسة مثل هيفا وهبي وإليسا وفضل شاكر الذين قدموا أغنية "حلوة يا بلدي" للفنانة داليدا. باختصار، الأغنية الطربية هي التي تضيف إلى رصيد الفنان وليس العكس! وفي النهاية الحكم للجمهور."
وبعد هاتين الأغنيتين، ستطرح نيللي تباعاً عدداً من الأغنيات القديمة المجددة التي ستجمعها لاحقاً في ألبوم يشكّل تحية للعظماء، وسيتم تصوير كل أغنياته على طريقة المسرح.
على خط آخر، انتهت نيللي من تسجيل أغنية "يا حبيبتي يا مصر" التي قدمتها تحية للشعب المصري بعد انتصار الثورة. وهذه الأغنية للفنانة شادية التي أعادت نيللي تقديمها "تحكي عن الوطن والنيل والحياة والشعب المصري منذ القدم حتى الآن من دون التطرق إلى مرحلة سياسية معينة، لأن السياسة تتغير والزعماء يتبدلون فيما يبقى الوطن والشعب. من هنا أردت أن أعلن عن موقف تضامني مع الشعب المصري ومؤكدة على ضرورة استمرار النضال وانتهاء الظلم".
أما جديد نيللي الفني، فهو تسجيل أغنية "سينغل" بدوية الطابع، ثم تصويرها. وهذه الأغنية وصفت نيللي بـ "المفاجأة" لأنّها "مختلفة عن كل ما قدمته سابقاً". وأبدت سعادتها بامتلاء جدول حفلاتها في لبنان والعالم العربي على رغم هشاشة الوضع الأمني