يبدأ المشهد مع اقتراب نهاية العالم الدراسي. يدق ناقوس الامتحانات على الأبواب بقوةٍ معلناً حضوره. تتسارع الأحداث في كل بيتٍ عربي من أجل تحضير الجو المناسب لدى الطلاب والطالبات لقطف ثمرة النجاح بتفوقٍ. ويستمر المشهد برؤية الطلاب والطالبات يتفننون في شرب المنبهات والسهر من أجل حصد الدرجات. في حين نرى الأمهات والآباء يخلقون جواً من التوتر والرهبة بحرمان الجميع من الحاسوب والتلفاز وكل المسليات التي قد تلهي الأبناء عن أداء وظيفة الدراسة باجتهادٍ ومثابرةٍ.
"أنا زهرة " تبحث في أسباب فوبيا الامتحانات عند الطالبات والأمهات:
التربية على الخوف والحذر
أسيل وهيب خليل (طالبة جامعية) تدرس الإدارة تقول لـ"أنا زهرة": "عندما كنت في المدرسة كنت أخشى كثيراً الامتحانات حتى ولو كنت مستعدة جيداً لها. سبب هذا الخوف أننا كمجتمعٍ عربي زرعنا الخوف في الأطفال جيلاً بعد جيل. هذا الأمر ينطبق أيضاً على الخوف من تسليم الأوراق والبحوث وكذلك الخوف من الوقوف وشرح العروض التقديمية المختلفة أثناء الفصل الدراسي"
وتضيف: "الخوف يزيد بسبب السمعة والشائعات السابقة عن أستاذ أو أستاذة المادة. والعامل المشترك في تقليل أو زيادة الخوف هو الأستاذ الذي يستطيع تحويل المادة السهلة الى معقدةٍ للغاية. فنجد أن بعض الأساتذة يحاولون تعقيد الأسئلة بشكل متناهي كي لا يحصل الطلاب على الدرجة الكاملة. وعن الحلول، أرى أنّه يجب أن ينام الطالب من أجل تقليل الشعور بالخوف والاستقرار. أنا من الطالبات اللواتي كن يسهرن. وبعد ذلك نظمت وقتي وشعرت بالفرق. يجب أن يتم تسهيل الأسئلة وعدم تعقيدها وشرح طريقة الأسئلة قبل الاختبار وعدم استخدام أسلوب المفاجأة. ولن أنسى ضرورة تطبيق التقويم المستمر للطلاب والطالبات في المدارس لأنه يلغي التوتر تماماً.
الخوف ليس سمة الجميع
تغريد مدني طالبة في قسم الإعلام تؤكد بأنّ الخوف ليس سمة جميع الطلاب والطالبات. تقول: "في فترة الامتحانات، أمارس حياتي بشكلٍ طبيعي جداً وأنام أيضاً بشكلٍ منظم، لأنني أشعر أنها فترة الحصاد فقط. لكنني في المقابل أرى كيف تصبح حالة الطوارئ تعم منزلي. ممنوع استخدام الانترنت والخروج للتنزه وتُفرض قوانين أخرى أيضاً. لذلك أتساءل: لماذا كل هذا؟ ألسنا ندرس عاماً كاملاً والآن وقت الحصاد فقط؟".
وتكمل: "الأهل أيضاً يمثلون جزءاً من المشكلة، لأن هناك بعض الآباء والأمهات يطلبون تقديراً معيناً مما يشكل ضغط على الطالب. صديقة لي كانت تعاني من فوبيا حقيقية من الامتحانات. رغم الدراة والتحضير، بمجرد أن تستلم ورقة الامتحان كانت تنسى كل شيء ولا تستطيع كتابة كلمة واحدة".
أما ديالا كبارا أم لأبناء ومصممة أزياء، فتقول: "إنها امتحانات العام. ويجب أن يحرص الوالدان على منع المسليات مثل التلفزيون والإنترنت من أجل التحصيل الدراسي الجيد".
المناهج الضخمة هي السبب
فاتن فؤاد (معلمة لغة إنكليزية وأم لطالبة) ترى أنّ هنالك عواملَ عدة تسبّب "رهاب" الامتحانات منها كمية المناهج الضخمة المطلوب حفظها. تقول: "لو نظرنا إلى المنهج الواحد، سنرى أن واضعي المنهج اهتموا بالكم وليس بالكيف، بالإضافة إلى مشكلة عدم الاستذكار باستمرار التي تنتشر بشكلٍ شائعٍ في العالم العربي. بينما يُفترض بمناهج بهذه الكمية أن تقسم على أوقاتٍ عدةٍ وليس قبل يوم من الامتحان. والأهم هو طريقة الاختبارات التي تعتمد على الكتابة المقالية، وهذا ليس دليلاً أبداً على استيعاب الطالب أو الطالبة للمادة الدراسية".
تضيف: "لو أخبرتِ الطلاب أنّ الامتحان سيكون غداً موضوعي (اختياري) فقط، سيؤثر ذلك على اطمئنانهم. فمن الطبيعي أن الأسئلة الموضوعية أكثر سهولةً وتخلق جواً من الاطمئنان الداخلي عند الطالب، لأنّ المقالي يعني أنّ الطالب سيحفظ كل حرفٍ في الكتاب بينما الموضوعي يكفيه أن يفهم المعلومة. وأرى أن الحل الأنجح أن تقوم المدرسة نفسها والجامعة بخلق حالة من الاطمئنان لدى الطالب وأن يتم بث العبارات الإيجابية في نفوسهم مثل: ستقومون بالحل جيداً غداً والأسئلة ستكون سهلة لأنكم بذلتم جهداً في التحضير والدرس طوال العام.
للمزيد: