لا نستطيع إنكار دور الأم في حياة ابنها، لكن ما الذي يحصل عندما تدخل امرأة ثانية حياة الإبن؟ وما هي هذه المشاكل التي يمكن أن تنشأ قبل الزواج وبعده؟
العلاقة بين الحماة والكنة يشوبها الكثير من التناقضات، تبدأ مع تدخّل الأم في اختيار زوجة لابنها. هكذا، تضع كل ثقلها في العملية من أجل إيجاد فتاة مناسبة لفلذة كبدها الذي ضحّت كثيراً من أجله. يشير الطبيب النفسي صلاح عصفور إلى أنّه بعد دخول الزوجة إلى العائلة التي ستنتمي إليها مستقبلاً، تشعر أم العريس أو الحماة، بأن اهتمامات إبنها بدأت تنحسر وتتركز على العروس. وهنا تجتاحها غريزة التملّك وتبدأ بإنتقاد الكنة. ويلفت عصفور إلى أنّ هذه الحالة تسمّى "اغتيال الشخصية" أي أن كل ما تقوم به الكنة من أعمال جيدة أو رديئة سيكون محل انتقاد من الحماة. لكن إذا كانت الكنة واعية وناضجة، ستسيطر حتماً على الوضع، وتسحب زمام القرارات من الأم تدريجياً. لكن في معظم الأحيان، تقوم الكنة بتسريع هذه العملية فتأخذ قرارات تزعج الحماة التي تشعر بأنه تم اغتصاب حقوقها في إبنها.
جبهة بكل معنى الكلمة
عند شعور الأم بضياع حقها، يلفت الطبيب إلى قيام جبهة غير متوقعة واندلاع صراع بكل ما للكلمة من معنى. وهنا، يضع الإبن المسكين أكياس رمل لدرء شرور هذه الجبهة المستحدثة بين الحماة والكنة، لكنه لن يسلم هو أيضاً من شظايا الحرب الدائرة. ولا شك في أنّ الأمور تتخذ في هذه الحالة منحى مرضياً، إذ تشعر الحماة بأن شيئاً ما سُلب منها.
والطامة الكبرى عندما تكون الحماة غير موافقة على العروس من الأساس. هنا، تتفاقم الخلافات وتتسارع منذ بداية حياة ابنها الزوجية. أما من الناحية السيكولوجية أو التحليلية، فتدخل هذه العلاقة ضمن ما يسمّى بـ "فقدان التملّك"، وهي حالة شبيهة بصراع القوى في الغابة، فكل قوة تسيطر على منطقة خاصة بها وتدافع عنها بشراسة، وقد تخوض معارك دامية للاحتفاظ بها. ويعتبر عصفور أنّه علينا ألا ننسى أنّ الصراع النفسي الذي يعاني منه الإبن أو الزوج لا يحسد عليه. إذ أنّ ارتباطاته الغريزية نحو والدته تقابلها ارتباطات عاطفية جنسية نحو الطرف الآخر الذي هو في جزء منه تعويض عن صورة الأم.
حماتك أمك الثانية
يعتبر الطبيب أنّ أفضل وسيلة لتجنب هذه الإشكالية في العلاقة بين الحماة والكنة، أن تعي الأم أنّ طفلها أصبح راشداً، وسوف يبتعد يوماً ما عنها، ويكوّن شخصية مستقلة وحياة خاصة به. وأهم ما يجب أن تقوم به الكنة أن تراعي شعور الأم اللاواعي بأنّها فقدت ابنها. يجب على الكنة إشعار الحماة بأنّها ربحت ابنة جديدة وتتجنّب المواجهات غير الضرورية وإحاطة الحماة بالحبّ والرعاية. ويلفت عصفور إلى أنّ الإبن يلعب دوراً هاماً هنا. عليه أن لا يبدو كأنه "عبد أمه"، أو أنّ عائلته مرجعه الأول والأخير. بل يجب أن يضع حدوداً واضحة للجميع ويفهمهم بأنّ استقلاليته عنوان نجاحه مع مراعاة مشاعر الأهل طبعاً.