حلمت كغيرها من الفتيات بأن ترتبط بمن اختاره قلبها، لكنها اصطدمت برفض وليها تزويجها بشاب تركي، تقول إنها اختارته بقلبها وعقلها، فلم تجد أمامها سوى اللجوء إلى المحكمة، رافضة التشبث بمعتقدات اعتبرتها بالية، ووقفت أمام القاضي صائحة: «زوجني يا حضرة القاضي».


إلى محكمة دبي الابتدائية ذهبت المعيدة الجامعية الخليجية (28 عاماً)، لتطلب من القاضي تزويجها بالشاب التركي أنجن باشيورت، مُدعية أن والدها رفض زواجها بالشاب التركي، على الرغم من أنه كفؤ ومناسب لها، وقد طلبت من عدالة المحكمة تسجيل دعواها، وإعلان المدعي عليه، الأب، بصورة صحيفتها، والإذن لها بالزواج بالولاية العامة، بسبب عضل الولي وإلزامه بالمصاريف. واستندت الفتاة في دعواها إلى البند الثالث من المادة 30 من قانون الأحوال الشخصية الإماراتي الذي ينص على أنه « إذا طلب من أكمل الثامنة عشرة من عمره الزواج ، وامتنع وليه عن تزويجه، جاز له رفع الأمر إلى القاضي، الذي يحدد بدوره مدة لحضور الولي بعد إعلانه للاستماع إلى أقواله، فإن لم يحضر أصلاً أو كان اعتراضه غير سائغ، زوج القاضي المدعي».


رفض
في مقابل دعوى الفتاة المذكورة، تقدم وليها (الأب) بدعوى مقابلة، برر فيها موقفه أمام القاضي، وجاء فيها: «لم أكن أمانع ما أحله الله، وقد تقدم لخطبتها من خيرة شباب البلد من المشهود لهم بحسن السيرة والنسب والعلم والكفاءة، لكن المدعية في كل مرة ترفض من يتقدمون لخطبتها، وقد أفنيت حياتي في سبيل رعايتها وتنشئتها وتعليمها حتى وصلت إلى درجة من يحملون الشهادات العليا، ولم أبخل عليها برعايتي وعطفي الأبوي وتحمل مبالغ مالية كبيرة في سبيل ارتقائها لأعلى درجات سلم التعليم، حتى أصبحت من حملة الشهادات العليا وتمارس التدريس الأكاديمي».


مجهول المصدر
وتتواصل كلمات والد الفتاة في دعواه، حيث يقول: «إن الشخص الذي ذكرته المدعية في صحيفة دعواها، والتي تزعم فيها بأنني رافض الموافقة على الزواج به. بداية، لا أعرف أصله ولا جنسيته ولا دينه ولا قبيلته ولا أسرته، وما هو عمله، وهل هو كفؤ، وما نسبه ووضعه الاجتماعي؟ وهل يتناسب من هذه النواحي كافة معنا أم لا؟ حيث إنني من قبيلة معروفة ومشهود لها بالأخلاق والسيرة الحميدة، ولكل ما تقدم أطلب من مقام المحكمة الموقرة التكرم بالموافقة على رد الدعوى وتحميل رافعتها المصاريف والرسوم مقابل أتعاب المحاماة».


غياب
وفي اليوم المحدد للحكم في القضية، وقعت المفاجأة، إذ لم تحضر المُدعية، وتم شطب القضية لعدم حضور الابنة الجلسة التي حدد لها يوم الخامس من يوليو 2011، وسقطت القضية التي كانت الفتاة قد رفعتها بشكل رسمي في المحكمة الابتدائية في الحادي والعشرين من يونيو 2011، تطلب فيها أن يكون القاضي ولي أمرها ويأذن لها بالزواج بالشاب التركي».


غلطة عمري
قد تكون في قصة نهى فؤاد (محاسبة - مطلقة) بمثابة عبرة وعظة لغيرها من الفتيات. فبطلة القصة، فتاة عربية محجبة تتمتع بقدر كبير من الجمال، ما إن استوقفناها لنسمع رأيها في موضوع «عضل الولي»، حتى انفجر البركان الكامن داخلها، وخرجت كلماتها وكأنها رسالة تحذير لكل فتاة تمر بما مرت به نهى، التي تركنا لها حرية التعبير عن تجربتها ومعاناتها، فقالت: «قبل أن أسرد لكم معاناتي أنصح البنات بعدم الزواج رغماً عن أنف الأهل، أو السير وراء قلوبهن فقط، فقد تقدم لي زميلي المحاسب الشاب بعد قصة حب ربطت بيننا، ولكن أبي رفضه لأسباب متعددة منها أنه غير مناسب لي من ناحية المستوى المادي والاجتماعي، ومع كل هذه التحفظات التي أوردها والدي والتي وقفت وراء رفضه لخطيبي، أصررت على الارتباط به، وتزوجنا هنا في دبي منذ عام تقريباً، وقبل أن يمر عام على زواجنا كانت ورقة الطلاق في يدي». وفي معرض تفسيرها للأسباب التي أدت إلى وقوع الطلاق، على الرغم من زواجها بمن أحبت وتركت أهلها من أجله، تقول نهى: «تعامل معي على أنني إنسانة رخيصة، لم يقدر ما فعلته من أجله، والمعاناة التي عشتها بسبب زواجي رغماً عن أهلي، وكذلك وفاة أمي وهي غير راضية عني، لقد طلقني وتركني أواجه الحياة بمفردي، فلا أنا قادرة على استرضاء أهلي، ولا أنا قادرة تجاوز محنتي النفسية». وتنصح نهى الفتيات «بضرورة عدم الزواج إلا بموافقة الأهل، فهم الأكثر خبرة»، لافتة إلى أن «على الفتاة أن تسأل نفسها: «ماذا لو أنجبت طفلة ستكبر وتصبح فتاة، هل سأقبل أن تفعل ما فعلته أنا كأم؟» ناهيك عن نظرة أهل زوجها لها، فهم لا يحترمون زوجة ابنهم التي تزوجت رغماً عن أهلها، وينظرون إليها نظرة دونية».


الأهل أولاً
حتى لا تتعرض سكينة سلام، وهي شابة عربية تعمل في بيع أدوات التجميل، لما تعرضت لها نهى، فقد أخذت قرارها: «عدم الزواج إلا بموافقة الأهل، لأن معظم الزيجات التي تمت خلافاً لرغبة الأهل باءت بالفشل». وتقول سكينة في هذا السياق: «لو فرطت في أهلي فلن يحترمني زوجي، ولو وقعت مشكلة ما بيني وبينه فإلى من سألجأ؟».


مرفوض مجتمعياً
أما ميرة العجماني (فتاة إماراتية تعمل في قسم الإعلام في إحدى المؤسسات الحكومية في دبي)، فترى أن «ثقافة المجتمع الخليجي على وجه الخصوص، تبدو رافضة لهذا النوع من الزواج». وتقول: «في الغالب، لا توافق الأسرة على تزويج ابنتها بشاب من جنسية مختلفة»، لافتة إلى أن «هناك نقطة مهمة أخرى، إذ يتعين على كل فتاة أن تفكر في مستقبل أبنائها عندما تتزوج زيجة من هذا النوع، حيث سيحرم الأبناء من حقوق كثيرة، لأنهم سيتبعون جنسية الأب». وتشير إلى أن «على الفتاة أن تدرك أيضاً أن هناك من يتزوجها بقصد استغلالها وتحقيق منافع معينة من وراء الزواج».


تكافؤ
في المقابل، تبدو نظرة الأمهات في معظمها متحفظة تجاه زواج بناتهن برجال غير مناسبين لهن، وإن كانت غالبية الآراء تصب في اتجاه عدم مقاطعة البنت في حالة زواجها بطريقة تتعارض مع رغبات الأهل، وهو ما عبرت عنه سعاد الخاجة (سيدة أعمال إماراتية وأم لشاب وفتاة في المرحلة الجامعية)، حيث تقول سعاد: «لن أقاطع ابنتي مهما حدث. ولكن، قبل أن تصل إلى لحظة اتخاذ قرار مصيري كهذا، فلا بد من الحوار معها، ولا بد في الأساس من تربيتها وفق أسس معينة». وتضيف: «هذا بالتحديد ما فعلته مع ابنتي الطالبة في السنة الثالثة في كلية الطب، فقد ربيتها على أن ابن بلدها هو الأساس، وأن طبيعة العائلات والعشائر والقبائل لا ترحب بزواج الفتاة بشاب غريب، وأوضحت لها سلبيات هذا النوع من الزواج. فالتكافؤ مطلوب، بل وضروري أيضاً». وتؤكد سعاد الخاجة «أهمية عامل السن بالنسبة إلى الفتاة»، حيث تشير إلى أن «الفتاة في عمر ما بين 21 و25 عاماً تكون غير قادرة في الغالب على اتخاذ القرار السليم بشأن زوج المستقبل»، لافتة إلى أن «مرحلة النضج بالنسبة إلى الفتاة تكون في الثلاثين من عمرها، بحيث تستطيع وقتها أن تتخذ قرارها، بمشورة الأهل والأصدقاء وذوي الخبرة والجهات الحكومية في بلدها، لمساعدتها في التحري عن الشخص الذي ترغب في الارتباط به، بدلاً من الوقوع في المحظور، وتعريض أطفالها مستقبلاً للعديد من المتاعب والمخاطر».


رفض
ويتوافق رأي الفنانة والمذيعة الإماراتية غزلان مع ما ذكرته سعاد الخاجة، حيث تقول: «إن مجتمعاتنا الخليجية لها عاداتها وتقاليدها التي تختلف في كثير من الأحيان مع طبيعة المجتمعات الأخرى»، مشيرة إلى أن «الفتاة، عندما تقرر الارتباط بشاب من غير جنسيتها، تتعرض لمشاكل كثيرة وتفقد حقوق أبنائها، ولا تستطيع الحصول على حقوقها في حال حدوث مشكلة مع زوجها». وتضيف: «في الغالب، لا تستطيع الفتاة الخليجية التأقلم مع الحياة في مجتمع بعيد عن مجتمعها الأساسي، وهو ما يجعلني كأم أرفض هذا النوع من الزواج».


مسلسلات
من ناحيته، يتهم الشاب الإماراتي علي الأمير (موظف - غير متزوج) المسلسلات التركية وحتى الكورية «بالوقوف وراء ما يحدث من انجذاب فتيات للزواج بشبان أتراك»، لافتاً إلى أن «ما يحدث في المسلسلات التركية، له أثر كبير في دفع فتياتنا لارتكاب سلوكيات تتنافى مع قيمنا المجتمعية». ويقول: «أنا أعرف فتيات تأثرن بشدة بهذه المسلسلات، فهن يعتقدن أن نموذج « مهند ونور»، هو ما يرغبن في تحقيقه»، معتبراً أن «حجم الرومانسية في المسلسل هو الذي يدفع الفتاة إلى الاقتراب من هذا النموذج». ويضيف: «مؤخراً، دخلت المسلسلات الكورية على الخط، لدرجة أن لي زميلة في العمل تتعلم اللغة الكورية بعد أن شاهدت أحد المسلسلات الكورية التي تتشابه بعض الشيء مع المسلسلات التركية».


الحب أولاً
الرأي السابق، يؤيده أحمد محمد (أعزب - مدير إنتاج في «مؤسسة دبي للإعلام»)، الذي يضيف قائلاً: «إن «الحب أولاً»، هو الشعار الذي ترفعه الكثير من الفتيات بسبب ما تبثه المسلسلات التركية، التي تحفل بالحب والرومانسية»، مشيراً إلى أن «هذا ما أدى إلى تراجع العادات والتقاليد ودور الأهل، أمام الجرعات المكثفة من الرومانسية التي تبثها هذه المسلسلات، والتي تدفع بالفتيات إلى الارتباط بأشخاص يرين فيهم هذه الصفات، من دون النظر إلى المستقبل والمشكلات التي تواجه الفتاة عندما تتزوج في مجتمع يختلف عن مجتمعها».


أمر واقع
بدوره، يفضل راشد البلوشي (موظف) «موافقة الأهل على زواج البنت في حال إصرارها». ويرى أنه «لو أصرت الفتاة على الارتباط بشاب رفضه الأهل، فلا مفر من الموافقة، بدلاً من الوقوع في الحرام، لأن ولي الأمر سيجد نفسه أمام الأمر الواقع».


تفاهم
«الثقة والتفاهم بين الفتاة وأسرتها، هما السبيل لحماية الفتيات من الوقوع في مثل هذه الأزمات» هذا ما يؤكده حميد عبدالله (متزوج/ يعمل في مجال التعليم)، ويقول: «لا بد من التفاهم والحوار وزرع الثقة بين الآباء والبنات»، معتبراً أنه «لو كان هناك حوار جاد بين الفتاة ووالديها، لما وصلت إلى مرحلة إعلان رغبتها في الارتباط بشاب من غير جنسيتها». ويضيف: «صحيح أن الإسلام أعطى المرأة الحرية في اتخاذ القرار، ولكن على الفتاة أن تضع في اعتبارها عامل العادات والتقاليد، وعليها أن تدرك أن ولي أمرها يعمل لمصلحتها، أما أن تلجأ إلى القضاء لإجبار والدها على الارتباط بشاب يرى والدها أنه لا يناسبها، فهذا هو الخطأ بعينه، لأن في هذا السلوك عدم احترام لولي أمرها».


خضوع
يتعارض موقف الطبيب إبراهيم محمد علي، مع من يرفضون زواج الفتاة بمن اختارت، حيث إنه يشير إلى أن «على الأب في مثل هذه الحالات الخضوع لرغبة ابنته»، لافتا إلى أن «عالمنا يختلف عن الماضي، وقد بات من الصعب علينا أن نتحكم في كل شيء». ويقول: «على الأب أن يحاول إقناع ابنته وأن يوضح لها أسباب رفضه. ولكن، إذا أصرت على الارتباط بالشخص الذي اختارته، فلا بديل أمامه سوى الموافقة».


موقف الدكتور إبراهيم محمد علي، يؤيده فيه ابنه محمد (طالب)، الذي يشير إلى أنه «ما دامت الفتاة ناضجة وقادرة على اتخاذ القرار، فلا مشكلة، ولكن عليها أن تحرص على الحصول على موافقة أهلها، حتى تستطيع اللجوء إليهم إذا ما تعرضت لمشكلة ما مع زوجها مستقبلاً».


عواقب غير سليمة
وفي الواقع، إن في ملفات الاستشاريين والمحكمين الأسريين الكثير من القضايا المشابهة للفتاة موضوع التحقيق. وفي هذا السياق، يصف الاستشاري والمحكم الأسري عبدالقادر محمد عجال هذه الزيجات بالإشارة إلى أن «عواقبها غير سليمة»، ويقول: «صحيح أن الكفاءة الشرعية هي الكفاءة في الدين، ولكن من الصعب علينا أن نغفل العوامل المجتمعية الأخرى». ويسأل: «لو اقتنع القاضي بوجهة نظر الفتاة وتزوجت بمن يرفضه ولي أمرها، فكيف سيكون أثر ذلك على الأب والعائلة؟»، مشيراً إلى أن «القانون والشرع يبيحان وفق شروط معينة. ولكن، ماذا ستفعل الفتاة مع المشاكل الزوجية المستقبلية؟ من سيقف بجانبها لو تعرضت لظلم من زوجها الذي اختارته بنفسها على الرغم من رفض أسرتها له؟ أين ستذهب لو قام بتطليقها؟». ويؤكد عجال أن «العبرة دائماً في المآل، وهذا يتطلب من الأسرة أن تجلس مع الفتاة للتعرف إلى ما تفكر فيه، وتوضيح أسباب المنع والسلبيات التي ستواجهها مستقبلاً». ويقول: «على المستوى الشخصي، أنا لا أؤيد زواج الفتاة بهذه الطريقة».


تعسف
أما المحكم الأسري فيصل سعيد، فيرى أن «للقاضي الحق في تزويج الفتاة إذا كان هناك تعسف من ولي الأمر. أما إذا كان لدى ولي الأمر مبررات وجيهة جعلته يرفض ارتباط ابنته بالشاب الذي اختارته، فإن القاضي لا يوافق على هذا الزواج، لأن القاضي ينظر إلى القضية من جميع جوانبها». ويتوجه فيصل سعيد بالنصيحة إلى الفتاة، مشدداً على «أهمية أن تطيع ولي أمرها، لأنه الأعلم بمصلحتها». ويقول: «أنا على يقين لو أن ولي الأمر على ثقة بقدرة وكفاءة الشاب الذي ترغب ابنته في الارتباط به، فإنه لن يرفضه». ويتابع: «من واقع خبرتي، فإن ما بني على باطل فهو باطل، فمادامت الفتاة قد استخدمت هذا الأسلوب ووصلت إلى هذه المرحلة، فإن مصير هذا الزواج هو الفشل، لأنه لم يُبنَ على أسس سليمة».


تفكير محدود
التوجيه الأسري هو البوابة الأولى التي تمر من خلالها قضايا عضل الولي، وإذا فشل التوجيه الأسري في إيجاد حل للمشكلة المعروضة، يقوم بإحالتها إلى قاضي التحقيق في المحكمة المختصة». والكلام هنا للموجه الأسري في محكمة الشارقة عامر المرزوقي، الذي يقول إن «ولي الأمر هو الأعلم بمصلحة ابنته، لأن الفتاة قد يكون تفكيرها محدوداً بخلاف ولي الأمر». ويضيف: «نحن ننظر إلى القضية من جوانبها كافة، لمعرفة سبب رفض الولي لزواج ابنته، وهل هو من النوع المتعنت الذي لا يرغب في تزويج بناته لسبب من الأسباب؟ أم أن لديه مبرراته التي دفعته إلى رفض زواج ابنته؟ وهل هو على درجة من الوعي أم لا؟». وفي سياق تفسيره لمعنى الكفاءة في الزواج، يوضح عامر المرزوقي: «إن مسألة الكفاءة يحددها الولي، فهناك من يضع العامل المادي في المقدمة، وهناك من يضع القبيلة، وآخرون يضعون الدين والأخلاق والجنسية»، لافتاً إلى أنه «عندما يرفض الولي فلأن لديه مبرراته من وجهة نظر مجتمعه هو. كما أن الولي ينظر إلى ابنته التي جاءت إليه بشاب لا يعرفه، نظرة كلها ريبة وشك، ويعتبر أن ما بني على خطأ فهو خطأ». ويقول: «في الغالب، فإن أغلبية الفتيات اللواتي يلجأن إلى هذا الأسلوب، لا يتمتعن بعلاقات أسرية متينة، وتكون علاقة الفتاة بأسرتها ضعيفة، وفي بعض الحالات تجد أن الفتاة تعيش في عالم منفصل عن عالم الأسرة، وفي الغالب تفتقر إلى الحنان الأسري». ويعتبر عامر المرزوقي أن «العقد من دون ولي هو عقد باطل»، مشيراً إلى أن «الفتاة التي تجبر أهلها على الزواج بشاب مرفوض من قبل وليها، تكون قد تجرأت على الأسرة والعادات والتقاليد، وزواجها لا يوثق في المحاكم الإماراتية». ويضيف: «إذا ما أصرت على الارتباط بهذا الشاب، فإنها ستخسر أهلها، وإذا طلقها فلن تجد من يقف بجوارها، وإذا سافرت معه أو هربت إلى الخارج فهي فتاة سيئة السمعة والسلوك، فلا نكاح من دون ولي وشاهدي عدل».


زواج من دون ولي
من وجهة نظر مخالفة، يؤيد المحامي والمستشار القانوني يوسف الشريف «زواج الفتاة من دون ولي». ويتساءل: «هل من المعقول أن تكون ابنتك وزيرة، أو تتولى موقعاً قيادياً، وتتخذ قرارات مصيرية، وعندما تريد الزواج تمنعها بحجة أن موافقة وليها ضرورية ولا نكاح من دون ولي؟». ويقول: «هذا ما يدعو إلى ضرورة أن يعاد النظر في مسألة الولي، وأن يستدرك المشرع في قانون الأحوال الشخصية الإماراتي ما قرره من أن الولي ركن في عقد النكاح، وأن يعمل بما ذهب إليه جمهور الفقهاء باعتبار أركان الزواج هم: «الزوجان وصيغة الإيجاب والقبول بينهما». وللمشرع أن يعتبر إذن الولي حقاً له وليس ركناً لإبرام عقد النكاح». ويوضح الشريف: «إن طرحي لموضوع الزواج من غير ولي، ليس من قبيل التصريح أو السماح بأن تتزوج الواحدة من دون ولي، أو أن يكون هذا رأيي أو ما يوافق هواي، بل هو طرح علمي للدراسة والتحليل ولتغليب الصالح العام، فالرأي القائل إن لا حاجة للولي رأي مسنود لأدلة نقلية وعقلية من السنة والأثر والمعقول». ويقول: «لو اشترط المشرع في الدولة الحصول على إذن معين قبل إبرام عقد معين، فهل يترتب على مخالفة هذا الإذن وعدم الحصول عليه بطلان لأصل العقد؟ بالطبع لا. وإنه وإن كانت آثار هذا العقد لا يحتج بها في الدولة، إلا أن آثار العقد ترتبت بين أطرافه وتحققت التزاماته وواجباته وآثاره إن لم يكن قضاءً فديانة». ويضيف: «لذلك، فإن الدعوة هنا هي في أساسها لإمضاء ما تم من عقود من غير إذن ولي، وللتحقق فيها من عضل أولياء المرأة، لا أن نطلق الأمور على عمومها». ويلفت إلى أن «هناك من الأولياء من يتعنت مع بناته، وهناك من يكون هو أساس هذه الإشكالية، إذ أطلق العنان لبنته بالحرية المفرطة أن تنشئ ما تشاء من علاقات بدعوى الثقة، حتى تأتي له بمن لا يرغب فيه رغم أنفه». ويختم قائلاً: «في جميع الأحوال، أعود لأقول، وبغض النظر عن وجهات النظر التي سبقت كلها، إن الرأي القائل بصحة عقد الزواج من غير ولي صحيح وله ما يوافقه من دليل».

للمزيد:

هل تتزوج عن طريق الانترنت؟

أسلوب حياتنا قد يؤثر على الأجيال القادمة

أطباق رمضان

صور: 20 مفاجئة لصاحبات الشعر القصير

فيديو: قالب فطيرة الدجاج