كم مرّة تقفلين الباب قبل النوم؟ كم مرّة تغسلين يديك؟ هل تراودك أفكار مقلقة بشكل يصعب عليك طردها أو إبعادها مهما حاولتِ؟ قد تكونين مصابةً بأحد أكثر الأمراض العصبية انتشاراً: الوسواس القهري.
تقتحم ذهن مريض الوسواس القهري أفكار أو صور، تسبب له القلق والتوتر والانزعاج، لكنّه يعجز عن مقاومتها. وهذا ما يدخله في دوّامة من الألم النفسي الشديد، ويؤثر سلباً على حياته الدراسية والعمليّة.
وتتنوّع أعراض الوسواس القهري بين مريض وآخر: فمنهم من يعاني من وسواس مصافحة الآخرين خوفاً من انتقال عدوى إليه، ومنهم من تلح عليه أفكار الموت أو يصاب بوسواس النظافة، أو وسواس تنظيم أغراضه... كما يصاب بعض مرضى الوسواس بعارض إعادة التدقيق عند القيام بعمليات حسابية أو التأكد من الأقفال في المنزل أو أزرار الكهرباء والغاز. وبعضهم يكرر عمليات الغسل والنظافة مما يكون سبباً في التأخير وإضاعة الوقت.
كما أنّ بعض المرضى يحفظون أغراضهم حتى ولو حان وقت رميها، أو يجمعون أشياء لا قيمة لها إلا في عقولهم. كما أنّ بعض المرضى، يصاب بوساوس جنسيّة، تسبب له القرف والاشمئزاز. وكلّ هذه الأفكار تكون خارجة عن إرادة المريض، ونوعاً من التصرفات القهرية والقسرية التي يفرضها دماغه عليه. مثلاً، قد يتخيل المريض أن أحد أفراد الأسرة قد تعرض لحادث، فيخاف ويقلق ويتوتر عند أي تأخّر.
نسبة الإصابة بهذا المرض متساوية بين النساء والرجال، وقد تظهر في سنّ المراهقة. ولكنّ البدء في علاج المرض في وقت مبكّر، قد يخفف على المريض وعلى عائلته الكثير من العذابات.
وكغيره من الأمراض العقليّة، يحتاج الوسواس القهري إلى علاج دوائي، لأنّه لا يكون ناتجاً عن أسباب نفسية بحت، بل له أيضاً مسببات عضويّة. ويجب أن يتمّ العلاج لدى طبيب متخصص، وقد يتطلّب أخذ عقاقير لسنة أو أكثر بحسب الحالة.
من ناحية أخرى، يجب أن يتلقّى المريض علاجاً سلوكياً، لمساعدته على تخطّي الآلام التي سببها له المرض، وعلى تغيير مقاربته للعالم من حوله. ويساعد المعالج النفسي المريض في كشف الجراح في عقله الباطني التي أدّت إلى إصابته بالوسواس القهري.
نصيحة "أنا زهرة" لك أن لا تتجاهلي ظهور الأعراض المذكورة عندك أو عند أحد أفراد عائلتك. مرضى الوسواس القهري بحاجة لمحبة عائلتهم وأصدقائهم كي يكملوا حياتهم بشكل طبيعي.