دائماً ما تتكرر القصة: نجمة تتألق على خريطة مخرج، ومخرج يرى أنّ هذه النجمة تحقّق ما يتمناه على الشاشة، ثم تحدث خصومة تختلف درجتها وحدتها.
هكذا، لم يكن غريباً أن يصل خالد يوسف وغادة عبد الرازق إلى خطّ النهاية. إلا أنّ الأمر لن يتوقف عند مجرد التوقف عن التعامل الفني. طبقاً للتركيبة الشخصية لطرفي الصراع، أظنّه لن ينتهي ببساطة. لن تترك غادة ما حدث يمرّ بهدوء، سيما أنّها تعتبر خالد صاحب النصيب الأكبر من الاتهامات التي طالتها بسبب انحيازها لمبارك، وأدّت إلى احتلالها مكانة خاصة على قائمة العار التي رفعها المتظاهرون في ميدان التحرير، وأثّرت بالسلب على تواجدها الفني. هي تعرف الكثير من التفاصيل حول علاقات خالد وآرائه المعلنة والمستترة. علاقة تمتزج فيها مشاعر الانتقام والأخذ بالثأر، ولا أتصوّر في المقابل أنّ خالد سيكتفي بالصمت، فهو أيضاً يعرف الكثير عن غادة!
دائماً ما أرى أنّ اختبار الصداقة الحقيقي يكون عندما ينشب خلاف بين الصديقين: هل يؤثران السلامة ويبتعدان في هدوء أم أنّ التشهير يصبح السلاح الذي يرفعه كل منهما في وجه الآخر؟
كيف تنكر غادة مثلاً أنّ خالد لعب الدور الأكبر في تحقيق تواجدها السينمائي رغم أنّها كانت في الماضي الأكثر حرصاً على إعلان هذا الأمر في كل أجهزة الإعلام؟ ومن الواضح أنّ خالد كانت تطربه كلمات الإشادة ممن يعملون معه. هكذا كنت ألاحظ من خلال متابعتي ليس لغادة فقط التي كانت تشيد به، بل للكلّ الذي كان يردد على طريقة شادية في أغنيتها الشهيرة "احنا من غيرك ولا حاجة ونقصنا كام مليون حاجة". الحقيقة أنّه منذ ذلك الدور المحدود الذي لعبته غادة في فيلم "حين ميسرة" عام 2007، حدث بينها وخالد نوع من التوافق استمر في "الريس عمر حرب"، و"دكان شحاتة" و"كلمني شكراً" وصولاً إلى نهاية الخط مع "كف القمر".
غادة لا تسأل عن حجم دور، بل تسعى للمشاركة في الفيلم سواء كانت البطلة هيفا وهبي كما في "دكان شحاتة"، أو البطل نجماً هي سبقته زمنياً مثل عمرو عبد الجليل في "كلمني شكراً". وحتى آخر لقاء بينهما في "كف القمر"، شاركت وهي تعلم أنّ قمر هي وفاء عامر.
إنّها البطلة الدائمة في أفلامه وهو يشبه في هذا الاتجاه أستاذه يوسف شاهين. إذ تجد مثلاً أنّ محسنة توفيق كانت الدائمة على الخريطة خلال فترة زمنية محددة، كما كانت هدى سلطان. وظلّ محمود المليجي بطله حتى رحيله وفي مرحلة ما محسن محيى الدين. أما في سينما خالد يوسف، فستلمح الآن خالد صالح، وقبل ذلك هاني سلامة، وفي الأدوار الأقل مساحة صبري فواز. وشروط هذا التوافق هو القبول المطلق بالدور بغض النظر عن المساحة. ومن الواضح أنّ غادة ارتضت بذلك!
بالتأكيد، فالتوافق الفني بين غادة وخالد فتح الباب لكي تنمو العديد من الحكايات. لقد نسج خيال الناس الكثير، حتى أنّهم انتظروا إعلان الزواج بين المخرج وبطلته المفضلة. قالت هي ذلك على الهواء في برنامج تلفزيوني. أما في مسلسل "زهرة وأزواجها الخمسة" كما حكى الكاتب مصطفى محرم، فإنّ الزوج الخامس طبقاً للسيناريو كان محمد لطفي الذي شاركها البطولة، وكان يؤدي دور المحامي. لكن غادة فرضت خالد يوسف على فريق العمل. وعندما تفرض نجمة مثل غادة رأيها، فلا بد من أن يستجيب الكلّ من الكاتب إلى المخرج. وهكذا أصبح هو درامياً الزوج الخامس لغادة أو "الحاجة زهرة"!
بالتأكيد، كان خالد يرى أشياء إيجابية في غادة الفنانة والإنسانة وإلا لما استعان بها في أفلامه الأخيرة. لكن الثورة المصرية كانت الخط الفاصل بينهما. مثل أغلب نجوم الفن المصري، لم تتوقع غادة أن يغيب مبارك عن المشهد، وشاركت في أكثر من تظاهرة. وفي أكثر من حوار، أعلنت انحيازها لمبارك، ورددت "متأسفين يا ريس". ولأنه أكثر إلماماً منها بمجريات الأمور على المستوى السياسي، حرص خالد على تنبيهها إلى خطورة ما هي مقدمة عليه وإلى ضرورة أن تنضم إلى مشاعر الناس. لكن "السيف قد سبق العزل"، ولم تستطع غادة التراجع، وحرص خالد على أن يعلن نصّ المكالمات بينهما وتحذيراته لها، وقال إنّه لا يمكن أن يعمل مع فنانة تخاصم مشاعر الجماهير وتخاصمها مشاعر الجماهير. ووجدت غادة أنّها تتلقى طعنة من أقرب أصدقائها. وواجه مسلسلها "سمارة" مشكلات في التسويق، لكنّها قاومت. وهو المصير الذي لقيه فيلمها "بون سواريه"، وسوف يواجه فيلمها المقبل "ريكلام". اعتبرت غادة أنّ المعركة بينها وبين خالد قضية حياة أو موت، وجاء "كفّ القمر" كأنه يعلن النهاية. لا أتصوّر أنها النهاية بالفعل. لا تزال هناك فصول أخرى مقبلة ستكون أكثر إثارةً
للمزيد