عند وصولي إلى فرنسا منذ حوالي عشرين عاماً، تفاجأت كثيراً آنذاك بتجهّم وجوه الباريسيين. فغالباً ما تختفي الإبتسامة عن وجوههم سواء كانوا في الشارع أو في الميترو أو العمل.


ولطالما تساءلتُ عن سبب كآبة الباريسيين، والتفسير الوحيد الذي وجدته كان في انعكاس رمادية الطقس على مزاجهم.
قرأتُ مؤخراً كتاباً بعنوان "السعادة في متناول الجميع" عن دار نشر châtelet للكاتب Alex Quick، يعطينا فيه بعض النصائح البسيطة التي تمنحنا السعادة والراحة، كالخروج ومراقبة النجوم، الاستيقاظ باكراً للتمتع بطلوع الفجر، وتحويل المنزل إلى مقهى صغير.
من هذه النصائح :


كتابة جملة كل يوم :
هناك الكثير من الأشخاص الذين يحفظون يومياتهم بشكل مفصل ودقيق وطويل. ومنهم مَن اشتهر بنشر مجلدات عن حياتهم اليومية.
لكننا لسنا بصدد هذا النوع من الكتابة التي غالباً ما تتطلب جهداً كبيراً. المقصود هنا أن نقوم باستراحة يومية قصيرة، ندوّن فيها جملة خطرت ببالنا أو حدثاً ما. ويكفي أن تكون هذه اليوميات بسيطة نغلقها متى نشاء دون أن تكون عبئاً علينا، ودون أن ندخل بتفاصيل لسنا بحاجة إليها. أن نكتب جملة واحدة في اليوم فقط هي نصيحة الرسّام أبيل دو كوس من القرن الرابع قبل الميلاد : "لا يمر يوم دون كتابة سطر واحد".


كتابة جملة هي وسيلة بسيطة تمكننا من مراجعة حساباتنا الذاتية دون الخضوع لأية ضغوط. ويمكن لهذه الجملة أن تكون حول حدث مهم أو فكرة ما رادوت أذهاننا، أو مشروع...أو أي شيء آخر.
لكن إذا فتحنا دفتر يومياتنا ووجدنا أن ليس لدينا أفكار أبداً، فلندوّن أي شيء مثل : "ليس لدي شيء اليوم لأكتبه".


النهوض باكراً :
من المعروف أننا بحاجة من ست إلى ثماني ساعات نوم في الأربع وعشرين ساعة، أي بمعدل سبع ساعات يومياً. نعم، ولكن متى؟


فإذا ذهبنا إلى النوم متأخرين في حوالي منتصف الليل، هذا يعني أنه يجب علينا أن نستيقظ في السابعة صباحاً، مما لا يترك لنا الكثير من الوقت لنجهز أنفسنا والإنطلاق إلى العمل.


لكن إذا فضلنا النوم باكراً في حوالي الساعة العاشرة والنصف مساء، يمكننا عندئذ أن نستيقظ باكراً في الخامسة والنصف أو الخامسة صباحاً.


الاستيقاظ باكراً له فوائد كبيرة، فهو يوفر لنا الوقت الكافي للقيام بواجباتنا اليومية الروتينية، ويسمح لنا بفسحة من الوقت للتمتع بأجواء الصباح الساكنة حتى في المدينة يمكننا استغلالها للتأمل بطلوع الفجر، للتنزه ولكتابة جملة في مدوّنتنا، أو لقراءة فصل من رواية أو للقيام بعمل ما عندما يكون ذهننا صافياً، أو للاعتناء بأزهارنا.
بعد ذلك يمكننا الإنطلاق إلى العمل بكلّ نشاط وراحة.


التنزه تحت المطر:
يبدو أن المشي تحت المطر ممتع ولذيذ. يكفي فقط أن نقبل فكرة التبلل بالمطر، حتى ينفتح أمامنا عالم من البهجة والسعادة.
أثناء وابل المطر، تكون الشوارع مقفرة وتتراجع حركة المارة. وهكذا يخلو لنا الجو وحدنا. فإذا خرجنا مع صديق أو إنسان نرتاح برفقته، لا أحد سوانا، سنرى أن المطر يزيد من الحميمية، وتعلو في الجو روائح وعطور جديدة، خاصة عندما تمطر بعد يوم حار وتأخذ النباتات مظهراً متألقاً ومختلفاً.
التجول تحت المطر هو تجربة يعرفها جميع الأولاد، الذين يركضون ويلعبون ويمرحون وتعلو صيحاتهم وفرحتهم وهم يدوسون في برك المياه الصغيرة.
إن كنتم تخشون التبلل والرطوبة، ما عليكم إلا ارتداء ثياب وأحذية خاصة للوقاية من المطر. لكن هل هذا يعني أنه يجب أن نختبئ دوماً من العوامل الطبيعية؟
وتذكروا قول الفنان كلود نوغارو: "المطر يقرع على الرصيف منتصف الليل، أحياناً أتوقف، أعجب وأصفّق...".


المزيد:

لعلاقة زوجية أكثر حميمية

الوخز بالإبر: هل يُخفض الوزن فعلاً؟