أنتِ "فوتوجينيك" إذن أنت موجودة! خطرت لي هذه الفكرة حين وصلني طلب مشاركة في مجموعة على الفيسبوك عنوانها "ضد صور البنات على الفيسبوك" ثم عثرت على صفحة أخرى بعنوان "لا لنشر صور البنات على الفيسبوك". ثم فكرت من هي الفتاة الأكثر صوراً في عالم الفيسبوك ياترى؟
ليس هذا بالسؤال المنطقي في عالم يتجدد كل لحظة بل كل ثانية، فيضاف له ويؤخذ منه آلاف بل ملايين الصور وبلا توقف. ليس هذا هو ما أبحث فيه حقاً وأنا اقلب صفحات صديقاتي، لماذا يضعن صورهن أكثر من أصدقائي الرجال؟ ولماذا يرغب البعض بعرض حياتهم أو حياتهن الخاصة للغرباء؟ أليس غريباً أن يتهرب النجوم والنجمات من عرض حياتهم على جمهورهم بينما يريد الناس العاديين إظهارها على الملأ حتى وإن لم نكن مهتمين بمعرفتها؟
إحدى الدراسات التي أجريت حول هذا الموضوع، وقامت بها جامعة بوفالو بقيادة الباحث البروفيسرو مايكل ستيفانون، بينت أن النساء اللواتي يرتكزن على الشكل والمظهر في تقديرهن لذواتهن يملن بطبعهن لتكوين شبكة كبيرة على الفيسبوك، ويعتمدن على صورهن كواحدة من الطرق التي تحقق لهن التقدير الذي يطمحن إليه.
وأوضحت الدراسة وجود فروقات ثابتة بين سلوك الرجل والمرأة حين يتعلق الأمر بمعيار الصورة والمظهر. وهو المعيار الذي تم البحث فيه لدراسة سلوك الرجل والمرأة على الفيسبوك، إضافة إلى معايير أخرى كالوقت الذي يقضيه أفراد العينة في إدارة حساباتهم الشخصية وعدد الصور التي يتم تشاركها مع الآخرين، وحجم الشبكة والأصدقاء والكتابة في خانات الصفحة المختلفة.
ومن الطريف أن تصل الدارسة إلى أن المرأة تتأثر بشكل أكبر بمشاركة وتعليق الآخرين على صورها، ويزيد تقديرها لمظهرها وذاتها كلما لقيت صورها الكثير من التقدير والإعجاب والتعليق. بل إن نسبة كبيرة من العينة (شملت 3000 حساباً شخصياً لأفراد في عمر23- 25 عاماً 49.8% منها من النساء) يتأثرن بشكل مباشر بالرضى والانزعاج خلال النهار بحسب التعليقات التي تستحسن صورهن وتعلق عليها وتعجب بها.
وكلما كانت الفتاة صاحبة مظهر جميل وملفت للنظر وصالح للتنافس في عالم الفيسبوك زاد تعلقها بالأونلاين ورغبتها مشاركة الآخرين بالصور والأخبار. بل وكلما زادت الصور على الفيسبوك زاد عدد أصدقاء الصفحة أيضاً.
وبحسب الدراسة فإن الحاجة للفت الانتباه هي الباعث الأساسي لمثل هذا السلوك الاستعراضي على الفيسبوك. بينما يلاحظ أن النساء اللواتي يحصلن على الحب والدعم والتعزيز النفسي من عائلاتهن وأصدقائهن لا يملن لوضع صورهن على الفيسبوك، بل يتعاملن معه كوسيلة عمل وتعارف أكثر من وسيلة للفت النظر والحصول على الاهتمام، كما أنهن يقضين وقتاً أقل في هذا العالم.
"أنا زهرة" التقت الطبيب النفسي الأردني محمد أبو زيد، للحديث عن حاجة المرأة للصورة للحصول على التقدير، والذي بين لنا إن "هذه الظاهرة هي من الحالات التي بات يعتمد عليها كثير من الناس وليس النساء فقط، للشعور بقيمة الذات، فنحن نعيش عصر الصورة بامتياز، وهي تمثل طريقة جديدة سريعة وسهلة للتعبير والتدليل على الهوية الشخصية المختلفة. وتساعد في بناء طريقة للتفاعل الاجتماعي وجذب الآخرين بسرعة، وبطريقة تشعر فيها المرأة، على وجه الخصوص، بأنها مرغوبة وجميلة ومحبوبة وحرة، وتكون في الوقت نفسه متحكمة بكل شيء وبعيدة هي فقط التي تختار وقت وكيفية التواصل مع الآخرين".
وأضاف "أنه وبالرغم من أن هذا التصرف يبدو نمطياً ومتوقعاً إلا أنه مخيب للأمل أيضاً ونحن في العام 2012 ومازالت النساء يؤكدن على قيمة ذواتهن ويعبرن عن هوياتهن من خلال الصورة والمظهر الجسدي، ويقمن بعرض مئات الصور لهن وكأنهن يعتمدن على مفهوم التسويق والإعلانات التجارية تماماً بدلاً من تقديم أنفسهن من خلال آرائهن مثلاً في كل مايجري حولهن".
من جهته بين أستاذ علم الاجتماع العراقي يوسف العاني أنه لا يمكن إلقاء اللوم على المرأة فقط لاعتمادها المظهر كطريقة لتقييم نفسها وإثبات حضورها، فالمجتمع كرّس منذ عقود وعقود أن الجزء الأساسي والرئيس الذي يهم في حضور المرأة هو جمالها وفتنتها، وللأسف لم يستطع كثير من الرجال إلى الآن أن يروا في المرأة أكثر من قطعة ديكور جميلة".
ولكن مالمشكلة إذا كانت الفتيات بحاجة للظهور في أعمار معينة أو نتيجة لحاجات محددة، ألا يدل هذا على تقصير المحيطين بها في الاهتمام والرعاية؟
يجيب الطبيب النفسي أبو زيد عن هذا السؤال بقوله "المشكلة هي في أن الفتاة سيزيد اعتمادها شيئاً فشيئاً في تقييمها لذاتها على صورة فيها الكثير من الوهم واللحظية وحتى "الفوتو شوب". وبالتالي تكرس هذه الطريقة لتصبح سلوكاً وجزءاً من الشخصية، وهذا خطر لأن الشكل هو قيمة هشة ومعرضة للكسر والزوال والتهميش ومزاجية الآخرين وفي أي لحظة ولأي سبب".
وأنتِ مارأيك؟، هل تضعين الكثير من صورك على الفيسبوك؟ هل تعبرين بها عن حياتك الشخص ية أو موقفك من قضايا معينة أم فقط تحبين اصطياد المديح والغزل من هنا وهناك؟ وماذا عن صديقاتك؟ لا تنسي أن تدلي برأيك هنا...