رغم حزني وغضبي لدى سماع التعليقات على سلوك أطفالي لدى زيارة إحدى الصديقات أو الأقارب، إلا أنني أعترف أنني عاجزة عن ضبطهم وأنهم بالفعل قليلي الأدب.
لا أدري مالعمل ولا أستطيع تركهم وحدهم في المنزل ولا أستطيع جلب جليسة لهم خلال غيابي. أتساءل لماذا لا أستطيع السيطرة عليهم وتربيتهم على السلوكيات الجيدة. هل أنا أم سيئة؟
"أنا زهرة" سألت خبيرة التربية سمر المفتي حول كيفية ضبط سلوك الأطفال لدى الزيارات، والتي فاجئتنا بدورها حين بينت أن مهمة ضبط الأطفال لدى زيارة تقع على عاتق الأسرة المضيفة أكثر من الضيفة. وأوضحت المفتي أن الطفل عادة يقوم بشيء يشبه دراسة المكان والغرباء ويتصرف على قدر مايعطونه مساحة للتصرف، وهناك أطفال يصعب ضبطهم خاصة في أعمار بين 4 و7.
لكن ماهي آليات الضبط؟ تجيب المفتي بأنه إذا قامت إحدى الأسر باصطحاب أطفالها لزيارة نظيرتها، فينبغي على آباء كلتا الأسرتين الاتفاق بشكل مسبق على بعض القواعد والأسس لما يتم السماح به للأطفال خلال هذه الزيارة.
وتبين المفتي أنه لا بد من الاتفاق على عدم الإيحاء للطفل بأن من المتاح له التصر ف كما يحب لأنه ضيف ينبغي إرضائه، ومن غير المستحب أن يسمع المضيفة تقول لأمه "أتركيه يلعب أو دعيه على راحته" لأنه سيتصرف بدافع من العصيان لأوامر والدته ويستمتع ببيت تخلو فيه القوانين والقواعد. كما أوضحت أن شروط البيت المضيف كذلك لابد أن تنطبق عليه، فبهذه الطريقة يبدأ الطفل في إدراك الفروقات التي عليه مراعاتها واختلافات الآخرين ووجوب احترامها.
من جهتها بينت خبيرة التربية الألمانية سوزانا موكلير لوكالة الأنباء الألمانية "د ب أ" أنه يتعين على آباء الأسرة المستضيفة احترام القواعد التربوية الخاصة بآباء الأسرة الزائرة لهم، كعدم السماح للأطفال بتناول الحلوى مثلاً، وتقول :"يُفضل أن يحرص آباء الأسرة المستضيفة حينئذٍ على الالتزام بتنفيذ مبادئ الأسرة الزائرة لهم؛ فإذا تعرضت شخصياً لمثل هذا الموقف، سأقوم بتقديم الفواكه بدلاً من الحلوى للأطفال".
وإذا كانت الأسرة التي سيتم استضافتها تلتزم ببعض القواعد الأخرى فيما يتعلق بمشاهدة التلفاز مثلاً، فمن الضروري الاتفاق أيضاً على هذه القواعد من قبل؛ لذا لا تُعد دعوة الطفل الضيف لمشاهدة التلفاز فكرة جيدة على الإطلاق.
كما يُمكن للأطفال أيضاً التفرقة بشكل جيد بين القواعد الملزمين بها في نطاق أسرتهم وقواعد الأسر الأخرى "يُمكن للأطفال تفهم الأمر تماماً بأن ما يسري عليهم من قواعد يختلف عما يسري لدى بقية الناس، حتى الأقربون منهم كجدتهم أو جدهم مثلاً"؛ لذا فلن يضر السماح لهم أحياناً بالقيام بأشياء لم يعهدوها من قبل، بشكل استثنائي، بالسياق العام لتربيتهم أو تنشئتهم.
وأشارت موكلير إلى أن معرفة الطفل لمثل هذه الاختلافات تُساعده على الاستمتاع بحياته بشكل أفضل، موضحةً :"من الرائع جداً أن يتعرف الطفل بنفسه من خلال ملاحظة مثل هذه الاختلافات أنه من الأفضل ألا يستمر في مشاهدة التلفاز بلا فائدة طوال اليوم. كما يُفضل أن تجتمع الأسرة لتناول الطعام مع بعضها البعض، بدلاً من أن يأكل كل شخص بمفرده سريعاً ويظل في غرفته بعيداً عن الآخرين".