الرفض يعني الضرب أو الطرد أو الطلاق...ثلاث إجابات حصلنا عليها من حالات مختلفة من نساء يراجعن إحدى مركز حماية المرأة من العنف في عمان، بعد أن تعرضن لطرق مختلفة من التعنيف نتيجة لرفضهن المعاشرة بسبب سلوكيات الزوج في السرير أو لأسباب نفسية تخصهن. منهن من تبحث عن محامية ترد لها حقوقها، ومنهن من تبحث عن عمل وتأمل لو تستطيع المنظمة أن تساعدها، ومنهن من تريد أن تعرف إن كان لها الحق في طلب الطلاق بعد الطرد في منتصف الليل وإن كانت ستحصل على حقوقها.
ولا ندري ماسيكون رد فعل الزوجة إن طلبت من الزوج المعاشرة ورفض هو أو تحجج بالنعاس أو التعب أو حتى لم يكن راغباً فقط في ذلك. هل ستقيم الدنيا ولا تقعدها؟
بالطبع نحن لم نذكر الجواب الرابع على السؤال الذي لم نستطع أن نطرحه أصلا، فالمرأة المكرهة على الجماع لم تكن موجودة لكي تشرح لنا ما يحدث أو تبدي وجهة نظرها أو تتحدث حتى عن شعورها.
لكننا سألنا د.محمد أبو زيد الطبيب النفسي الذي قال "إن إرغام المرأة على الفعل الجنسي ينفي عن هذا الفعل بعده الأساسي الجميل، ويتحول من فعل مشاركة ليصبح فعل نزاع وتملك يبرهن فيه الرجل عن سطوته ويصم جسد المرأة بأثر هذه السطوة. باختصار هو يحطم معنى فعل الحب بل ويدمر العلاقة الزوجية برمتها".
ويضيف أبو زيد "يكاد تأثير الإكراه في الجماع أن يساوي في أثره على النساء، كما نلاحظ من شهادات كثيرات، الأثر الذي يتركه فعل الاغتصاب، ويصبح جسد الرجل بالنسبة للمرأة جسداً غريباً هو جسد العدو جسد المضطهِد المعذِب. والأصعب من ذلك أن كثير من النساء تميل إلى تحميل أنفسهن المسؤولية ويفاقم هذا عندهن نوعاً من الشعور بالذنب.
ولكن لماذا ترفض المرأة ممارسة الجنس مع زوجها؟ مالذي يجعلها تنفر من شريك حياتها؟
هناك العديد من العوامل البسيطة المرتبطة بشروط الحياة والعمل أو بالتعب القلق والتوتر، وهناك عوامل هرمونية مرتبطة بدورة المرأة الشهرية. وأحيانا تعاني المرأة من الألم أثناء الممارسة ولا تفصح عنه ولكنها تطلب عدم الممارسة مخفية الألم خوفاً من نفور الزوج. بالمقابل هناك مايتعلق بالعلاقة الحميمة نفسها مع الزوج، فعدم الرضا الجنسي يتسبب بالنفور، خاصة مع تكرار الفشل أو تجاهل مشاعر الأنثى. والأهم في هذه الحالات اعتماد مبدأ المكاشفة والتصارح بين الشريكين، بحيث يحاولان معا حل هذه المشاكل الحميمة والسعي لأن تكون العلاقة متفتحة. ومع ذلك فالنجاح ليس حتمياً، فمن الممكن أن يكون الشريكان غير مناسبين واحدهما للآخر جنسياً. أو تكون ممارسات الزوج عنيفة أو تكون المرأة لديها رغبات لا تستطيع أن تفصح عنها ومع تراكم الوقت على هذه الجروح الدفينة يحدث النفور في السرير.
وللأسف ففي مجتمعاتنا المحافظة يصعب تناول هذا الموضوع والحديث فيه مع أقرب الأقربين لعوامل متعددة، ولهذا لا يمكن للمرأة أو الرجل أن يصرح أن المشاكل بين الزوجين أساسها خلاف جنسي، ولهذه الاعتبارات تظل المرأة صامتة على مايلحق بها من عنف في أكثر الأماكن التي نحتاج فيها إلى الأمان السرير وحضن الشريك.
وعلى مستوى العلاقة بين الزوجين فتلك مشكلة حقيقية وفعلية تسبب الكثير من التوتر والشعور بالخيبة والإحباط ويجب التعاطي معها بجدية.