تعيش العائلة العربية الكثير من التناقضات، خاصة تلك التي تحاول أن تظهر بمظهر متحرر إلى حد ما، بينما هي تعيش فصاماً حقيقياً بين ماتريد أن تتبناه من قيم جديدة أكثر انفتاحاً وبين تأثير قيم المجتمع الراسخة عليها.

نور فتاة أردنية، والدها مدير مدرسة حرص على تعليمها في الجامعة لكي يكون لديها درجة علمية تحقق لها مكانة اجتماعية، أو خاصية تجعلها أكثر أهمية في عيون العرسان.

ولكن والد نور الذي ينتمي لعشيرة كبيرة بدوية يعيشون في منطقة واحدة لم يستطع أن يسمح لنور بمزوالة مهنة المحاماة التي درستها، فقد جوبه بشراسة من قبل إخوته وأقاربه وتم تهديده بالمقاطعة إن هو سمح لنور بأن تدخل وتخرج من المحاكم ومخافر الشرطة.

وهكذا حصلت نور على شهادتها بتقدير "امتياز" وعلقتها إلى جانب صور فوتوغرافية في غرفتها الشخصية، فلم يكن ممكنا أن تضعها إلى جانب شهادة أخيها في صالة الضيوف. صحيح أن والد نور سعيد فيها وبإنجازها ولكن لكل شيء حدود! نسألها ولماذا درست المحاماة إذن؟ تقول "حلم حياتي أن أعمل محامية وأدافع عن حقوق النساء بالتحديد، أملي أن أستطيع مزاولة المهنة بعد الزواج".

وهكذا هي قصة سمر التي برعت منذ أيام الدراسة في الكتابة والنثر والتعبير، وكان حلمها دائما أن تكون صحافية. وهكذا التحقت بكلية الصحافة لتقابل بعد ذلك بمنع العائلة لها من الالتحاق بالعمل كصحافية. كانت سمر تعلم أن حلمها بعيد المنال كما تقول، ولكنها فكرت أن الظروف قد تتغير وقد تتزوج ويسمح لها زوجها بممارسة المهنة هي الأخرى.

رشا قصة أخرى، كاتبة وصحافية معروفة في بلدها وتعمل في جريدة يومية، ولكن حلمها أن تلتحق بالعمل في محطة تلفزيونية إخبارية. وفعلا أتيحت لها الفرصة وجاءها عرض عمل في محطة معروفة يعتبر العمل فيها نقطة تحول في سيرة رشا المهنية. وهي فرصة كبيرة على صعيد الراتب والمكانة وطبيعة التحدي والشهرة. ولكن رشا عادت فجأة في عيون عائلتها تلك البنت القاصر التي لا يجوز أن تسافر للعمل وكذلك لا يجوز أن تظهر كمذيعة. قال لها والدها "اكتبي في الصحافة كما تريدين ولكن أن تظهري في التلفزيون! هذا مستحيل".

أما دارين فحكايتها حكاية، دخلت القسم العملي في الثانوية العامة وحصلت على معدل عال ودخلت كلية الهندسة المدنية، قالت لوالدها ستدرس هندسة ديكور لأنه قال لها منذ البداية "لا تحلمي بالعمل كمهندسة ميدانية تمشي مع الغرباء في الشوارع".

وهكذا أنهت دارين تخصصها وانفجرت قنبلة المفاجأة، بعد أن قالت لهم إنها ستعمل في تخصصها مهما كلف الأمر. بالطبع لم تسر حياة دراين كما يجب. ولكنها تزوجت من رجل متفتح الذهن لم يقف في طريق عملها، فقاطعها والدها في الوقت نفسه ومنعها من زيارتهم في البيت، وهي الآن ترى والدتها بالسر.

هذه بعض من قصص البنات وأحلامهن المكسرة، والتي استطاعت أن تحقق حلما خسرت من أجله شيئاً آخر. مارأيك بهذه الحكايات وهل لديك واحدة تشاركيننا بها؟