يعتبر نزار قباني من أهم شعراء عصرنا، لقيت قصائده رواجاً كبيراً حتى بين الناس الذين لم يهتمّوا يوماً بالشعر والأدب. ولعلّه أكثر شاعر لُحِّنت قصائده، وأوّلها قصيدة "كيف كان" التي لحّنها وغناها المصري أحمد عبد القادر خلال زيارة قام بها لدمشق عام 1953. ثم جاء دور قصيدة "بيت الحبيبة" التي لحّنها وغناها نجيب السراج عام 1958. أما الموسيقار محمد عبد الوهاب، فقد لحّن قصائد عدة لنزار قباني منها "أيظن"، و"أسألك الرحيل" و"ارجع إليّ" لنجاة الصغيرة والأغنية الوطنية "أصبح عندي بندقية" لأم كلثوم. كما غنت فيروز قصيدتيه "وشاية" و"لا تسألوني ما اسمه حبيبي".
أما الراحل عبد الحليم حافظ، فقد غنّى قصيدتيه "رسالة من تحت الماء"، و"قارئة الفنجان" التي لحّنها محمد الموجي، وكانت آخر ما غنى عبد الحليم عام 1976 قبل رحيله. وقد غيّر "العندليب الأسمر" بعض الأبيات والكلمات في القصيدة لأنّه رأى أنّ بعض كلماتها تتضمن بعض الألفاظ التي لا تتناسب مع الذائقة الفنية لجمهوره في ذلك الوقت. ولم يحاول أحد بعد عبد الحليم غناء نزار قباني باستثناء البحريني خالد الشيخ الذي لحّن وغنى قصيدة "عيناك" في أواخر الثمانينيات. ويُعتبر هذا العمل من أجمل أغنيات خالد الشيخ لكنّه لم يلقَ شهرة واسعة في ذلك الوقت.
في التسعينيات، قدمت ماجدة الرومي قصيدة "كلمات" التي أبدع احسان المنذر في تلحينها، ولقيت نجاحاً كبيراً، وحقّقت شهرة واسعة، وتعتبر أيضاً من أجمل أغنيات الفنانة اللبنانية. بعدها، قدّمت أكثر من قصيدة لـ "شاعر المرأة" لكنّ هذا النوع من القصائد المغناة بقي محصوراً بفئة معينة من الجمهور الذي يقبل على الفن الراقي، ويبحث عن الكلمة الجيدة واللحن في وقت كانت بداية التسعينيات تشهد انتشار ما أطلق عليه يومها بالأغنية الشبابية التي كانت تتعرّض لهجوم النقاد وتصنَّف ضمن الأغاني الهابطة. لكنّها كانت تتمتع بقاعدة جماهيرية أغلبها من الشباب والمراهقين الذين لم تكن القصائد المغناة باللغة الفصحى تستهويهم إلى أن قام كاظم الساهر بغناء قصائد نزار قباني، وقدمها بطريقة عصرية جذبت الشباب والمراهقين. أقبل هؤلاء على هذا النوع من القصائد المغناة باللغة الفصحى، وحقّق "قيصر الغناء" نحاجاً كبيراً، ما جعل عدداً كبيراً من الفنانين يغنون قصائد قباني كعاصي الحلاني الذي قدم قصيدة "القرار" عام 2002 لكنّه لم ينجح في هذا اللون، فأقفل الباب نهائياً على التجربة. أيضاً، استهوت قصائد نزار الفنان هاني شاكر الذي وقع خلاف بينه وبين كاظم على قصيدة "يوميات رجل مهزوم". كما قدّمت أصالة قصيدة "اغضب" التي تُعتبر من أجمل الأغنيات التي قدمتها الفنانة السورية ولحّنها حلمي بكر. وكان يُفترض أن تغنّي أم كلثوم هذه القصيدة لكّنها رفضت بسبب كلمات الأغنية، إذ قيل إنّ "كوكب الشرق" رفضت أن تقول لحبيبها "اغضب كما تشاء وارحل كما تشاء" واعتبرت أنّ ذلك لا يليق بمكانتها، بينما يتردد أنّ الشاعر الراحل اشترط أن يقوم بتلحينها حلمي بكر.
الفنانة التونسية لطيفة طرقت أيضاً باب نزار قباني، وقدمت ألبوماً كاملاً من كلماته وألحان كاظم الساهر، لكنّها لم تنجح، فلم تكرّر التجربة. أيضاً، غنّت المصرية غادة رجب قصيدة "لماذا" لنزار قباني والحان كاظم الساهر التي تُعتبر من تجاربها الناجحة.
أما قصيدة "حبلى" التي تعتبر من أجمل قصائد نزار قباني، فكانت محلّ خلاف ولم تبصر النور حتى اليوم رغم أنّ صلاح الشرنوبي لحّنها وغنّتها الفنانة الجزائرية فلة، وتسرّبت عبر الانترنت بصوت السورية ميريام عطا الله ثم بصوت اللبنانية رولا سعد.
في المحصلة، يبقى كاظم الساهر الأفضل في غناء قصائد نزار، فهو المطرب الوحيد الذي لم يكن غناؤه لهذه القصائد مجرد تجربة بل كان ارتباطاً وثيقاً بها، وأصبحت قصائد قباني ملازمة لكل أعمال الساهر. وكان موقع "أنا زهرة" أجرى استفتاءً حول الفنان الأفضل في غناء قصائد قباني، فحلّ الساهر في المرتبة الأولى مع 65% من نسبة الأصوات، بينما نال الراحل عبد الحليم حافظ نسبة 20%، وأصالة 8% وماجدة الرومي 7%.