"أجوان" نورة النومان: قصة الحياة والموت على كوكب آخر
تغيرت حياتها أكثر من مرة، أحيانا تقودها المصادفات وأحيانا يتعدى الأمر مجرد مصادفة، فتتخذ نورة النومان قرارها. تتنقل بين مهن متعددة وتضيف لحياتها قطعة فسيفساء جديدة! لكن الاختلاف هذه المرة لا يمكن اعتباره مجرد تغيير في المهنة أو الدراسة أو حتى مكان للعيش. لقد قررت نورة النومان أن تصير كاتبة، ليس ذلك فقط بل واختارت نوعا لم نألفه في عالم الإصدارات العربية، رواية الخيال العلمي.
صدرت رواية "أجوان" عن دار نهضة مصر منذ أسابيع، ورغم أن النومان تقول إنها ليست أول كاتبة عربية تختار هذا النوع، فهناك كاتبتين أخريين كتبتا أقاصيص وليس أعمالاً روائية، لكنها تظل أول كاتبة إماراتية وعربية تكتب رواية ضخمة تتجاوز الأربعمئة صفحة في هذا النوع الأدبي النادر. وبغض النظر عن هذا الاعتبار، يحسب للنومان في عملها أنها حررت بطلة روايتها من الانتماء إلى كوكب الأرض، على عكس ما يفعله معظم كتاب الخيال العلمي عامة، وكل من كتب في هذا المجال في الوطن العربي.
فأجوان وهو اسم الشخصية الرئيسية، هي كائن من كوكب آخر. والإضافة الثالثة للعمل هي تحرير الشخصية من مهمة البطل الخارق فقط، وإضافة صفات تثقل حركة الشخصية منها : الحمل والأمومة، أن تكون لاجئة ومشردة وأسرار أخرى على قارءات "أنا زهرة" اكتشافها لدى قراءة العمل.
العائلة والعمل
ولنترك أجوان ونعود لنورة النومان، اتصلت بها "أنا زهرة" وقاطعتها وهي تكتب الجزء الثاني من الرواية. كان هناك دفئ ما يصل عبر صوتها وهي تتحدث عن المطر الذي تساقط في الإمارات بالأمس بسعادة، وتمتلك ذلك الصوت المُحلّى والمغطّس بكوب كبير من الطفولة والمرح، محاطة بعائلتها وهي الأم لولدين وأربعة بنات أكبرهم صار في عمر 24 عاماً وأصغرهم في الرابعة عشرة. تعمل مديرة عامة للمكتب التنفيذي لصاحبة السمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، التي اختارتها لهذا المنصب بعد أن عملت كاتبتنا متطوعة في نادي الشارقة للسيدات، وبعد أن تعددت خبراتها في مجالات مختلفة، فهي خريجة الأدب الإنجليزي والمولعة بروايات روبرت جوردان مؤلف A memory of light وهي المترجمة القانونية ومعلمة المدرسة. أجل لقد كانت كل هذا قبل أن تستقر في وظيفتها التي تحبها الآن وتعود منها مساء لتخوض مغامرة التأليف لليافعين.
تجربة التأليف
أخذت نورة على نفسها عهداً، أن تكتب 800 كلمة كل يوم حتى تنهي الرواية. كتبت ذلك على ملاحظات على مكتبها. وبالفعل بدأ مشوار الكتابة الذي استغرق تسعة أشهر كاملة. وكأنها تجربة حمل وولادة، فيها آلام الكتابة وقسوة تجربتها لأول مرة بهذه الكثافة والحضور، تسعة شهور من حمل أجوان حتى وضعتها نورة للعالم. تضحك وهي تخبرنا عن شريك حياتها حين قام بوضع الورقة التي تحمل وعد الكتابة اليومية فوق رأسها، كي تكون الـ800 كلمة هي أول ماتراه عينا نورة ما أن تستيقظ.
عاشت أجوان مع العائلة وبين صديقات نورة مخلوقا فضائيا قريبا منهم، يترقبون مصيرها ويسألون نورة أين وصلت ومتى تنتهي من هذه المغامرة، وماذا أنجزت اليوم؟ حملة تشجيع حميمة للكاتبة الزوجة والصديقة وجدت أثرها بلا شك.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها النومان كتاباً، فلها عملين للأطفال من قبل، الأول هو "القطة قطنة" وهي قصة أطفال مستوحاة من تجربة النومان مع عالم القطط، حيث كانت عائلتها تملك القطط، إحداها حملت اسم شخصية القصة وهو "قطنة".
اما الكتاب الثاني فهو "القنفذ كيوي" وهو القنفذ الذي وجدته مع أطفالها في حديقة بيتهم، وأطلقوا عليه اسم كيوي. وقد ذهبت عائدات توزيع الكتابين لجمعية أصدقاء مرضى السرطان.
سحر الكتابة واللغة
علاقة النومان باللغة إشكالية، فهي قارئة باللغة الإنجليزية بالدرجة الأولى، وقلما قرأت بالعربية.
الخلفية الثقافية التي جاءت منها والعلاقة باللغة الإنجليزية المتخففة من ثقل المجازات، بالإضافة إلى استخدامها لغتها العربية، خلقت مزيجا من نوع يخص نورة النومان فقط، فهي لغة عربية سليمة وأنيقة ومتخففة من التراث، ومناسبة للتحليق في عالم الخيالة العلمي بتقنيات لغة أجنبية، أو لنقل بمنطق الكتابة بالإنجليزية، كما هي الحال في روايات الخيال العلمي الغربية. فموضوعات الخيال العلمي غرائبية بحد ذاتها وبما يكفي، بحيث تكون إضافة لغة مثقلة بالكنايات والاستعارات ليست في صالح العمل، خاصة وأنه موجه لجمهور محدد وهو اليافعين.
كيف سيقرؤونني؟
إنه تحدٍ فعلا، نوع كتابة جديدة علينا ولفئة من الشباب العربي التي نساومها الآن على القراءة، إنهم جيل يقرأ في الدقيقة عشرات الأفكار الصغيرة على توتير وفي ستاتوس الفيسبوك، أفكار مختصرة مكثفة، ولكن نورة تخوض التحدي، وتصدر "أجوان" وها هي تعمل على إصدار الجزء الثاني الذي من المتوقع أن يرى النور في الصيف المقبل.
ترى النومان أن اليافعين واليافعات العرب بحاجة إلى قراءة شيء مسل وغنٍ ومؤجج للمخيلة. ولكنها تتساءل كيف يمكن أن يقرؤوني؟ وكيف سيتعامل القراء مع الكتاب لغة ومضموناً؟ لكن السؤال سيظل بلا إجابة، فهذه هي حال الرواد في مجال ما دائماً..يظلون في منطقة الأسئلة ويستخدمون أنفسهم وأعصابهم وحياتهم كعينة لتجربة شيء جديد يبهجون به العالم.
أجوان مرة أخرى
تعيش أجوان في كوكب بعيد عن الأرض، أهله يتنفسون الماء والهواء أيضا. وشبعها يعيش تحت الماء وهو شعب مسالم، أما من يعيش فوق الماء فهم شعب آخر أكثر قسوة وصلافة. تحلم أجوان بمغادرة الماء وتدور النزاعات والأحداث وتصير أجوان مع ثلة من شعبها مشردين لاجئين هائمين في الفضاء بحثا عن كوكب يؤيهم.
تمر أجوان بالكثير، ينتزع الأعداء جنينها من بطنها وهي حبلى. ويتركونها للموت. ولكنها تنجو وتتابع المغامرة بحثاً عن العدالة...
لا تفوتي على نفسك وعائلتك متعة قراءة حكاية "أجوان...
اقرئي عن المزيد من المبدعات الإماراتيات:
السعد المنهالي: وبخني قارئ حين اكتشف أني امرأة!
الشاعرة ميثاء الهاملي: الوضوح أكبر عيوبي
ياتغريداتنا بلغي عنا...حضور الإماراتيات على تويتر