تجاوزت شهرة رشا شربتجي حدود المحلية لتصبح اسماً مطلوباً سورياً وعربياً بعدما نجحت أعمالها في احتلال المراكز الأولى في كل موسم درامي.
ورغم فائض الأنوثة التي تبديها في حياتها الطبيعية، إلا أنّها تتحول في لحظات إلى "مارد فني" عندما تقف وراء الكاميرا لترتدي عباءة "الإخراج" بكل حزم وجدية. "أنا زهرة" التقت بالمخرجة السورية فكان هذا الحوار:
تعرّض "بنات العيلة" للانتقاد بسبب اعتماده على البهرجة والمبالغة في الترف، فما ردك؟أي عمل درامي معرّض للنقد. خلال مسيرتي المهنية، اتهمت بأنني مخرجة العشوائيات والطبقة الوسطى والفساد والسوداوية، وطُلب مني تقديم صورة مغايرة عن سوريا، فأتيت بـ"بنات العيلة" من خلال فتيات وأماكن وسيارات سورية وغيرها، وهذه الطبقة من المجتمع موجودة ولها الحق في العيش بترف. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ لهذه الطبقة مشاكلها وهمومها الخاصة.
مثلاً "ميرفت" فاقدة للعطف والحنان. وحتى ضمن هذا الجمال والبهرجة، كانت هناك فتيات يمتلكن الأموال وغير مبهرجات ككندا علوش التي جسدت شخصية فتاة هادئة ورسمية الطباع، وكان لباسها هادئاً وماكياجها مناسباً، وكذلك الفنانة كندة حنا التي جسدت شخصية طبيبة أطفال.
أعتقد أنّ الانتقادات والاتهامات التي وجهت للعمل لاذعة لأنّ هذه الطبقة موجودة في المجتمع ولم أخترعها من بنات أفكاري، كما أعتقد أنّ العمل لم يرتق إلى مستوى هذه الطبقة بالشكل المناسب لأنّ هذه الطبقة لا تؤجر بيوتها من أجل التصوير.
ما سرّ المشاكل التي رافقت كواليس المسلسل، خصوصاً في ما يتعلق بنسرين طافش؟لم يكن هناك أي مشاكل، فالفنانة نسرين طافش ذات طابع حماسي ومندفع وأنا أحبّها، وكانت تجربتي معها لطيفة، وإذا لم تستمتع بهذه التجربة فهذا حقها، لكن أنا راضية عن أدائها في العمل.
هل ستطلبين نسرين في عمل آخر، أم أنّ العلاقة بينكما انتهت؟أعتقد أنّ الأمر يحمل طابعاً متبادلاً، لو كانت لا ترغب في العمل معي، فهناك مشكلة. أما أنا، فليس لديّ قوائم سوداء ولا أي مشكلة. إن كان عندي دور مناسب لها، سأعرضه عليها.
ألم تكن هناك صعوبات بجمع 13 نجمة في وقت واحد؟طبعاً، فهن 13 طفلة أمام الكاميرا، ولم يكن هناك أي حالة تمرد، وكلهن وضعن ثقتهن بي، وكنتُ أمينة عليهن، ونال العمل أصداء لم أكن أتخيلها. وبالرغم من أنه يحكي عن الطبقة المخملية، إلا أننا احترمنا فيه عقلية المشاهد وأحاسيس الفتيات في العقد الثاني والثالث من العمر.
ما هي رسالة "بنات العيلة"؟الوظيفة الأولى للدراما هي الترفيه والمتعة، وجزء كبير من رسالة العمل كان للمتعة، والجزء الآخر يتعلق باختلاف الأديان والارتباط وكيفية مقاومة المرأة بالحب والإرادة ومشاكل الزواج في السنة الأولى، كما يحكي عن عقدة الذكورة والمرأة التي تريد إنجاب ولد ذكر بأي طريقة، وغيرها من المشاكل التي تقول "المحبة تجمعنا"، فلنوسّع دائرة الحب والتسامح لحلّ مشاكلنا، وهذا أيضاً ليس غريباً عن الكاتبة رانيا بيطار وأعمالها.
ما مدى صحة الحديث عن تبادل الأدوار وإعادة توزيعها في العمل؟لا أتذكر أنني وضعت بديلاً لأي ممثلة، ووزعنا الأدوار وأخذت كل فنانة دورها. فقط هبة نور كانت مرتبطة بعمل في الخليج، فكان صعباً عليها التنسيق بين وقت تصويرها هناك وتصوير دورها في العمل، فاستبدلتها بممثلة أخرى.
بالانتقال إلى "ساعات الجمر"، اتُّهمتِ بالمبالغة في العنف والترويج له، في وقت تحتاج فيه سوريا إلى الهدوء.لا أتوقع أنّ أي عنف عرض في العمل يوازي الواقع أو الحقيقة، وأنا خجلة من نفسي لأنني اكتشفت أنني لا أعرف مجتمعي الذي يحوي هذا الكم من القهر والعنف، ولم أتخيل يوماً أن يشهر سوري سلاحه في وجه سوري آخر. هذه لغة الشارع. تابع أي نشرة أخبار، سترى أنّ العنف والواقع أبشع بكثير، ولا يمكن للدراما أن تصل إلى الواقع الذي يصدمنا كثيراً.
هل تشعرين بعدم وجود منافس لك كما يقال؟بالعكس، هناك المخرج الليث حجو، ولا أفكر أنني الوحيدة، بل ضمن دائرة من المخرجين، وحريصة ألا أؤطر بفكرة امرأة تهتم فقط بمشاكل المرأة، فيمكنني تقديم عمل ذكوري ونسائي وعمل أطفال وتاريخي وبيئة، فأنا لست مؤطرة بفكرة أنني أنثى.
في كل الأحوال، زملائي الشباب يدلّلوني ولا يغارون مني، إلا أنني شخصياً أغار منهم وأشعر أنّهم ينافسونني.
شاركت بدور صغير في "ساعات الجمر"، ما هو تقييمك لهذه التجربة؟انطباعات الشارع كانت لطيفة جداً، ولم أشارك بهذا الدور رغبة منّي في أن أكون ممثلة، على العكس، فأنا أعشق الإخراج وهي مهنتي، وقدمت الدور حرصاً عليه.
وستحقق هذه الشخصية مفصلاً هاماً في حياة "رؤوف"، وسيكون لها امتداد في الجزء الثالث، وكنت خائفة على الدور وكان مرهقاً بالنسبة إليّ أن أكون خلف الكاميرا وأمامها في عمل واحد.
ما صحة أنّ هذا الدور عرض على صبا مبارك؟لا لم يعرض، كنت أفكر في عرضه عليها، لكن لم يتم الاتصال بها.
ما الذي يشكّله "ساعات الجمر" بالنسبة إليك؟هو وجهة نظري لما يحصل في سوريا، ومقولتي التي أعتز بكل كلمة قلتها، وأنا أتبنى العمل كموقف.
رشا شربتجي تحوي تمرداً داخلها، فهل انعكس على أعمالها؟نعم، وأنا لم أخلق في "الولادة من الخاصرة"، بل من "الغزلان في غابة الذئاب" و"زمن العار"، وليس لدي نزعة عنف بل نزعة الصدمة والحقيقة.
ما الذي تغير في رشا شربتجي منذ بدء عملها في 2003 وحتى العام 2013؟كإنسانة لم أتبدّل ولم أتغير، بل أصبحت أكثر هدوءاً، كنت نزقة أكثر وأصبحت مرنة أكثر، وحذفت من قاموسي كلمة "مستحيل"، وأصبحت أكثر رقة وطيبة وأتأثر أكثر من غيري بوجع الآخرين.
أما على الصعيد الفني، فأعمالي تحكي عني وعن تطوري المهني، وعموماً أنا غير راضية وبإمكاني تقديم الأفضل، وهدفي هو الناس وأوجاعهم، وأميل إلى التعاطف مع الطبقة الوسطى والفقيرة، وأرغب في البقاء قريبة من الواقع، وأميل إلى الدراما الواقعية والحياتية.
ما أبرز ايجابيات شخصيتك وسلبياتها؟لن أحكي عن ايجابياتي ولن أمتدح نفسي، لكن من سلبياتي أنني أتحمل كثيراً ولا أتخذ موقفاً تجاه خطأ ارتكبه أحد بحقي. وأعتبر أنّ الأمر حصل عن غير قصد، وأعطي فرصاً كثيرة للآخرين إلى أن أنفجر وأتحول إلى شخص قاس وجارح وعصبي جداً. وبالرغم من ذلك، أندم بعدها. كما أنني في بعض الأحيان عنيدة جداً ولا أبدي أي مرونة في التعامل، لكنني غير مزاجية في التعامل مع الناس، وقلبي طيب جداً حتى أنّ بعض الناس يتخيّلون ذلك ضعفاً، وأعتبر أنّ البشر هم الثروة الحقيقية، لذلك أسامح، هم يعتبرونه ضعفاً وأنا أعتبره "طولة بال".
هل خسرت أحداً بسبب ذلك؟لا، لسبب أنّ من أعطيه الفرصة يعرف أنه أخذ فرصاً كثيرة. وبالتالي فإنّ الأمر يبدو متوقعاً، ولم أخسر أحداً.
ما الطريقة التي ترينها مثلى كي يشارك الفنان السوري في حل أزمة البلد؟مع وجود هذا الكم من الدم والدمار، لا يمكن المشاركة في شيء، لكن يمكن أن يتعاون الأفراد والمجتمع لتقديم المساعدة للناس. هؤلاء الناس الذين لا يسعون إلى سلطة، ولا يفكرون في الحرية ولا الديمقراطية، هؤلاء الناس ظلموا جداً في هذا الوضع الذي نعيشه، وهم بحاجتنا، وعلينا فعل ذلك إذا استطعنا. أدعو الله من قلبي أن يحمي البلد وأدعو أبناء بلدي إلى نبذ العنف لأنّ العنف لا يولّد إلا العنف، والدم يجرّ الدم. وبرأيي تم تحميل الفنانين بما لا قدرة لهم عليه، فوجهة نظرهم تكون من خلال العمل الدرامي ويجب أن تكون حقيقية وحيادية وغير متطرفة، والفنان ليس سياسياً ولا مخولاً لأن يتحدث في السياسة.
أي أنك تؤيدين التزام الفنان الصمت؟السياسة ليست عمل الفنان، وإذا أراد أن يعبر عن رأيه، فليعبر كإنسان وليس كفنان، وفي النهاية وصل الفنانون إلى مرحلة "لا حول لهم ولا قوة" خصوصاً في ظل غياب العقل وحديث السلاح والعنف.
متى تبتسم رشا؟بصراحة، ومن دون استغراب، عندما أعود إلى المنزل وتستقبلني كلبتي "ميتس"، فتقوم ببعض الحركات بعينيها أو برأسها أو حركات أخرى تجعلني أضحك من صميم قلبي.
ما سر تعلقك بالكلاب؟
لا أعرف، أحبّ الأحصنة أكثر من الكلاب، لكن لا يمكنني تربية حصان في بيتي، فالحيوانات الأليفة تعطي صاحبها إحساساً بأنها أطفال وتستطيع الإدراك والفهم كما الطفل في عمر الثلاث سنوات.
متى تذرفين دمعك؟أبكي كأي امرأة أخرى، أبكي على أي شخص وحيد، فلحظات الوحدة توجعني، وأبكي على سوريا كثيراً، فأنا رومانسية بطبعي، وبداخلي امرأة ضعيفة تحبّ وتكره وتبكي وتشتاق.
كيف تصفين حياتك بعد انفصالك عن زوجك؟أعيش حياتي بشكل طبيعي، وينتابني خوف من تكرار التجربة، أخاف أنّه ليس لدي استعداد للفشل مرة أخرى.
كيف علاقتك بالأطفال؟
أحب الأطفال كثيراً جداً، وإذا كانت فتاة، أدللها كثيراً.
من هو الرجل الذي يلفت نظرك؟الحنون، والحازم، والكريم، وهذه الصفات الثلاث مهمة جداً في الرجل.
المزيد:هويدا يوسف لـ “أنا زهرة”: الخيانة سبب انفصالي ومهووسة بالأحذية وترتيب الأظافر