جميلات على خطّ الموت
لم تعد مهنة المراسل الحربي تقتصر على الرجال، بل أصبحت النساء ينافسن الذكور في الذهاب الى جبهات القتال ومناطق اشتعال النار ونقل الأحداث الساخنة للمشاهدين. وبات المشاهد يرى الجميلات يخاطرن بأنفسهن للوصول الى الخبر. ومن الجميلات اللواتي يعتبرن سباقات في هذا المضمار الاعلامية اللبنانية نجوى قاسم. عندما كانت الأخيرة تعمل في قناة "المستقبل" اللبنانية، ذهبت لتغطية الأحداث في أفغانستان وسافرت الى الحدود الباكستانية لنقل الأخبار من هناك. بعدها، ذهبت لتغطية الحرب على العراق وسقوط صدام حسين. وأطلقت الصحافة وقتها على نجوى قاسم لقب "المراسلة الحربية". وقد خاضت مواجهات متكررة مع الموت. بعد انتقالها للعمل في قناة "العربية"، ذهبت الى بغداد حيث تعرّض مكتب "العربية" للتفجير، وكانت نجوى متواجدة هناك. وما زال الكثير من المشاهدين يتذكرون شجاعتها حين نهضت من بين الحطام حاملةً المايكرفون بعد دقائق من الانفجار لتنقل على الهواء وقائع الحادث قبل أن تهرع إلى الشارع لإيقاف السيارات ونقل الجرحى إلى المستشفيات. وقد كانت هناك جثث تناثرت أشلاؤها جراء قوة الانفجار.
ريما مكتبي هي الأخرى تعتبر من المذيعات "المهووسات" بالمغامرة وتغطية الأحداث الساخنة. إذ طلبت من إدارة قناة "العربية" في حرب تموز 2006 الذهاب لتغطية العدوان الاسرائيلي على لبنان. وقد غضبت كثيراً بسبب تأخر القناة في الموافقة على إرسالها الى هناك. وسبق أن صرّحت أنّها لم تخشَ الموت أثناء تأدية مهمتها، بل كانت تخشى الإصابة بإعاقة جسدية تجعلها عاجزة عن إكمال عملها.
أيضاً، خاضت ريما مكتبي مخاطرة أخرى في مواجهة الموت. كان ذلك عندما ذهبت لتغطية معركة "نهر البارد" في شمال لبنان. ومجدداً، عادت ريما وخاطرت أخيراً بالذهاب الى سوريا، وتحديداً الى بصر الحرير في درعا. وقد حصدت الإعجاب هناك بعدما وضعت "الشماخ" الأحمر حول رقبتها ووقفت على مدخل درعا التي دخلتها بمرافقة الجيش الحرّ. وكتب الكثير من رواد التواصل الاجتماعي تغريدات تمدح شجاعة ريما وجرأتها في دخول أرض المعركة ووُجِّهت لها رسالة من أهالي حمص جاء فيها: "ريما مكتبي، حمص تناديك، بيوتنا أبوابها مفتوحة لاستضافتك".
أما الاعلامية اللبنانية غادة عويس التي تعمل في قناة "الجزيرة"، فقد اختارت أيضاً مواجهة الموت. ذهبت لتغطية الأحداث في سوريا بدلاً من الاكتفاء بقراءة نشرات الأخبار من داخل "الاستديو"، فسافرت الى حلب وزارت اللاجئين في مخيم "الزعتري" في الأردن.
عويس حصدت ترحيباً حاراً في صفحات المعارضة السورية ووُصفت بالاعلامية الحرة والشريفة، واعتبر دخولها حلب بمثابة تحدٍّ للنظام السوري، وتعرضت للتهديد بالقتل، فكتب صحافي لبناني يدعى ساهر يحيى على صفحته: "أنا ا?ع?مي ساهر ?ح?ى. رداً لجميل حلب الشهباء وأهلها عليّ، أقدّم مبلغ 50 ألف دولار جائزة من مالي الخاص لمن يخطف الإرهابية غادة عويس في ريف حلب، ويقدّمها للقضاء السوري أو ?ي حاجز أمني أو للجيش العربي السوري بسبب دورها الإعلامي المضلّل البغيض المشارك في سفك دماء مواطنيها... الجائزة لمن يقدّمها ح?ة أو م?تة".
وغرّد أحدهم رداً على تهديد عويس بالقول: "مذيعة "الجزيرة" غادة عويس امرأة بألف رجل تغطي الثورة من داخل سوريا، وصحافي لبناني شبيح يرصد 50 ألف دولار لمن يسلمها للنظام السوري حيّة أو ميتة". فيما ردت غادة على التهديد عبر حسابها على تويتر: "تلقيت تهديدات بالقتل من الاعلامي الشبيح ساهر يحيى الذي أعلن أنه سيدفع 50 ألف دولار مقابل من يغتالني عندما كنت في حلب. أنا لا أخشى أحداً".
شجاعة ريما مكتبي وغادة عويس في الدخول الى سوريا جعلت أحد السوريين يعلّق: "يا عيب الشوم. ريما مكتبي وغادة عويس نسوان وصاروا بسوريا، وأنا رجال قاعد بالبيت".