زواج الأقارب: تقاليد يمنعُها الطب الحديث ولا يحرّمها الشرع!
الزواج "قسمة ونصيب"، ولا شك في أنه من أسمى القِيم التي سنّتها الأديان السماوية والأعراف لتتفق مع الفطرة الإنسانية.
وتُعتبر فكرة الإرتباط منَ الأمور التي يجب التفكير فيها جيداً بهدف وضع الأسس السليمة لتكوين أسرة تبدأ صغيرة وتصبح مع الوقت جزءاً من الأسرة الكبيرة أي المجتمع.
ولأنّ الزواج مبني على أسُس عدة، لا بدّ أولاً عند التفكير فيه من مراعاة نقاط عدة منها الدين والخلق والتكافؤ الإجتماعي والتوافق الطبي لبعض الحالات كإرتباط الأقارب مثلاً.
تاريخياً وحتى يومنا هذا (في بعض الأسر)، كانت تعتمد بعض المجتمعات العربية على الطريقة التقليدية في الزواج أي الإرتياط داخل العائلة الواحدة الذي عادةً ما يكون بهدف الحفاظ على إسم العائلة أو ثروتها أو ربما الإيمان بالإعتقاد السائد "القريب أفضل من الغريب".
ولأنّ ما يشكله هذا الزواج من تناقضات وأضداد، كان لا بدّ اليوم من نظرة عميقة عن تاريخ زواج الأقارب، بتقاليده وأسبابه وحَيثياته الطبية والشرعية.
عادات وتقاليد
تنتشر حالات ظاهرة زواج الأقارب في المناطق الريفية أو المناطق التي ما زالت تحافظ على عاداتها وتقاليدها القديمة الموروثة. وفي دراسة لعلم النفس والاجتماع، خرجَ التقرير النهائي ليؤكد على أنّ زواج الأقارب له أهداف إقتصادية ومعايير إجتماعية وأسباب عديدة بعيدة كل البعد عن الزواج السليم. لذلك قال التقرير إنّ مثل هذه الزيجات كانت تقوم في معظمها على الزواج الإجباري المدبّر أي بمجرد أن تولد الفتاة حتى يتم كتابتها على إسم إبن عمّها أو إبن خالتها أو إبن عمّتها... إلى جانب تفرد الأب بالقرار وصغر سن الزوج والزوجة وعدم وعيهما الكافي.
وتؤكد الدراسة على أنّ زواج الأقارب بمعظمه يكون لحماية الثروة وليس له علاقة بالحب، لذا تتراكم المشاكل والمصائب لاحقاً وتُبعد بين الطرفين بل قد تفرّق العائلة كلّها.
اللافت في تقاليد هذا الزواج أنّه لم يتوقف عند الدول والمجتمعات العربية، بل انتشرَ في بعض المجتمعات الشرقية التي تسمح بزواج الرجل من إبنة أخيه أو إبنة أخته كما هي الحال فى بعض مناطق الهند.
الطب يمنع والشرع ينصح
مع تطور العلم والطب، بات لبعض المجتمعات الغربية نظرة مختلفة عن زواج الأقارب. في معظم الولايات الأميركية، لا يُسمح بزواج أولاد العمّ والعمّة أو الخال والخالة تفادياً لنقل الأمراض الوراثية التي تناقلها الآباء من الأجداد وبالتالي إلى الأولاد.
فقد توصلت بعض الدراسات في علم الوراثة إلى وجود علاقة بين زواج الأقارب والأمراض الوراثية التي تظهر في الذرية الناتجة عن تلك الزيجات ومن أبرزها أمراض هيموغلوبين الدم وبعض العيوب الخلقية وأمراض أحادية الجينات الشائعة.
وكشفت الأبحاث العلمية أنّ أشهر الأمراض الناتجة عن زواج الأقارب هو الفينيلكيتونيوريا وهو من أمراض التمثيل الغذائي الذي ينتج عن نقص في أنزيم مسؤول عن تكسير مادة الحامض الأميني، فتزداد نسبته في الدم وقد ينتج عنه التخلف الذهني وصغر حجم الرأس وتشنجات عصبية وإصفرار في لون الشعر وإعاقات لدى الأطفال.
أمّا عن سبب تجاهل هذا الأمر منذ القدم، فأكّدت الإحصاءات أنّ السبب يكمن في تعلق الأهل والأسر بالعادات والأعراف العشائرية وبالأخص في أغلب المناطق الريفية والقبائل حيث يكون دور المرأة ضعيفاً وربما غير موجود في الأصل.
الدراسات التاريخية والدين
من جهتها، لم تكن الدراسات التاريخية تشاؤمية كلّها، بل خرجت بإيجابية بسيطة ركزت على أنّ مقومات الزواج الناجح للأقارب تكون في التقارب الطبقي والإجتماعي والإقتصادي والثقافي (إن وجد) أي وجود نوع من التجانس والتقارب والتكافؤ.
دينياً، لا تمانع القاعدة الطبية الشرعية من زواج الأقارب بل تحث على توخي الحذر والحيطة، خصوصاً بعدما أكدت الدراسات الطبية على علاقة زواج الأقارب وبعض الأمراض الوراثية.
القاعدة الشرعية في لبنان مثلاً ونقلاً عن دار الفتوى تشير إلى وجوب إجراء فحوص طبية قبل عقد الزواج. وبناءً عليه يُنصح العروسان بالزواج أو عدمه إلا أنّ المحكمة الشرعية بحد ذاتها لا تحرّم ولا تمنع زواج الأقارب لقوله تعالى "أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللّطِيفُ الْخَبِيرُ، هُوَ الّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ ذَلُولاً فَامْشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النّشُورُ".
وبعد، قد يكون الحل الأمثل طبياً وعلمياً لتفادي هذه المشاكل، هو في الفحص الطبي للطرفين قبل الزواج لتلافي المشاكل الوراثية ولحماية الأطفال من الأمراض الخطيرة التي تنتج عن هذا الزواج.
للمزيد:
معرض The Bridal Affair تمّ بنجاح وهذه الصور الأولى
أنابيلا هلال: لا أطلب الهدايا من زوجي وهكذا عايدتُ أمي وحماتي