محمد عساف رمز القضية الفلسطينية في "أراب آيدول2"
في موسمه الثاني، استطاع "أراب آيدول" خطف قلوب المشاهدين وانتزاع إعجاب منقطع النظير بسبب حرفية القائمين على البرنامج وحرصهم على اختيار أصوات رائعة ترسخ في ذهن المشاهدين منذ اللحظة الأولى. خلال تقدّمهم لمرحلة التجارب، حارت اللجنة في اختيار المتسابقين الذين يستحقون التأهّل لمرحلة التصويت. ومن الأصوات التي دخلت قلوب المشاهدين الشاب الفلسطيني محمد عساف الذي بلغ حلقة الاختبار بعد معاناة كبيرة، فأبهر اللجنة والمشاهدين وصار محط اهتمام ليس فقط بسبب صوته الذي لا يختلف اثنان على جماله بل أيضاً لأنّه من فلسطين. هكذا، أعاد الى الأذهان تجربة المشترك الفلسطيني عمار حسن في برنامج "سوبر ستار" قبل عشر سنوات، حين أصبح حسن حديث الشارع الفلسطيني كلّه. واليوم، يتكرّر الأمر مع محمد عساف الذي يحظى بدعم الشعب الفلسطيني أولاً والعربي ثانياً كأنّه أصبح "رمز" القضية الفلسطينية في "أراب آيدول". إذ أثلج صدر شعبه ببلوغه مرحلة متقدمة في البرنامج والإجماع على موهبته.
رحلة الألف ميل
لم تكن رحلة محمد لدخول البرنامج سهلة. روى والده أنّها كانت عبارة عن معاناة حقيقية في ظلّ منع السفر لأي فلسطيني عبر معبر رفح إلا عبر الحصول على تأشيرة دخول لمصر وانتظار موعد السفر بعد التسجيل في وزارة الداخلية قي غزة. وبعد الاعلان عن بدء قبول طلبات التسجيل في دبي، بدأ محمد بالعمل للحصول على فيزا لدخول الامارات والمشاركة في البرنامج. ووصل الى الفندق في ساعة متأخرة من الليل بعدما كانت عملية حصول المشتركين على أرقام قد انتهت وتقدّموا للاختبار. ورفضت إدارة الفندق استقباله بسبب تأخره عن موعد المسابقة وقضى ليلته أمام باب الفندق محاولاً مقابلة اللجنة بعد إصرار إدارة الفندق على عدم دخوله. وبحسب تصريحات والده: "اتصل بنا محمد في ساعة متأخرة من الليل وكان منهاراً، وأبلغنا بأنّ التسجيل انتهى وأنّه جالس على باب الفندق. وطرح علينا فكرة عودته إلى غزة، لكنّنا رفضنا وأصرينا أنا وأمه أن يحاول مرات عدة معهم من أجل الدخول، وطلبت منه والدته القفز فوق السور ودخول الفندق ونفذ طلبها، وقفز محاولاً الدخول. لكنه اصطدم بحارس الأمن ودار بينهما حوار طويل. وبعدما شرح عساف للحارس المشقة التي مر بها وعرف الحارس أنّه جاء من فلسطين، سمح له بالمبيت في الفندق لمحاولة مقابلة اللجنة في الصباح".
بعد دخول عساف الفندق، كان جميع المتسابقين قد حصلوا على أرقام لدخول للمثول أمام اللجنة، وتم الاكتفاء بالعدد لأنّ التسجيل للمسابقة كان في لحظاته الأخيرة. وجلس عساف بين المتسابقين يؤدي أغانيه الوطنية على ألحان اليأس بعد انتهاء رحلته من دون دخول المسابقة. ولحسن حظه، سمعه وهو يغني شاب فلسطيني مقيم في مصر مشارك وحاصل على رقم للدخول لتجربة الأداء. وعندما عرف أنّ محمد عساف صاحب أغنية "علي الكوفية"، قال له "صوتك أجمل من صوتي. خذ رقمي وادخل المسابقة لأنّ فرصتك أقوى من فرصتي في النجاح". وغادر الفلسطيني بعدها قاعة المسابقة بعد تنازله عن رقمه لعساف.
بين مؤيد ومعارض
محمد عساف البالغ 22 سنة ويدرس في الجامعة (قسم إعلام واتصال) بات اليوم حديث الشارع الفلسطيني الذي انقسم بين مؤيد ومعارض له. تحوّلت ساحات مواقع التواصل الاجتماعي الى منبر لمناقشة مشاركة عساف في "أراب آيدول". وتُطلق فئات كبيرة من الشعب الفلسطيني حملات دعم وتشجيع له فيما تغصّ استديوهات "أم بي سي" بالجمهور الفلسطيني المقيم في لبنان لدعم محمد وتشجيعه. وفي غزة، انطلقت حملات لدعمه وقامت شركة "جوال" بخفض سعر الرسالة القصيرة للتصويت لمحمد عساف وتم توزيع بطاقات تعبئة مجانية على التجمعات الشبابية والأماكن السياحية ضمن فعاليات دعم عساف.
ورغم هذه الحملات الداعمة، إلا أنّ عسّاف تعرّض للانتقاد. اعتبر البعض أنّه بدلاً من الاهتمام بالتصويت له، كان من الأولى الاهتمام بقضية الأسير الفلسطيني المضرب عن الطعام سامر العيساوي. كما طالب المنتقدون أن يكون عساف صوت الأسرى في السجون الاسرائيلية، ما جعل الشاب يعلّق على صفحته الرسمية على فايسبوك: لو خيّروني بين "عرب آيدول" والحرية لسامر العيساوي، سأختار الحرية لسامر العيساوي". وقام ناشطون عبر الانترنت بنشر مقطع لمحمد عساف، يغني فيه للأسرى المضربين عن الطعام. وتم أداء الأغنية خلال إضراب الأسير خضر عدنان عن الطعام، لكنّها لاقت رواجاً اليوم بسبب تعليق الأسير سامر العيساوي إضرابه عن الطعام، وخصوصاً أنّ عساف اشتهر في بلده بتقديمه أغنيات وطنية أو ملتزمة كما يطلق عليها. وبعث الأسير الفلسطيني مسلمة ثابت المحتجز في سجن هدريم رسالة إلى محمد عساف اعتبره فيها أنّه سفير فلسطين إلى الانسانية وأنّه لم يخترق بأغانيه الرائعة والملتزمة العالم فقط بل استطاع اختراق جدران السجون وليل الظلمة في معتقلات الاحتلال ليدخل المعنويات العالية والأمل الى قلوب آلاف الأسرى المحتجزين قهراً وظلماً. وأضاف: "ندعو إلى التصويت لهذا البطل الأسطورة. التصويت لمحمد عساف هو تصويت على رفض الاحتلال والظلم والاعتقال. هو تصويت على عزة وكرامة الشعب الفلسطيني المناضل الأصيل".
محمد عساف الذي وصفه راغب علامة بالصاروخ، هل ينصفه الحظ ويثلج قلوب الفلسطينيين فيصبح هو "أراب آيدول" في ظل منافسة حامية وشرسة من قبل متسابقين يمتلكون أصواتاً في مستوى موهبة محمد عساف ويتمتعون أيضاً بدعم بلدهم ومعجبيهم؟ وهل سيتمكن محمد من الصمود والتحليق في سماء النجومية ليصبح سفير الانسانية للفلسطينيين كما قال عنه الأسير مسلمة أم أنّه سيلقى مصير مواطنه عمار حسن؟
شاهد والد ووالدة محمد عساف في مقابلة
شاهد الاعلان الترويجي لحملة دعم محمد عساف