مشتركو "أراب آيدول" بين الموهبة والسياسة
تحظى برامج الهواة بجماهيرية وشعبية نظراً إلى ما تثيره من جدل، عدا الأصوات المميزة التي تضمّها وتفوق جمال أصوات الفنانين الذين يشاركون كأعضاء لجنة تحكيم في هذه البرامج. منذ انطلاق أول "سوبر ستار" بعيداً عن "استديو الفن" قبل أكثر من عشر سنوات، كان يعتمد على تصويت الجمهور في وصول المشتركين إلى النهائيات وليس على آراء لجنة التحكيم، ما أدّى إلى التعصب لجنسية كل مشترك من قبل أبناء بلده، وخروج الأمر عن نطاق الفن والموهبة والاعتماد على التصويت الصادق الذي يدعم الموهبة بغض النظر عن الجنسية. وانتقل الأمر من دائرة الفن الى دائرة الدعم السياسي للمشتركين وتأثيره في وصول صاحب الشعبية الحقيقية إلى اللقب. كانت البداية مع ديانا كرزون التي لفتت الأنظار بموهبتها. لكن في بداية البرنامج، لم تكن تحظى بنسبة تصويت عالية فيما كان اللبناني ملحم زين الأكثر شعبية. لكن في حلقات البرنامج الأخيرة، تدخلت الملكة الأردنية رانيا وقدمت دعمها لكرزون وفُتح باب التصويت المجاني لها من الأردن لتفوز هي باللقب. ثم تكرر الأمر مع الليبي أيمن الأعتر الذي يتمتع أيضاً بصوت مميز ولافت، وكان يحظى باهتمام كبير كون وجود فنان ليبي في البرنامج من الأمور النادرة في الساحة الفنية العربية. هذا الأمر جعله حديث الإعلام، ثم تنبّه له بلده في عهد القذافي حينها، ففتح التصويت المجاني له ليفوز هو الآخر باللقب بفضل الدعم الرسمي. وتكرّر الأمر مع العراقية شذا حسون التي شاركت في "ستار أكاديمي" وحظيت بدعم رسمي كبير كونها العراقية الأولى التي تشارك في برنامج لاكتشاف المواهب، وفتحت شركة "زين" للاتصالات التصويت المجاني لها.
ولا يبدو أنّ التدخل أو الدعم السياسي للمشتركين في برامج الهواة، قد توقف عند كرزون والأعتر وحسون. أخيراً، قدّم ملك المغرب دعماً غير معلن للمشترك المغربي محمد ريفي الذي فاز بلقب "أكس فاكتور" منذ شهر تقريباً. وكان ريفي يتعرّض كثيراً للانتقاد، ولم يكن يحظى باعجاب المشاهدين، وتعرّض للسخرية نتيجة تقليده للفنان جورج وسوف، الا أنّه في كل مرة كان يوجّه تحية لملك المغرب ويشكره، كان الأمر يُفسَّر بأنّ هناك دعماً ملكياً لريفي الذي يعتبر أسوأ مشترك في "أكس فاكتور".
هذا التدخل من زعماء الدول التي ينتمي اليها المشتركون يفقد البرامج متعتها ويحرم المشتركين من التصويت العادل للفوز باللقب، فيتحوّلون من مواهب تبحث عن فرصتها الى أشخاص محسوبين على الجهة التي تدعمهم ويتم تسليط الضوء على الجهة الداعمة بدلاً من تسليط الضوء على الموهبة نفسها. أيضاً، استطاع برنامج "أراب آيدول2" أن يبهر المشاهدين بمواهبه منذ حلقات الاختبار حتى مراحله النهائية. لكن التدخلات السياسيّة لم تبق بعيدة عن هذه المواهب العظيمة. كانت البداية مع المشترك الفلسطيني محمد عساف الذي تحوّل إلى كبش محرقة بين حركتي "فتح" و"حماس" المتنازعتين على السلطة. ففي الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الفلسطيني عن دعمه لعساف، خرجت أصوات من "حماس" تنتقد مشاركته في البرنامج، وحكي عن تعرّضه وعائلته لتهديدات، الا أنّه نفى كل ذلك. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد. حاولت اسرائيل الاصطياد في الماء العكر لتنتقد "حماس" متخذةً من عساف ذريعة. إذ أشاد المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي أدرعي بموهبة محمد، منتقداً "حماس" ومتهماً إياها بأنّها هددته. لكنّ عساف ردّ عليه بكلام شديد اللهجة. وإن كان دعم الرئيس الفلسطيني لمحمد عساف لم يتعد الإطار المعنوي، الا أنّه أثار جدلاً كبيراً وجعل البعض يعتبر عساف محسوباً على "فتح" رغم أنّ الشاب صرح دوماً أنّه مع كل الفلسطينيين.
أيضاً، فالمشتركة الكردية برواس حسين التي أثارت الكثير من اللغط حول مشاركتها في البرنامج كونها لا تجيد اللغة العربية وتحفظ الأغاني من دون فهم معانيها، فقد حظيت بدعم سياسي. وقد حضر نائب رئيس حكومة كردستان الى استديو "أراب آيدول" لدعمها، وتم توجيه تحية له خلال الحلقة. كما أنّ شركة اتصالات "زين" كانت من كبار المعلنين في البرنامج.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل إنّ انتماءات المشتركين السياسية أثّرت عليهم كما حصل مع المشترك السوري عبد الكريم حمدان ومواطنته فرح يوسف. لم يحظ عبد الكريم بالدعم من بلده بسبب موقف عائلته السياسي من النظام وانتشار صورة لشقيقه وهو يقاتل مع الجيش الحرّ. لكن حين غنّى موال "حلب يا نبع الألم"، صرّح أنّه يغني لسوريا فقط وللشعب السوري وليس لجهة سياسية ضد الأخرى. رغم ذلك، حظيت فرح بدعم سوري لأنّ موقفها السياسي مغاير لموقف عبد الكريم، وكانت تصل رسائل على الهواتف النقالة تدعو للتصويت لفرح، ولم يذكر عبد الكريم. وتحظى فرح بدعم من صاحب شركة "سيرتيل" رامي مخلوف.
وأخيراً جاء دخول الرئيس اللبناني على الخطّ، لينحرف البرنامج عن مساره ويصبح برنامجاً لبيع مواقف سياسية. غرّد الرئيس اللبناني عبر حسابه على تويتر أنّه يدعم زياد خوري، ما غيّر كثيراً في وجهة النتائج والتوقعات في حلقة يوم السبت الماضي. زياد الذي يحظى بأقل نسبة تصويت حتى الآن وكان متوقعاً خروجه، عاد ليتأهّل الى المرحلة ما قبل النهائية مقابل إخراج سلمى رشيد التي حازت نسبة تصويت أعلى منه.
تغريدة الرئيس اللبناني وبقاء زياد خوري في البرنامج أشعلا مواقع التواصل الاجتماعي التي شكّكت بنزاهة التصويت. ومع اقتراب البرنامج من نهايته، خرجت تكهنات كثيرة حول هوية الفائز باللقب، فكلّ الدلائل تشير إلى أنّ اللقب سيكون من نصيب الفلسطيني محمد عساف كونه لم يقف في منطقة الخطر حتى الآن ويحظى بدعم كبير من بلده ومن الدول العربية وخصوصاً السعودية. ويرى البعض أنّ المحطة تسلط الضوء عليه كثيراً لكسب المزيد من المال عبر التصويت له في حين أنّ النتيجة ستكون صادمة جداً لمحبّي الفتى الأسمر وخصوصاً مع دخول رامي مخلوف صاحب "سيرتيل" على الخط ودعمه لفرح التي قد تكون صاحبة اللقب هذا العام. في المقابل، يؤكد كثيرون أنّ تغريدة الرئيس اللبناني قد توصل زياد خوي إلى اللقب في حين يبقى المشترك المصري أحمد جمال الوحيد الذي لم يحظ بدعم أي طرف سياسي في البرنامج، فهل يكون اللقب من نصيبه؟!