تمثل مدينة طليطلة، التي كانت واحدة من أهم المدن الواقعة في شبه جزيرة آيبيريا، درة التاج بين المدن الأسبانية الجاذبة للسائحين؛ إذ أنها تزخر بكم هائل من المباني التاريخية الأمر الذي جعل منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم والتربية (اليونسكو) تدرجها على قائمة التراث الثقافي العالمي، وتشتهر طليطلة الواقعة على بعد نحو 70 كيلومتراً جنوبي العاصمة مدريد بأنها المدينة التي استحوذت على نصيب الأسد من المعالم السياحية في أسبانيا. التاريخ العتيق ويقول فرانسيسكو موراليدا، المرشد السياحي في المدينة، إن طليلطلة تزخر بأكثر من مئة مبنى مدرجة ضمن قائمة التراث الثقافي العالمي، موجودة على مساحة لا تتجاوز الكيلومتر المربع؛ حيث يطالع الزائرون في المدينة العتيقة التي كانت قديماً عاصمة لأسبانيا والمركز الديني للبلاد على مدار قرون، الكنائس تجاور الأديرة. وتُعد كاتدرائية طليطلة، وهي واحدة من أكبر الكنائس في العالم، شاهداً على الأهمية التي كانت تحظى بها المدينة خلال العصور الوسطى، وأشار موراليدا إلى أن هذه الكاتدرائية التي استغرق إنشاؤها نحو 300 عام، مبنية على مساحة تصل إلى 12 ألف متر مربع وتمتلك خمس سفن. وكما أن مبنى الكاتدرائية من الخارج يأسر العيون، فإنه كذلك من الداخل إذ تجد أن مقاعد المرتلين مصنوعة من خشب الجوز والألبستر وتزدان غرفة المقدسات بالكاتدرائية (الموهف) بلوحات زيتية التي أبدعها مشاهير الفنانين وفي طليعتهم الفنان اليوناني الشهير إل غريكو والفنان الأسباني فرانشيسكو غويا. ويعد إل غريكو من أشهر فناني المدينة وتحول منزله في الوقت الحاضر إلى متحف يضم إبداعاته الفنية. صناعة السيوف كما تشتهر طليطلة بحلوى المرصبان (معجون اللوز) الذي يباع في الوقت الراهن في العديد من محلات الحلوى، وكذا بصناعة السيوف حيث يقول موراليدا إن السيوف تصنع في المدينة منذ قدوم الرومان إلى طليطلة؛ حيث لاحظ الرومان أن السيوف المصنوعة في هذه المدينة أفضل من تلك السيوف التي كانت في حوذتهم. كما يمكن للقادم إلى طليطلة أن يلاحظ كثرة المشغولات الذهبية، والمحلات التي تعرض للسيوف والسكاكين بكل أحجامها وتنوعاتها بالإضافة إلى الخوذ والدروع وقطع السلاح الأخرى التي تعود بك إلى القرون الماضية، وأشار موراليدا إلى أن السيوف تصنع حالياً هنا من أجل خدمة إنتاج الأفلام في المقام الأول "وبطبيعة الحال للسائحين كذلك". مدينة التسامح وأهم الطباع التي تتسم بها المدينة العتيقة هو التسامح؛ إذ أنها تضم بين جنباتها أناساً ينتمون إلى مختلف الثقافات والأديان ويعيشون في سلام جنباً إلى جنب منذ فترة طويلة، وكانت طليطلة قد فتحت على أيدي المسلمين بقيادة طارق بن زياد في عام 711 ميلادية عندما تمكن بن زياد من هزيمة القوط، غير أن الأسبان استطاعوا إنهاء الحكم الإسلامي والسيطرة على المدينة مرة أخرى في عام 1085 م. وأشار موراليدا إلى أنه لم يتم طرد المسلمين من طليطلة بعد الأندلس، بل واصلوا حياتهم في أسبانيا، وقال موراليدا إن المدينة كان بها في وقت من الأوقات ما يصل إلى عشرة معابد يهودية وذلك قبل طرد اليهود من أسبانيا عام 1492، ولا يزال في المدينة معبدان من هذه المعابد باقيان حتى اليوم أحدهما معبد الترانزيتو الذي توقف موراليدا أمامه خلال الجولة. وذكر المرشد السياحي أن هذا المعبد استخدم لفترة من الزمان ككنيسة عُرفت باسم سانتا ماريا لابلانكا، لكنه أصبح اليوم متحفاً، ويعتبر الترانزيتو هو المعبد الرئيسي لطليطلة ويعود إلى القرن الثاني عشر الميلادي ليكون واحداً من أقدم المعابد اليهودية الباقية في أوروبا.