تحتفل شريهان اليوم الجمعة بعيد ميلادها. نجمة الاستعراض الغائبة عن الشاشة منذ 12 سنوات، ما زالت حاضرة بقوة في أذهان محبّي هذه الموهبة الفذة التي لن تتكرّر في الفن. غابت الفنانة المصرية عن الضوء بسبب مرضها وعلاجها الدائم، لكنّ المفارقة أنّ السياسة أعادتها بقوة الى الساحة، فكانت أولى مشاركاتها خلال "ثورة 25 يناير" حين انضمت إلى المتظاهرين في ميدان التحرير. وحصد يومها تصريحها الأول لقناة "الجزيرة" الكثير من الإعجاب والمحبة لهذه النجمة التي قالت حينها إنّه لو لم يكن دمها مسرطناً، لتبرّعت به لمصر. وصرّحت أنّها سعيدة بأنّها استطاعت مكافحة المرض طيلة سنوات كي تعيش اللحظة التي تشاهد فيها "انتفاضة الشعب المصري". وباتت تغريدات شريهان عبر تويتر وكتاباتها السياسية عبر صفحتها الخاصة على فايسبوك مادة دسمة للصحافة التي راحت تنشر هذه التغريدات كون شريهان من النجمات اللواتي تحقّق أخبارهن إقبالاً منقطع النظير. كشفت شريهان عن وجه آخر لفنانة ملأت الدنيا في وقت من الأوقات، وباتت تظهر كثيراً في الأحداث السياسية التي تعصف بمصر. شاركت في جميع الاعتصامات في ميدان التحرير، وهي التي كانت ترفض الظهور في الإعلام. وكانت المفاجأة الأحبّ الى معجبيها ظهورها على غلاف مجلة "زهرة الخليج" قبل شهرين تقريباً بصور حديثة وجديدة التقطها الفوتوغرافي كريم نور، مما أشعل مواقع التواصل الاجتماعي، وتناقل الروّاد صور شريهان التي غصّت بها حسابات معجبيها. بدت شريهان هنا جميلة ومشرقة وأنيقة وقادرة على منافسات نجمات كثيرات يصغرنها عمراً. تنطبق مقولة "الفن يجري في عروقها" على شريهان التي كانت أم كلثوم أول من لفت الانتباه الى موهبتها عندما كانت في الخامسة. كانت "كوكب الشرق" في حفل زفاف أخيها عمر خورشيد، فرقصت شريهان حينها أمامها على أنغام أغنية "أنت عمري"، مما جعل أم كلثوم تقول: ""البنت دي لهلوبة" عندها أذن موسيقية وستصبح فنانة كبيرة". وعندما قلّدت شريهان عبد الحليم حافظ في حفلة أقيمت في مناسبة عبد ميلاد أخيها عمر، خلع "العندليب الأسمر" قلادة كان يضعها وعلّقها في رقبتها وكانت عبارة عن خرزة زرقاء. وأهداها صورة كُتب عليها إهداء جاء فيه: "إذا أصبحت نجمة في يوم من الأيام، ستكونين حاجة كبيرة اوي". حقّقت شريهان نجومية في سنّ مبكرة كما تنبأ لها عبد الحليم. ورغم نجاحاتها، الا أنّها مرت بالكثير من المحطات الحزينة في حياتها حتى أنّه أُطلق عليها لقب "نجمة الأحزان". في سن مبكرة، دخلت المحاكم لاثبات نسبها لوالدها ثم جاءت صدمتها بوفاة شقيقها عمر خورشيد الذي كان أكبر داعم لها ثم وفاة والدتها ثم تعرّضت للحادث الشهير الذي كاد أن يصيبها بالشلل لولا العناية الالهية. يومها، صرّحت شريهان للصحافي المصري مصطفى ياسين الذي أعد أربعة أجزاء عن حياتها نُشرت في جريدة "الجريدة" الكويتية: "فوجئت بفريق من 17 طبيباً يقرّرون أنني سأقضي بقية عمري مقعدةً على الكرسي المتحرك وطلبوا منّي أن أستقبل قضاء الله بقلب مؤمن ونفس راضية. كنت أصلّي وأنا نائمة على السرير، والجبس يحاصرني من قدمي حتى كتفي. عشت لحظات بين الموت والحياة، وقرأت بعيني شهادة وفاتي كفنانة، واكتشفت أنّ الأيام توجه ضربة قوية إلى أحلامي". وتضيف: «تصوّر أنه لا توجد عظمة واحدة في ظهري. لو رأيت صور الأشعة، لأصبت بالهلع، وهذا ما دفع دكتور كاميه الى نصحي بعدم مزاولة الفن. وأمام إصراري، وافق على عملي في التلفزيون فقط لأنّ المسرح يتطلّب جهداً يومياً مضنياً ربما يهدّد صحتي وحياتي، لكنّي لم أرضخ لأوامره وعدت الى خشبة المسرح الذي يعتبر حياتي وحبي". "شيري" كما يناديها أصدقاؤها، جعلها إيمانها وعشقها للمسرح تستعيد جزءاً من عافيتها وتعود إلى المشي والمسرح. ولكن شريهان الموعودة دوماً بالحزن كان عليها مجدداً أن تصارع المرض الخبيث والنادر الذي أصابها على حين غرة. فكما روى مصطفى ياسين: "في اللحظة نفسها التي صفّق فيها الجمهور فرحاً بفوز شريهان بجائزة أحسن ممثلة في "مهرجان الإسكندرية السينمائي" عن دورها في فيلم «العشق والدم» للمخرج أشرف فهمي، اغرورقت عيون الحاضرين بالدموع وهم يسمعون السطور القليلة التي أرسلتها لتبرّر بها اعتذارها عن عدم الحضور واستلام الجائزة". وقالت في الرسالة: «إنني أمرّ في أزمة صحية تمنعني من الحضور». بدأ الهمس في الكواليس عن «سرّ» عدم حضور شريهان. في اللحظة نفسها، كانت هناك كواليس أخرى تعيشها النجمة التي اكتشفت أنها على موعد دائم مع الحزن والعذاب. إذ كانت على موعد مع أخطر جراحة قد يخضع لها إنسان. جراحة حيث تزرع خمسة أعضاء جديدة في الجانب الأيمن من وجهها بعد استئصال ورم خبيث هدّد حياتها. استطاعت شريهان أن تكون أقوى من كل الكوارث التي عصفت بحياتها. قاومت المرض الخبيث وتعافت منه وما زالت تخضع للعلاج في موازاة النشاط السياسي الذي أعادها إلى الساحة. كما تتواصل مع جمهورها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وقد تلقّت أكثر من عرض للعودة الى عالم الفن، الا أنّها ما زالت مترددة ولو أنّها لم تستبعد الفكرة نهائياً. لكن سواء عادت إلى الفن أم لم تفعل، فهي حاضرة بقوة في أذهان محبّيها كنجمة سبقت عصرها، وخصوصاً في عالم الاستعراض. وما زال مكانها شاغراً حتى اليوم ولم تستطع أي فنانة جديدة أن تحلّ محلها، وما زالت الفوازير الرمضانية ماركة مسجلة باسمها. "أنا زهرة" تعايد النجمة شريهان وتتمنى لها العمر المديد.