"يجب أن يكون هناك تكافؤ وتناسب بين الزوجين من الناحية العلمية والعقلية والاجتماعية"، ففي غياب هذا العنصر، قد يؤدي الزواج - وإن كان عن حبّ - إلى حياة غير سعيدة.
صحيح أنّ أغلبية الصراعات الزوجية قد تنشأ نتيجة اختلافات في الفكر والذكاء والجنس مثلاً، إلا أنّ التضارب الفكري وهو الأهم لا يُمكن أن يستمر. فالتفاوت الفكري لا يعوّض لا بالحب ولا بالمال ولا بأي شيء آخر لأنه كما يؤكد الخبراء يمثّل "الجاذبية الحقيقية" لدى أي إنسان.
وفيما تشير أغلبية الدراسات إلى أهمية أن يكون الذكاء الإجتماعي بين الزوجين متكافئاً ويُقصد به القدرة على الإقناع بالمنطق، أوردت دراسة حديثة أنّ الزواج المتكافىء قد يشكل فجوةً كبيرة على نمو الاقتصاد الأميركي.
وحلّلت الدراسة التي أجراها فريق من الاقتصاديين في جامعة "بنسلفانيا" في الولايات المتحدة أنماط الزواج في عام 1960 وعام 2005 إضافةً إلى توزيع الدخل بين الأفراد في السنتين المذكورتين. وكشفت الإحصاءات أنّ ميل الأفراد إلى الزواج من أشخاص في مستوى تعليمهم ووَضعهم الإجتماعي أو كما يُسمى "زواج المتجانسين"، قد ازداد في العقود القليلة الماضية. وبالتالي، فقد تمّ توزيع الثروات في أميركا بشكل غير متساوٍ بين الأزواج وازداد الأغنياء ثراءً والفقراء فقراً على التوالي.
واعتمد الباحثون الإقتصاديون في دراستهم على مقياس Gini Coefficient أي "عامل جيني" الذي طوّره عالم الإحصاء الإيطالي كورادو جيني عام 1912. ويُستعمل هذا المقياس عادةً لقياس عدم المساواة في الدخل بين الأطراف وهو رقم يتراوح بين الصفر والواحد. يعبّر الصفر عن التساوي بحيث يحصل الجميع على الدخل نفسه. أمّا الواحد، فهو عدم التساوي بحيث يحصل شخص واحد على كل الدخل فيما لا يحصل الآخرون على شيء.
وبتحليل نسبة الدخل بين الأزواج في العام 1960 على حدة وتلك المتعلقة بعام 2005، أظهرت النتائج أنّ اختيار شريك الحياة على مستوى مشابه ومتساوٍ للطرف الأول تسبّب في استقطاب الثروات لمصلحة أصحاب المال أنفسهم بعكس النتائج التي قد تنجم لو تمّ الإرتباط بشريك على مستوى مختلف.
وخلص الباحثون إلى أنّ السبب الرئيس وراء هذا التوزيع غير المتكافىء يكمن في "زواج المتجانسين" وهو الزواج الذي يتم بين أطراف متساوين لجهة التعليم والثقافة وبالتالي الشعور بالأمان نحو المستقبل، وهو ما أوجد فرص عمل أكبر وأوسع للطرفين، ساعدهما في زيادة المدخول المادي وبالتالي الثروة.
وختاماً، أكدت الدراسة أنّ الزواج غير المتكافىء بين الرجل والمرأة قد يجانس النمو الإقتصادي لأميركا لأنّ التوزيع المادي بين الطبقات الإجتماعية قد يصحّح الخلل الحاصل حالياً ويُعيد الكرة إلى ما كانت عليه في عام 1960.
للمزيد: