تعد مالطا بمثابة درة متلألئة في البحر المتوسط وحلقة الوصل بين الشرق والغرب. وبفضل موقعها المتميز وأجواءها الساحرة تجتذب الجزيرة أعداداً كبيرة من السياح سنوياً؛ حيث تزخر العاصمة فاليتا بالعديد من الكنوز التاريخية والأثرية العريقة.

ويعد قصر "كازا روكا بيكولا"، الذي يشتمل على أكثر من 50 غرفة وفناء واسع تنمو فيه أشجار البرتقال، من أشهر المعالم السياحية في جزيرة مالطا. وقد عاش في هذا القصر دون بيترو لاروكا، أدميرال الأسطول المالطي.

وبعد الصعود عدة درجات من السلم روت سيدة القصر تاريخ هذا الكنز المعماري الذي يعود إلى أكثر من 400 سنة؛ حيث كان أصحاب هذا المنزل ينتمون إلى طبقة الفرسان الذين جاءوا إلى مالطا خلال عام 1530، وبالتالي فإنهم كانوا من الرواد الذين قاموا بإنشاء العاصمة المالطية فاليتا.

وتعج مكتبة قصر "كازا روكا بيكولا" بالكتب المرصوصة فوق الرفوف المكتظة عن آخرها، إلى جانب بعض الأشياء غير العادية مثل مجموعة من قطع الشطرنج وعلب العطور التي ترجع إلى القرن الثامن عشر. ويوجد في هذا القصر أيضاً قفص به ببغاء يسمى كيكو ويصرخ بصوت عالٍ يصم الأذان إذا اقترب منه السياح، وهناك معجبون لهذا الببغاء يتابعونه عبر الحساب الخاص به على موقع تويتر.

ويلاحظ السياح من الوهلة الأولى أن الطابع الإنجليزي يطغى على جميع مفردات الحياة اليومية في هذا البلد، الذي يحتفل خلال هذا العام بمرور 50 عاماً على انتهاء الاحتلال البريطاني الذي دام 164 عاماً، وكذلك مرور 10 سنوات على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وتعتبر الإنجليزية هي اللغة الرسمية واتجاه المرور جهة اليسار، كما تزخر العاصمة مالطا بوجود نصب تذكاري لرئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل والملكة فيكتوريا، وهناك العديد من صناديق البريد الحمراء وكبائن التليفون التي تستعيد ذكريات الزمن الجميل، عندما كانت الملكة إليزابيث الثانية لا تزال في مرحلة الشباب.

وعند التجول في شوارع مالطا يدرك السياح أن الأحوال مختلفة تماماً بين بريطانيا وهذه الجزر الساحرة في البحر المتوسط؛ حيث لا يتحدث بعض سكان مالطا الإنجليزية بطلاقة؛ نظراً لأن اللغة المالطية، التي تعتبر اللغة الثانية في البلد، ترتبط ارتباطاً وثيقاً باللغة العربية، كما أن تونس تعتبر أقرب عاصمة إلى مالطا. وبينما يسود العاصمة البريطانية طقس سيء وأمطار غزيرة، تنعم مالطا خلال فصل الصيف بأجواء مشمسة ومنعشة باستمرار.

وتستقبل مالطا مليون سائح سنوياً، في حين أن إجمالي عدد سكانها لا يتجاوز 420 ألف نسمة، وتعتمد مالطا على السياحة باعتبارها مصدر رئيسي من مصادر الدخل القومي.

وعلى الرغم من افتقار مالطا إلى الشواطئ الرملية الواسعة، إلا أن أعداد غفيرة من السياح تتدفق على الجزيرة للاستمتاع بالكنوز التاريخية والأثرية بها، حيث أدرجت منظمة اليونسكو مدينة فاليتا ضمن قائمة التراث العالمي، ومن المقرر أن يتم تتويجها عاصمة للثقافة الأوروبية خلال 2018.

وتزخر العاصمة المالطية بالكثير من المباني الرائعة المشيدة على طراز الباروك، مثل قصر كاستيلين بالاست الذي يرجع تاريخه إلى القرن السادس عشر، والذي تتخذه الحكومة مقراً لها في الوقت الحالي.

وتتمتع المدينة العتيقة "مدينة" بأجواء خاصة للغاية؛ نظراً لأنها كانت عاصمة القديمة لجزيرة مالطا قبل أن يأتي الفرسان إليها ويؤسسون العاصمة الحالية. وتزخر "مدينة" بالعديد من المباني التي يرجع تاريخها إلى العصور الوسطى، مثل قصر بلاسيو فلاسون ببوابته المصممة على على شكل قوس، والذي كان في يوم من الأيام معبداً لليهود، أما اليوم فإنه يضم متحفاً يروي تاريخ الجزيرة، بالإضافة إلى العديد من المباني المشيدة على طراز الباروك الحديث مثل كاتدرائية بطرس وبولس، ويظهر بجوارها قصر المطران.

وتشتهر "مدينة" بأجوائها الهادئة، حيث يطلق عليها اسم "المدينة الصامتة". لذا يستمتع السياح بالتجول في أزقتها الطويلة، ولا يخلو الأمر من ظهور بعض اللافتات هنا وهناك تطلب من السياح الحفاظ على الهدوء المميز للمدينة، واحترام خصوصية السكان، الذين لا يتجاوز عددهم 400 نسمة.