يحتفل العالم هذا الشهر بمرور 126 عاما على ولادة النجم البريطاني شارلي شابلن (1889-1977)الذي صادفت ذكرى يوم ميلاده أول من أمس. أضحك شابلن بلايين البشر على مر العقود، واشتهر بهذه الشخصية التي عجنت الواقع المؤلم للفقراء وقصصهم بالروح الكوميدية المتهكمة والساخرة على هذا الواقع. كانت حياة شابلن عامرة بالأحداث، وقد عرف عنه كثرة عشيقاته صغيرات السن وتوجهاته اليسارية في السياسة، كما عرفت مأساته الشخصية وحياته القاسية للجماهير التي أحبته لتضيف على شخصيته ذلك السحر والبريق إلى جانب الشهرة. وقفت هذه التجارب المريرة خلف وجود شخصية تهزأ من القيم والنفاق الاجتماعي بسكتشات تعتبر براعته فيها خارقة، لا سيما وأنها تنتمي للتمثيل الصامت وبداية عهد السينما. كيف ابتكر شخصيته الشهيرة؟ استلهم شابلن شخصيته بقبعتها وعصاتها وروتينها وطريقة مشيتها بنفسه. وعن ذلك يقول في مذكراته " لم أكن أملك أي فكرة في خصوص أي مكياج أضع. لم أرد أن أظهر كصحفي في نشرة إخبارية كما هو الحال في فيلم لقمة عيش. لكن في طريق خزانة الملابس فكرة أن أرتدي سروال فضفاض، حذاء كبير، عكاز وقبعة. أردت أن يكون كل شيء متناقضا: السروال الفضفاض، المعطف الضيق، القبعة الصغيرة والحذاء الكبير. كنت مترددا أأكون بمظهر شخص كبير أو شاب، لكن تذكرت ان سانات كان ينتظر مني أن أكون بمظهر شخص أكبر عمرا، لذلك أضفت شنب صغيرا وذلك ليضفي على الشخصية الكبر في العمر دون إخفاء تعابيري. لم تكن لي أي فكرة حول الشخصية، لكن في اللحظة التي ارتديت فيها الملابس وقمت بالمكياج أحسست بالشخصية. بدأت أتعرف عليها، وعندما دخلت ساحة التمثيل ولد الصعلوك." شابلن أوليفر تويست من لحم ودم تعلق الناس بشخصية شابلن الممثل، ثم تعلقوا بالشخص نفسه بعد أن بدأت أخبار حياته وقصصها تتسرب للجمهور. ومع ذيوع قصة وفاة والده، الذي كان يغني في مسرحيات الأوبرا الصغيرة، إثر إدمانه على الكحول وهو مازال طفلا، وضعته الجماهير المتعلقة بشخصيات شارلز ديكنز وفكتور هوجو، من أوليفر تويست وديفيد كوبر فيلد والبؤساء، بين هذه الشخصيات وحملت له ذات التعاطف. سر والدة شابلن..الأم-العاهرة-المجنونة لكن، وبحسب ما كشف المؤرخون لحياة الفنان، فإن السر الحقيقي خلف حزن شارلي شابلن الذي قاده للإبداع لم يكن الفقر ولا اليتم، بل حياة والدته، التي ورغم أنه حاول دائما تقديمها كامرأة ناجحة، لكن "هانا" في الحقيقة كانت امرأة جميلة ومعذبة وفقيرة من أصل غجري. اضطرت هانا للعمل عاهرة طيلة شبابها قبل أن تصبح مغنية مغمورة باسم ليلي هارلي، وكانت بأجرها القليل تطعمه هو وتترك نفسها جائعة كما ذكر هو في مذكراته التي أخفى فيها حقيقة عمل والدته واكتشفها المؤرخون فيما بعد.   خوف شابلن من المرض الجنسي أصيبت ليلي بمرض السفلس جراء عملها بنت ليل ولم يكن لهذا المرض أي علاج في القرن التاسع عشر، وظلت هكذا حتى أصيبت بالجنون على مرأى ومسمع ابنها الوحيد الذي ظل يتعذب لعذابها. وقد تركته الحالة التي أصيبت بها والدته فزعا من ممارسة الجنس، وكان في كل مرة يدهن جسده بالكامل بمطهر الأيودين خوفا من أي احتمال للإصابة بمرض جنسي. بداية طريق التمثيل كان شابلن يحلم دائما أن يصبح ممثلا، وقد ورث هذا المزاج الحالم من والدته، ولكنه على العكس منها لم يدمر نفسه بل سار خلف الحلم. وبعد وفاة والدته ترك المدرسة ثم سجل في وكالة للتمثيل. وكان أول دور قام به هو بائع صحف، الدور الذي ظل يلعبه في أكثر من فيلم منها "شيرلوك هولمز". ومع الوقت بدأ شابلن يقدم عروضا كوميدية حية على المسرح. وبدأ يتنقل في جولة بين المدن عارضا على مسارحها، حتى حقق شهرة معقولة كفلت له العمل مع شركة فنية محترمة نقلت عمله إلى مستوى آخر. شابلن أو جيمي الشجاع ولكن ادوار البطولة ظلت بعيدة عنه حتى العام 1910، حين أسند إليه دور البطولة في سكتش بعنوان "جيمي الشجاع". حقق السكتش نجاحا كبيرا وكتبت الصحافة كثيرا عن النجم الجديد والملفت للنظر وبدأت شهرة شابلن تكبر مع أدواره. فلعب مجموعة من الأفلام أهمها "الطفل"، "عالق في المطر"، "قفص الأسد" و "شارع سهل" وغيرها الكثير. الحب والزواج في حياة شابلن تزوج شابلن أربع مرات من ميلدرد هاريس، ليتا غراي، بوليت غودار وأونا أونيل. لم يدم منها سوى الزيجة الأخيرة من أونا أونيل التي كانت مستقرة نسبيا. أما حب حياته الكبير فكان للراقصة هيتي كيلي، التي وقع في غرامها وشغف بها من النظرة الأولى بينما هي ترقص على خشبة المسرح. لكن كيلي التي عاشت معه قصة حب جميلة لم تكن مستعدة للارتباط والاستقرار ولم ترغب بالبقاء معه فتركته. ويروي شابلن في مذكراته كيف أنه ظل يفكر بها دائما، وكثير من الشخصيات النسائية في أفلامه كان يحاول أن يجلعها تشبه كيلي لكي يعيش معها حتى ولو في مشهد سينمائي. وفي حياة شابلن أيضا الممثلة التي شاركته كل أدواره، وكانت حبيبته أو زوجته دائما في الأفلام ولكنها الواقع من أقرب أصدقائه إليه، وهي النجمة إدنا بيورفيانس. 126 عاما وشابلن الأسطورة مازال يتمتع بجمهور كبير، إنه النجم الذي يثير الحيرة بقدرته على جعل الحياة تدب في الصمت. كم من الممثلين يقرؤون نصوصا طويلة الآن من دون أن يؤثروا فينا أو يحركوا ساكنا! وكيف كان شابلن سيبدو لو أنه بيننا الآن وينتمي للسينما الناطقة؟ شاهدي هذا الفيلم القصير لشابلن بعنوان "قفص الأسد" اقرأي أيضا: “المرأة الأخرى”:كوميديا أبطالها الزوجة والعشيقتان والزوج! Dom Hemingway حين زاد “جود لو” وزنه وكشف صلعته