تمتاز مدينة سلفادور دي باهيا البرازيلية بطابع فريد من نوعه يمنحها سحراً خاصاً؛ حيث تغلفها أجواء تاريخية يفوح منها عبق الماضي، كما أنها تتمتع بطقس دافئ ومشمس طوال اليوم، وتصدح الموسيقى الصاخبة في كل أرجائها، ما يمنحها عن جدارة لقب "مدينة السعادة".
وكانت مدينة سلفادور دي باهيا ملتقى للثقافات الأوروبية والأفريقية والهندية والأمريكية، وتعتبر هذه المدينة الساحلية من أكثر مدن البرازيل شهرة في المهرجانات الصاخبة والأجواء الاحتفالية التي تجوب شوارع المدينة؛ حيث تحتضن المدينة أشهر كرنفال في البرازيل بعد مهرجان ريو دي جانيرو.
وتشتهر سلفادور دي باهيا بأنها "مدينة السعادة"؛ حيث يسود طقس دافئ ومشمس طوال اليوم، بالإضافة إلى انتشار الموسيقى في كل مكان؛ حيث تصدح الألحان باستمرار في المطاعم والشوارع والطرقات والعديد من شواطئ المدينة، وخاصة عندما تفتح الحانات ومقاهي الشوارع أبوابها أمام الجمهور في البلدة القديمة بسلفادور دي باهيا في المساء، وتبدأ الفرق الموسيقية في عزف الموسيقى في كل مكان، يتراقص الأزواج على إيقاعات السامبا والفورو الساخنة.
فن الكابويرا
وعندما يتجول الزائر خلال النهار في ميدان براسيا دي سيا أو ساحة تيريرو دي جيسوس سيشاهد إحدى مجموعات الكابويرا التي تنتشر في المدينة بكثرة، وهنا سيدرك أن الموسيقى بمدينة سلفادور دي باهيا تمتاز بطابع إفريقي خاص. وتعتبر الكابويرا فناً من الفنون القتالية البرازيلية ونوعاً من وسائل التعبير عن النفس، مارسه سكان الغابات في القارة الأفريقية وانتقل إلى البرازيل عن طريق نقل المستعمرين البرتغال الرقيق من أفريقيا.
وأوضح مصارع الكابويرا أن الأغاني والموسيقى مستمدة من ثقافة العبيد، حيث يتراقص المصارع بخفة على إيقاعات الطبول أمام منافسه قبل أن يتصارع كل منهما عن طريق الحركات البهلوانية والوقوف على الأيدي والقفز في الهواء والضرب بالأرجل باتجاه كل منهما.
وبخلاف ألعاب الدفاع عن النفس الأخرى لا يحدث تلامس بين المصارعين أثناء ممارسة الكابويرا؛ نظراً لأنه لم يكن مسموحاً للعبيد بالمصارعة والقتال، ولذلك قاموا بتطوير فن المصارعة الأفريقي إلى نوع من الرقص لا يحدث فيه تلامس. ولا تظهر الثقافة الأفريقية في أي مدينة برازيلية بشكل أكثر وضوحاً مثل مدينة سلفادور دي باهيا، التي اتخذها المستعمرون البرتغاليون أول عاصمة للبرازيل خلال عام 1763.
القلب الأسود
وقد جعل البرتغاليون هذه المدينة لفترة تزيد على 200 سنة مركزاً رئيسياً للتجارة الرق، الذين يشكل أحفادهم اليوم ثلثي سكان المدينة البالغ عددهم 7ر2 مليون نسمة، حتى أن اسم البلدة القديمة في المدينة يُشير إلى هذا التاريخ المظلم، وإلى سوق النخاسة، حيث كان يُباع العبيد.
وتشير التقديرات إلى أنه تم ترحيل ما يقرب من 5 مليون من الأفارقة إلى مدينة سلفادور دي باهيا، ولذلك فإنها لا تزال "القلب الأسود" النابض في البرازيل، وهو ما يتضح لأي زائر للمدينة بعد فترة قصيرة من الوقت عند التجول في سوق الحرف اليدوية ميركادو موديلو، حيث يمكنه ملاحظة الجذور الأفريقية لهذه المدينة بكل وضوح.
وتتجلى التأثيرات الأفريقية بشكل أكثر وضوحاً على المطبخ والمأكولات بمدينة سلفادور دي باهيا؛ حيث يمكن للزائر الاستمتاع بالحلويات والأطباق الحريفة والأصناف ذات الألوان الزاهية في مطعم "كاسا دي تيريزا"، ومن أشهر الأطباق التي يقدمها هذا المطعم، طاجن أسماك مع فواكه البحر مع طماطم وفلفل رومي، ويتم طهي جميع هذه المكونات في حليب جوز الهند وزيت النخيل.
اقرأي أيضا:
البرازيلية فرناندو دي نورونيا جزيرة وجنة في آن
عادات الشعوب: لماذا يرتدين تنانير كبيرة جدا؟