القراء الأعزاء ،
ظاهرة باتت تشغل بالي وبال كل العاملين في مجال الإصلاح الأسري وهي ظاهرة أحاول طرحها والبحث معا عن أسباب وجودها وكيفية القضاء عليها. وهي أنه بعد الطلاق نجد بعض الأباء يسعى وبشدة لتخفيض النفقة على أبنائه فلو كان ينفق مثلا 3000 درهم مثلا قبل الطلاق هو يريد اليوم أن يجعلها 2000 درهم أو أقل من ذلك . وببحث تلك الظاهرة من خلال أسئلة بعض المطلقين تلخصت الأسباب في إجاباتهم التالية :
- يقول أحدهم : هي لا تستحق أكثر من ذلك أليست هي التي طلبت الطلاق ؟-لاحظ معي هذا الرد - هو بموقفه يريد معاقبة مطلقته بتخفيض نفقة أبنائه وهذا منطق عجيب، لأنه من العدل والإنصاف ألا يحرم الأبناء من نفس المستوى الذي كانوا يعيشون فيه لأنه لا ذنب لهم في الطلاق، وهل يليق بنا أن نجمع عليهم عنت الطلاق وعنت العيش؟ والله ثم والله إن الله وعد بسورة الطلاق كل مطلق اتقى الله في المحضونين أن يزيد له في رزقه ويخرجه من كل ضيق قال تعالى : "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا" (سورة الطلاق).
- ويقول أخر: هم لابد أن يتعودوا على ضيق العيش بعد الطلاق _ لاحظ من رده وجود خلل فكري اجتماعي، فالأب جعل منهم طرفا في معادلة الطلاق أي أن المعاناة المادية لابد أن تشملهم هم أيضا مع أنه يفترض العكس وهو أن يزيد الأب في العطاء المادي ليعوضهم ويشعرهم باحتوائه لهم وتلبية حاجاتهم مما يخفف عنهم صدمة فراق الوالدين لأن الطفل بطبيعته ينتابه شعور بعد وقوع الطلاق بأن وجوده هو سبب هذا الطلاق، فلا يتبغي أن نثبت تلك المشاعر بحرمانهم وتقليل نفقاتهم .
- ويقول أخر : أنا سأتزوج وسيكون لدى عائلة وأولاد يحتاجون مصاريف ونفقة - والأب هنا نسى أو تناسى العدل بين الأبناء من أمهات شتى ونسى أن الله قد أنزل لنا سورة يوسف وقصته مع إخوته وتعامل أبيه يعقوب مع الجميع ليعلمنا أن نعدل بينهم ولما تتزوج داوم على العدل حسب طاقتك لكن لا يعقل بدء مسلسل حرمانهم من الآن ولا بعد الآن فكم من أباء حملوا بعض الأبناء من زوجة جديدة بسياراتهم خروجا وسفرا وصرفا في حين ترك أبناءه من مطلقته بالأشهر لا يراهم ولا يسأل عنهم ناهيك عن تأخر نفقتهم بسبب أن الأب كان في سفرة سياحية مع أسرته الجديدة وإن اشتكت عليه مطلقته بالمحكمة طالب القاضي بتخفيض نفقة المحضونين . ممن تنتقم أيها الأب ومن تحارب ؟ اتحارب فلذة كبدك ؟ أليسوا أبناءك ومن صلبك وتجرى دماؤك في عروقهم ؟
إنها دعوة لكل الآباء أن يعيدو النظر في ممارساتهم مع أبنائهم بعد تجربة طلاق مريرة، وأن لا يتخذوا الأطفال مجرد وسيلة للانتقام وتصفية الحسابات...فمن لا يرحم لا يُرحم.