"ظلال الغاردينيا" كتاب يروي حكايات مرضى التصلب اللويحي
ضيف ثقيل يفاجئ مرضاه دون سابق إنذار، مرض لا يمهل المبتلين به فرصة قبل أن يجهز على قواهم العصبية، وقد يرمي بهم أسرى الكرسي المتحرك بأقرب تصرف خاطئ يقترفونه أو سوء فهم يزعج نظام المناعة في أجسادهم.
يواجه مرضى هذا المرض الغامض الذي لم يكتشف له علاجاً بعد، حرباً ضروساً زادها رباطة الجأش وعدم التعرض للتوتر والحر والانتكاسات المرضية.
هذه هي خلاصة الكتاب الثاني للكاتبة سمر السامرائي، وهي ممن عانين من المرض ومازل رفيقها الذي تصفه بـ"الحبيب الجديد"، وهو الذي يلازم من يقع أسير حباله من دون أمل بالفكاك. ويعد هذا الكتاب الثاني للكاتبة من بعد إصدارها كتاب ”لآليء عمري، مذكرات مريضة مصابة بالتصلب اللوحي المتعدد“ تناولت فيه، ولأول مرة في العالم العربي، تفاصيل المرض وقصص المصابين به بطريقة سردية وعلمية للكشف والتوعية بهذا المرض المزمن الغريب، الذي يجهله المجتمع بشكل كبير.
ويختلف كتاب الكاتبة الأول عن الثاني بالتركيز على ذكرياتها التي لضمتها بشكل عقد فرطت لآلأه واحدة تلو الأخرى لتذهب بالقارئ إلى ذكريات الطفولة والمراهقة، وصولاً إلى إصابتها بالمرض الذي أحدث تحولاً دراميتيكياً في حياتها، خاصة أثر إصابتها بنوبات المرض التي أفقدتها البصر وطرحتها شبه مشلولة في الفراش حتى تغلبت على آلامها وروضت مرضها وأستطاعت أن تقف من جديد.
أما كتابها الجديد "ظلال الغاردينيا..لكل منا حكاية" فهو يحكي ثلاثة عشر قصة مختلفة واقعية لمصابين آخرين بالمرض، ألتقت بهم وكتبت عن تجاربهم بكل شفافية وصدق وإنسانية.
تعد سمر بارقة أمل ومبعث للتفاؤل وكذلك دليل للإستشارة لـ"مجتمع المصابين بمرض التصلب اللويحي المتعدد" بحسب وصفها، فهي تعد إحدى الناشطات بالفعاليات التي تنظمها جمعية "أصدقاء مرض التصلب اللويحي المتعدد"في الإمارات وبعض دول الخليج برئاسة الشيخ محمد بن خليفة بن سلطان آل نهيان.
تنوعت عناوين قصص الكتاب بين أسماء شخصياته المستعارة، أو عناوين مهنهم التي لم يعاودوا مزاولتها بسبب إصابتهم بالمرض، أو قصص تحكي تحدياً وإنتصاراً على هذا العبئ الثقيل الذي تئن منه شخصياتها وتلاعبه بمهارة كما هي سمر، شخصياتها المنتصرة.
تستهل الكاتبة كل حكاية إما ببيت شعر أو قصيدة أو مقولة لأحد الحكماء والمشاهير لتلمح لثيمة القصة، ومن الشعراء الذين أستعانت برؤاهم الشعرية، كالشعراء بدر شاكر السياب ولميعة عباس عمارة، وعمر أبو ريشة ولهيب عبد الخالق، وكذلك أستعانت بمقاطع نثرية لكل من المبرد وغابرييل غارسيا ماركيز وعمر الخيام وغيرهم. كما قدمت الكتاب إهداءً "إلى كل من أراد النهوض بنفسه من جديد.. ونفض غبار المرض والألم.. لإتخاذ قرار أن يكون سعيداً."
صدر الكتاب عن دار الفارابي ببيروت لعام 2014، وهو منشور بدعم من شركة "ميرك سيرونو الشرق الأوسط" الطبية المعنية بإنتاج علاجات للمرض ذاته.
اقرأي أيضا:
ثلاث روايات لقراءة الصيف من دار الساقي
باريس آخر الصيف.. جميلة ككل الفصول