تحرير المرأة وقاسم أمين على المسرح
"تحرير المراة" هو عرض فريد من نوعه يستعيد من خلاله الراقص ومصمم الرقصات والمخرج اللبناني وليد عوني كتاب المفكر قاسم أمين على "المسرح الكبير" في "دار الأوبرا" بالقاهرة، في عرضين هذه الليلة وبعد غدٍ الخميس.
عن استعادة كتاب أمين يقول عوني ""لا يمكننا الهروب من التاريخ، من مفارقات التاريخ، من اللحظات الفصامية فيه، مثل هذه اللحظة التي نعيشها الآن والتي من الممكن أن يحدث فيها أي شيء وأن تختلط القيم وتلتبس بسهولة".
هنا يأتي عوني ويعيد الدرس من الأول، من 1899 حين ظهر كتاب أمين الثوري، ليتبعه بـ "المرأة الجديدة" في 1901. فأثر أمين لم يُلمس حقاً إلا بعد سنوات طويلة من كتابه الأول، وبحسب عوني فإنه ومنذ منتصف القرن التاسع عشر، "تشكلت بداية لعصر اجتماعي وديني وثقافي وسياسي جديد"، شهدت حضوراً للتنويريين أمثال عبد الرحمن الكواكبي وجمال الدين الأفغاني ورفاعة الطهطاوي ومحمد عبده، الذين عبّدوا الطريق للتغيير الاجتماعي وكانوا نتاجاً للثورة العرابية، ثم وجود إصلاحيين مثل سعد زغلول ومصطفى كامل، هؤلاء كانت "قضيتهم واحدة مع أيديولوجيات متعددة، ومستقبل لم يتحقق لأي منهم، فأصبح حلماً" وفق تعبير عوني، الذي يعيد طرح "تحرير المرأة" على الخشبة ليسأل ما الذي بقي من أمين؟ ومن إرث هؤلاء التنويريين؟ وليفكر أيضاً أن التاريخ يعيد نفسه بشكل نافر الآن، نحن في لحظة ثورة مع غياب الأيديولوجيا "نتعامل مع رموز مبعثرة وغير منتظمة".
ومثلما يستعيد عوني رموز النهضة هؤلاء يذكّر بنساء أحدثن الفرق في زمانهن، من أمثال هدى شعراوي وصفية زغلول وبنت البادية ومي زيادة. ويسأل: ماذا يوجد في مخزون المرأة المصرية الحديثة؟ وهل تحقق حلم أمين وتجاوز فورة الخمسينيات والستينيات الاجتماعية؟ هل رجعنا أم تقدّمنا؟
على هذا الأساس يقسم المخرج العرض إلى ثلاث لوحات، ينفذها راقصو "فرقة المسرح الحديث"، كل واحدة تتناول فترة معينة من تاريخ حريات المرأة في مصر والبلاد العربية.
المرحلة الأولى يسميها عوني "المرحلة السوداء" والتي كابدت فيها النساء من الأمية والعطالة والهيمنة الذكورية الكاملة، وكن تجسيداً للعورات من الصوت وحتى الصورة.
أما اللوحة الثانية أو "المرحلة البيضاء" فتبدأ مع انتقال المرأة من الوجود المستمر داخل المنزل إلى الخروج منه إلى العمل والتعليم، وهنا يشير عوني أنه لولا السينما والفن لما كان لهذه المرحلة أن تتكرّس وتنجح؛ فظهور السينما المصرية ووجود فنانات غيّرن صورة الفنانة، ومحبة البيت المصري للسينما وتلقيه المستمر لها، هي أمور ساهمت بشكل كبير في توسيع الحلقة الضيقة وإدخال حريات لم تكن موجودة إلى حياة المرأة الخاصة، لا سيما في الطبقة المتوسطة.
أما اللوحة الأخيرة في العرض فهي "المرحلة الملونة" والتي تداخلت فيها القيم وشكل الأزياء، وأصبح باروميتر الحريات يعلو ويهبط أكثر من السابق مرتبطاً بالسياسة وتفسيرات الدين المختلفة التي تتدرج من التطرف إلى التزمت وحتى الاعتدال.