وداعاً لألبوم ماما وأهلا بإنستغرام
من منا لا يتذكر تلك الألبومات التي تخرجها ماما من وقت إلى آخر وتتأمل الصور فيها؟
كانت تمسك الصورة وتمررها من يد إلى أخرى ونحن نتفرج ونضحك او نبدي إعجابنا أو حتى نحزن لغياب أصحابها. كان للصورة مذاق خاص.
الآن اصبحت كل الصور على الشاشة فقط، نادراً ما يفكر أي منّا أن يكون لديه نسخة ورقية من الصور، وأن يشتري لها ألبوما ويضع فيه ذكرياته.
هل حلّ الأنستغرام والفيسبوك مكان الألبوم الحقيقي؟ لم يعد الأشخاص يحتفظون بألبومات فاخرة بأحجام مختلفة، منها ما هو مذهب، ومنها ما له كعب أنيق، ومنها ما نقش عليه اسم أصحابه.
لكن كثيرين ما زالوا يقدمون الألبوم مثلاً كهدية للعروسين، أو حتى للأم التي وضعت حديثاً لكي تحتفظ بصورة المولود الجديد في ألبوم مخصص لأجمل وأندر اللحظات.
بينما يقوم كثير من الأسر بتخصيص حسابات على فيسبوك للطفل حديث الولادة، فيضعون صورة لأول مرة أمسكته والدته، وأول ملابس له، وأول رضعة، وأول حفلة في البيت. هناك هوس حقيقي في إعطاء هذا الطفل هوية افتراضية لحظة وصوله إلى العالم.
الهوية الافتراضية هذه أصبحت أيضاً جزءً من ثقافتنا في العالم الرقمي الحديث.. ليس بمقدورنا أن نتنكر لهويتنا الافتراضية، لأننا سنصبح خارج ما يحدث في العالم. دقّة قديمة، ننتمي لجيل آخر، ونثير السخرية.
لكن وضع الصور في المساحة الافتراضية وليس في ألبوم أفقدها الكثير من جماليات خصوصياتها، وحولها في كثير من الأحيان إلى غير ماهي عليه، تتحول الصورة إلى لحظة خطرة قد تغير حياة صاحبها.
المرأة الفرنسية التي تناقلتها الأنباء قبل عامين، خسرت وظيفتها لأنها وضعت صورتها بالمايوه وهي تشرب الكحول على فيسبوك. لقد كان رب العمل محافظاً ولم ترقه رؤية الموظفة على هذا الشكل.
الحب أيضاً وتبادل الصور بين العشاق كان من الأمور التي تتم بحذر كبير، الآن قلّت قيمة الصورة. لم تعد موضوعاً خاصاً. أي أحد يمكنه تحميل صورك من حساباتك بألف طريقة وطريقة، ومهما كانت درجات الخصوصية في حسابك، دائما هناك طريقة يستطيع أي أحد الحصول فيها على صورك، حتى وإن كان من خلال صديق مشترك.
إذن فقد اختفى الألبوم فعلاً. وقريباً سيصبح من الأنتيكات التي يعتبر من يقتينها أن يقتني شيئاً قديما ومنسياً.
بالنسبة لي سأظل أحتفظ بألبوم مزركش ومنقوش مستطيل ولونه ذهبي، حين أفتحه أرى صور أمي تقف بجانب أبي وهو يحملني، وأنا أبتسم دون أن افهم السبب.