كيف نعلم أطفالنا التوقف عن الكذب
مهما كانت قوانينك في البيت صارمة، فإن للعالم الخارجي قوانينه التي يعلمها لطلفك دون إرادة منك، أنت في الحقيقة لا تربين طفلك وحدك. التلفزيون يشاركك التربية الأصدقاء والأقران المدرسة والمعلمة والمنهاج المدرسي وألعاب الفيديو..إلخ
وحين يكذب طفلك عليك رغم محاولاتك تعليمه الصدق تصابين بخيبة أمل وتشعرين أن طفلك يتسلل من خلف ظهرك ويكذب وأنك لم تربه جيداً.
حسنا الخبر الجيد أن الخطأ غالبا ليس خطأك فالأفكار السيئة والسلوك المزعج يحقن في أطفالنا حقنا خارج المنزل.
الأمر الأول:
يجب أن يشعر به الطفل حين يكذب هو أن الكذب لا يجدي، ليس له سلطة لا يمنحه القوة، على العكس إنه يقلل من استماع الآخرين إليه ولا أحد يصغي لكلامه. مثلاً:
الأطفال بين سن 5-8 يمليون لإخبارك حكايات لم تحدث فيها دور بطولي لهم، مثلاً حين يبدأ كلامه بأنه سيخبرك ما حدث له أو معه، قولي له: لا هذا ليس دقيقاً قل سأخبرك حكاية تخيلتها، أو قصة ألفتها، لكن لا تقل حكاية حدثت لأنها لم تحدث أنت تخيلتها والخيال أمر جميل. وإن أصر على استخدام كلمات توحي أن القصة واقعية، أرفضي الإصغاء إليه بلباقة، قولي له: حبيبي انا لن أستمع للقصة ولا بابا إلا حين تبدأ البداية الصادقة.
الأمر الثاني:
سبب الكذب، عليك أن تعرفي أن الطفل لا يبادر للكذب، لا بد أن هناك دافع وغالبا ما يكون الدافع هو النجاة من عواقب خطأ ما. يقال إن لكل عائلة منظومة القيم وقائمة من العواقب لمخالفتها، وهذه القيم لا بد أن تكون واضحة تماماً، وأفضل قيمة تحمي أسرتك هي الوضوح، وإبعاد الخوف من المنزل بل طرده بأي قوة ممكنة. العلاقات المحكومة بالخوف محكومة بالكذب. والعلاقة التي تجعل ابنك قادرا على العودة إلى المنزل وإخبارك بما حدث معه بصدق من دون أن يخاف هي الصحية. وذلك يأتي من عدة أساليب مثل القبول بالاعتذار ودراسة الخطأ أي الجلوس معه حين يخطي وتوضيح ملابسات الخطأ بمحبة. والعقاب عقابات ليست عنيفة لا ضرب فيها ولا شد ولا شتم ولا صراخ. العقاب يكون بالنوم باكرا بالتجاهل بالجلوس وحده في الغرفة بالحرمان من أشيائه المفضلة.
الأمر الثالث:
أنت تقولين لطفلك أن الكذب لا يجوز، لكنه الأهم من ذلك أن عليه ان يشعر أن الكذب أمر مؤلم ويلحق بك الأذى ويلحق به الأذى وبالعائلة. لأن الشعور الوحيد الذي يردعه هو شعوره أنه يؤذي عائلته بالكذب، تعاملي مع الكذب كالشرطي مع مخالفات السرعة، الشرطي يعطي المخالفة دون نفاش وتزيد المخالفة كلما تكرر الخطأ، لكن حين يحدث وأن يقع حادث سير نتيجة السرعة لا يكترث الإنسان للمخالفة بل يمتنع عن السرعة بقية حياته. إذن لا بد من فهم الألم الناتج عن الكذب لكي يمتنع الطفل عنه. وفي الوقت نفسه توجيه عقاب رادع (ليس عنفا) المرة الأولى: إذهب إلى غرفتك حتى المساء. الثانية: سآخذ الأيباد 24 ساعة. الثالثة: سآخذ الأيباد 48 ساعة. المرة الثالثة شهر وممنوع التلفزيون يومين.
الأمر الأخير:
كافئي الصدق. إذا كنت ستشعرين ابنك أن الكذب لا قوة له ولن يمنحه سلطة، فعليك أن تفعلي العكس مع الصدق، أن تكافئيه عليه، أن تشعريه بقيمة الصراحة والنزاهة. قولي مثلا: لا بد أن الأمر كان صعبا عليك حبيبي أن تخبرني بما حدث لك بكل صدق، وأنا سعيدة لأنك اخترت قول الصدق رغم أنك ارتكبت خطأ، قولك الصدق يجعلني لا أعاقبك على خطأك".