لأول مرة جربت أن أسأل بعض الأصدقاء والأقارب ذاك السؤال:هل أنت سعيد ونحن بأيام العيد؟ فكانت نسبة جواب 80% منهم بأنهم لا يشعرون بسعادة ولا فرحة للعيد، وصدمت حين سمعت تلك الردود مما دفعني لأكتب تلك الكلمات نتعرف بها على طريقة جديدة تجعلنا نفرح بالعيد رغم كل الأسباب التي ستذكر والتي حالت بينهم وبين الإحساس بفرحة العيد.
فبعضنا لا يشعر بفرحة العيد هذا العام لأنه فقد عزيز عليه كان بالعيد الماضي معه ويرافقه ويصاحبه سواء أكان ابناً أو أباً أو أماً أو زوجة أو أخاً...
وبعضنا فقدت شعور الفرحة بالعيد لأنها طلقت وتعيش متحملة مسئولية الأبناء دون شريك الحياة الذي خان أو هرب أو غدر.
وبعضنا فقد الشعور بفرحة العيد لأنه مغرب عن بلده التي دمرتها الحروب وبيته الذي لا أثر له اليوم بعد أن قضى فيه زهرة حياته وطفولته وشبابه...
وبعضنا ضاعت منه فرحة العيد لقلة الدخل وغلاء العيش حتى أنه لا يستطيع أن يشترى ثوبا جديدا لأبنائه أو يتنزه بهم لأنه لا يملك ذلك ...
وبعضنا أوتى كل شيء من مال وأولاد ومركز مرموق لكنه فقد فرحة العيد لأنه مريض يقضى عيده على سرير المرض ...
وصنف أخر قد فقد الاحساس بفرحة العيد لأنه حزين من داخله على أحوال أمته التي تعيش أصعب اللحظات والتحديات ...
ولكن .. ورغم كل ما مضى من أسباب أقول لكل هؤلاء المكلومين المجروحين يجب أن تفرحوا .. نعم افرحوا .. افرحوا بعيدكم .. تذكروا أولا : أنه ما سمى العيد عيدا إلا من العودة أي أنه عاد عليك وأنت حي ترزق وتعيش وتتحرك ألا يستحق ذلك منك أن تفرح بأن أبقاك الله وأطال في عمرك لتشهد هذا اليوم يوم العيد ؟
ألا يستحق العيد أن تفرح فيه بأنك أدركت رمضان وغيرك مات ولم يدركه؟
ألا يستحق العيد أن تفرح فيه بأنك وفقك الله في رمضان للصيام والقيام وختم القرآن وربما كنت من العتقاء من النار؟
ألا تفرح بقول النبي الأكرم: "للصائم فرحتان: فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه". وهاتان الفرحتان مميزتان وهي حصيلة الاحتساب والصبر والطاعة لله طوال يوم معاناة وحبس للنفس عن الشهوات لله رب العالمين. تأمل قوله: "فرحة عند لقاء ربه" أولا قال: فرحة وهذه في لسان العرب نكرة تدل على أنها فرحة كبيرة، وأنها فرحة قد بلغت غاية الفرحة ونهايتها، فإذا حزن الناس يوم الحزن فرح الصائمون، وإذا أصاب السوء الناس يوم المساءة يوم يقوم الناس لرب العالمين وجد الصائم الإحسان من ربه. "فرحة عند لقاء ربه" وما حمل العبد هماً ولا غماً ولا كرباً أعظم من الوقوف بين يدي الله أما الصائم بين يدي الله في فرحة، وأنه يجد الفرحة أحوج مما يحتاج إليها يوم يقوم الناس لرب العالمين، يوم لا ينفع مال ولا بنون ومن هنا يستبشر وهو يقرّب فطوره بعاجل الفرحة التي تذكره بالفرحة العظمى عند لقاء الله، فلا يملك عند فطره من أن يلهج بالدعاء لربه أن ينجّيه في آخرته، وأن يتمم له تلك الفرحة في الدنيا وبين يدي ربه يوم القيامة.
ومن المعروف أن للصائم دعوة لا ترد عند فطره ألا يستحق ذلك الفرحة ؟
حتى وإن كنت فقدت والدك هذا العام؟ فاحمد الله على أن والدتك على قيد الحياة تدعو لك وتؤنسك وإن كنت فقدتهما معا فاحمد الله أن ربك معك راحمك وسندك وعونك ورازقك فمن وجد الله وجد كل شيء ومن فقده فقد فقد كل شيء.
وإن كنت مريضاً فافرح بأن الله يخفف عنك الذنوب بمرضك ويرفع درجاتك فربما لو أعطاك الصحة لافتريت وطغيت في الأرض وعصيت .
وإن كنت منفصلة عن زوجك فاحمدي الله وارضي بقدره فربما يربى أولادك معك أفضل من أن يربوا مع أب يسكر أو يتعاطى المخدرات أو يخون .
وإن كنت حزينا على أحوال أمتك فأكثر من الدعاء واعلم بأن مع العسر يسرا وبدعائك وصبرك سينزل الفرج ويعم الخير قريبا.