إماراتية تتحول إلى حورية بحر دعماً لذوي الاحتياجات الخاصة
مَن يراها، قد يعتقد أنّها كائن غير حقيقي، أتى من عالم الأحلام، بأفكار ربما خيالية وغير منطقية. إلا أنها استطاعت فرض فلسفتها الحالمة، وتحقيق هدفها الذي ينبع من إيمان عميق برسالة حملتها في قلبها وأصرّت على تحقيقها. إنّها عبير محمد، مشرفة نفسية واجتماعية ومدرسة طلاب من فئة ذوي الإحتياجات الخاصة. هي صاحبة فكرة "برقع عبوري" النسخة المحدثة من البرقع الإماراتي.
مبادرة "الحورية" هي مبادرة مبتكرة، تتوقف عندها عبير لتشرح قصتها: "كوني مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة، كنت أسعى الى رفع ثقة الطلاب بأنفسهم. كنت أحوّل الطلاب الى شخصيات خيالية مستوحاة من القصص التي كانوا يقرأونها في الصف. كنت أعرض شخصيات القصة على الطلاب، وأسمح لكل واحد منهم باختيار الشخصية التي يرغب في تقمّصها. وفي كل مرة، كانت الفتيات يخترن شخصيات الأميرات. وكنت أحوّل الكرسي المتحرك الى "عرش ملكي" كي لا يشعرن بأنهن مقيدات بالكرسي المتحرك. وكنت أقيم لهن حفلات شاي مثل الأميرات. أما الأولاد، فكنت أحول كراسيهم إلى رجل آلي، وشخصية "غراندايزر".
كانوا يندمجون في اللعب وأشعر بالفرح يغمرهم. لكن هذه الثقة بالنفس كانت تتلاشى فور خروجهم من الصف وتفاعلهم مع باقي الطلاب العاديين في المدرسة. كان ذهني وقلبي مشغولين بمساعدتهم. كنت أريد منهم التمتع بالحياة وصرف النظر عن إعاقتهم، حتى ألهمني الله فكرة "الحورية" للفتيات".
وتضيف: "أعتقد أنّ فكرة الحورية مبدعة وانسانية. لقد صمّمت ذيل حورية بنفسي لطالباتي، وحشوت طرف ذيله بالقطن كي يصبح كوسادة تريح الفتاة قدميها عليها. حتى لو لم تكن الفتاة تشعر بقدميها، فإنّ جسدها سيشعر براحة. وجعلت التصميم بسيطاً جداً، بحيث يكون ذيل الحورية كأنّه تنورة عالية الخصر وضيقة عند الساقين. ويمكن إرتداؤه بسهولة كأي تنورة، وخلعه أيضاً بسهولة مع مراعاة أنّه يغطي جسد الفتاة عند جلوسها".
لم تكتف عبير بذلك، بل روّجت لفكرة الحورية على طريقتها الخاصة. ارتدت الزي بنفسها وقصدت به مناسبات عدة، منها "معرض أبوظبي الدولي للكتاب". تقول: "لا يتشجع أيّ من أهالي الطالبات لأخذ بناتهن الى فعاليات عامة في زيّ الحورية، ولا حتى بدون زي الحورية. يخافون عليهن من الحرج وعدم جاهزية المكان لهن. لهذا ذهبت الى معرض الكتاب بنفسي وأنا أرتدي الزي، وأخبرت طالباتي بأني سأكون هناك لتشجيعهن لكنهن لم يحضرن. شعرت بخيبة أمل من أهلهن لبرهة، لكنّ اليأس لم ينل منّي، بل روّجت لفكرتي هناك، وأصبح الجميع ينظر إليّ بدهشة وإعجاب. وهناك من اقتنع بالفكرة وأبدى رغبته في تطبيقها على بناتهن لرفع مستوى الثقة لديهن".
توجّه عبير نصيحة لذوي الاحتياجات الخاصة قائلة: "أنتم لستم معاقين، بل المجتمع هو المعاق الذي ينظر اليكم بنظرة يائسة. أنتم عضو فعال وقادر على الحصول على حياة مستقلة ومستقبل ناجح. كل ما عليكم فعله هو الثقة بأنفسكم والتحلي بالشجاعة لتحدي المجتمع". كما توجه كلمة أخرى لأهالي ذوي الاحتياجات الخاصة بأن يساهموا في إشراك أبنائهم من هذه الفئة في المجتمع وزرع الثقة بأنفسهم. يشار إلى أنّ عبير تسعى إلى اعتماد هذه الفكرة عالمياً انطلاقاً من الإمارات لما له من تأثير عميق على نفس ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ تشعر الفتاة بأنها حورية جميـلة وتتحول النظرات إليها من نظرات شفقة إلى نظرات إعجاب.