نساء من الفل والانتظار.. في معرض سعودي في أبوظبي
يستعيد الفنان السعودي عبد الوهاب عطيف الفلكلور الشعبي والطبيعية السهلية لمنطقته جيزان عبر معرضه المقام في قاعة "آرت هاب" في فندق "روزوود" أبو ظبي، والذي يتزامن مع العيد الوطني للمملكة اليوم.
حملت لوحات المعرض الكثير من الحنين والتراث الذي لم يبق منه إلا ما علق في الذاكرة. مشاهد لسيدات ينسجن قلائد من الفل بانتظار عودة رجالهن من العمل لينسينهن تعب اليوم، وأخريات يحملن دلال القهوة.
يتعرف المتلقي على مشاهد لم تكن معروفة عن هذه المنطقة من المملكة، حيث تبرز من بين اللوحات التكوينات الجمالية للبيوت القديمة المبنية من الأعشاب والحبال، والتي قدمها الفنان بمعالجات عديدة، تارة في لوحات واقعية، وتارة أخرى ضمن وحدات هندسية كونت زخارف إسلامية.
انتشرت اللوحات ذات الموضوعات والأحجام المختلفة بين أروقة الفندق، لتشهد على روعة تباين الفن السعودي لفنان هاو واحد، فهو لم يدرس الفن أكاديمياً، بل جاء من خلفية تخصص بالتاريخية والحضارة، وتتلمذ على يد العديد من الفنانين وبإجتهاد شخصي، كرّس له وقته في وذاكرته ليقدم خلال سنة واحدة خمسة معارض فنية، ثلاث منها في السعودية، واثنين في أبوظبي.
وتجمع اللوحات بين الفرح والحزن، والإنكسار والتاريخ، كما تنوعت رسومه على المواد التقليدية من ألوان زيتية وأكريلك على كانفاس، بينما أرتأى أن يحاكي طبيعة جيزان من خلال إستخدام مواد طبيعية من سعف النخيل كخلفية للوحاته.
أما الألوان فكانت عبارة عن أحبار مطحونة من أحجار لونية من المنطقة. فكانت هنالك 4 أساليب واضحة، الأول بالرسم التقليدي، والآخر بالرسم بالتنقيط وهو طريقة لإعطاء طابع التلاشي، والثالث استخدام خامات طبيعية، والأخير كان استخدام تكوينات زخرفية، مستخدماً مفردات من أشكال العشة (البيت) وزهرة الكادي العطرية والفل، التي كانت تنتشر في قريته.
كذلك يستعين الفنان بالموسيقى لعكس أجواء لوحاته وكذلك الأشعار والزهور الطبيعية، هدفاً منه لإيصال فكرته وأجواء لوحته الطبيعية للمتلقي. كما قدم مفردات كانت تستخدمها نساء قريته، مثل الطاحونة الحجرية، والتي عبر عنها بزوج من النسوة تديران ظهريهما لها وتمضيان نحو العالم الاستهلاكي، والذي يصفه بالموضة والتجميل، مهملات أصالة ما صنعنه بالماضي.
الزمن اليومي للوحة حاضر أيضاً، فقدم وقت الفجر والغروب، ويرمز لها بلحظات السعادة التي تمر بسرعة، قائلاً: "نستطيع أن نقبض على لحظة الشروق، لكننا لا نملك الغروب، بتأويل الزمن الجميل الذي ينتهي، فيبدأ بالأمل وينتهي بالغروب."