قصة واقعية: صداقة غريبة من نوعها
الصداقة حلم جميل وعلاقة قد ترقى على علاقة إخوة النسب، فكم من صديق وقف مع صديقه وقت الشدة أكثر من الأخ الشقيق.
وكما قيل ( رب أخ لم تلده أمك) وقد ترتقى الصداقة الصالحة المثمرة فتكون سببا في دخول الجنة ورضا الله تعالى يقول عز وجل : ? الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67) ? سورة الزخرف.
أما الصداقة التي يعكرها الاستغلال المادي أو العاطفي وسوء المعاملة وعدم التماس الأعذار وتتبع الأخبار، فهي صداقة محكوم عليها بالفشل ولو بعد حين.
ومسألة اليوم حكاية غريبة لصديقة تحب صديقتها بجنون وصديقتها تسيء إليها وتستغلها وتؤذيها بجفائها ولسانها، ولم تستطع انهاء تلك الصداقة وجاءت تحكي لنا ما تعانيه باحثة عن حل لمشكلتها.
تقول (ه) : أحب صديقتي حبا لا يتصوره مخلوق لا أنام إلا على صوتها لا أشعر براحة إلا عندما أكون بين ذراعيها مغمضة عيني أتمنى رضاها لو مدحني كل الناس لا أعبأ بمدحهم.
ولكلمة ثناء منها أطير في السماء فرحا بها، كل طلباتها مجابة وكل ديونها قد سددتها واشتريت لها طقم ذهب مرتين وأغدق عليها دوما، ولا أختار ملابسي إلا بوجودها معي ولا أتصور حياتي بدونها.
كفتني بوجودها يا سيدي عن أية علاقة مع أي شاب وحتى تأخر زواجي ما عاد يهمني لأن وجودها ملأ حياتي وغمر فؤادي، وأرجو ألا تفهمني خطأ فأنا مصلية ومتدينة ولا أمارس أية درجة من درجات الانحراف بين الصديقات بل إني أحب وجودها فقط بحياتي وأكثر شيء أفعله أنها تحتضني وأحضنها عندما أحس بالرغبة في ذلك.
ورغم كل هذا الحب لصديقتي لكن لدى معها مشكلة جعلتني أتساءل : هل أنا طبيعية في حبي لها؟ رغم أنها تقابل هذا الحب بقمة الاستغلال ماديا ومعنويا فهي أكثر شخص يفهمني وأحب محادثتها والشكوى لها.
لكن هنالك مشاكل في التعامل معها، تحب أن تعرف كل شيء عني، وماذا أفعل؟ وأين أذهب؟ أما هي فلا تتكلم أبدا عن نفسها بشيء إلا إذا سألتها، وتعاتبني على أبسط الأخطاء وترد علي بفظاظة أحيانا، ولديها تعليقات فظة لا أتحملها أحيانا.
وإذا صارحتها أني انزعجت – وهذا نادر جدا- تخبرني أني متكبرة وحساسة وترد بطريقة جدا وقحة لكن بدون سب، كثيرا ما تستعمل هذا الأسلوب معي فقط، وكثيرا ما أتنازل عن زلاتها وأخطائها وأعطيها أعذارها وأحسن الظن، لكنها لا تبادلني المسامحة وتظل بالأيام لا تكلمني حتى أكلمها وأعتذر لها، تريدني مثلما تريد هي.
كثرة تنازلاتي جعلتها متأكدة أني لا أستغني عنها –وهذه حقيقة-، فتمادت في أسلوبها معي، لكني تعبت من إهمالها لمشاعري وعدم تنازلها عن أي خطأ مني، وعدم احترامها لي ولحبي لها ولا ترضى إلا إذا قدمت لها الهدايا ..إنها تعرف أن صداقتها نقطة ضعفي فأحسنت استغلالي ومع ذلك لم أستطع تركها أو الابتعاد عنها.. فهل أنا طبيعية يا سيدي؟
الجواب:
لقد علمنا ديننا يا ابنتي أن الفتاة التي تخالط الناس وتصبر على آذاهم خير من الفتاة التي لا تخالط ولا تصبر.
قال معاوية -رضي الله عنه-: (لو كان بيني وبين الناس شعرة ما قطعتها، إذا شدوها أرخيتها، وإذا أرخوها شددتها) ومعاوية -رضي الله عنه- إمام في الحلم وحسن السياسة مع الناس، والإنسان لا يستغني عن صديق صدوق، والفتاة بحاجة إلى صديقة صالح.
لكن الصداقة الناجحة هي ما كان لله وفي الله وبالله وعلى مراد الله، هي الصداقة التي تراعى فيها الحقوق وتحفظ الواجبات ولا تقوم على الاستغلال وربما أنت التي جعلتي الأمور تصل لهذا الحد.
ليست الصداقة تعني أن يدوس الصديق على مشاعر صديقه ولا يبالي به ولا يرضى عنه إلا إذا أهداه هدايا ترضيه والصداقة احترام لبعضنا فأرى أن تضعى مع صديقتك منهجا لهذه الصداقة وقواعد عامة تقوم على الحب والاحترام والتماس الأعذار. فإن استجابت سرت معها وإلا فاستبدليها بمن هي تتقي الله فيك وأما حبك الزائد لها فلا حرج فيه لكن إن تحول لمرض فيجب أن تعرضي نفسك على متخصص نفسي حتى لا تتطور العلاقة دون أن تدري لأنه من العجيب أن تقولي أن تلك الصديقة أغنتك عن الزواج هذا كلام غريب منك مخالف للفطرة.
وأرجو أن تعلمي أنك لن تجدي صديقة بلا عيوب، وكلنا بشر والنقص يطاردنا والمداراة مطلوبة، وهي أن نعامل كل إنسان بما يناسبه وبما يقتضيه حاله، لذا حاولي نصحها بلطف حتى تتغير، ونتمنى أن تتفهم الأمر منك لأن الصداقة الناجحة هي الصداقة المبنية على الحب والنصح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.