كشف تقرير صادر عن هيئة الصحة في دبي أنّ أمراض القلب والأوعية الدموية تمثّل أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في الإمارة. وتتسبب هذه الأمراض في حالة وفاة واحدة من بين كل خمس حالات وفاة. وخلص التقرير إلى أنّ الخمول وقلّة النشاط البدني واتباع نمط حياة غير صحّي وقلة الوعي تمثّل عوامل رئيسية للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وأشار التقرير أيضاً إلى أنّ 25 في المئة من سكان الإمارة يملكون عاملاً من عوامل الخطورة المرتبطة بأمراض القلب والشرايين التي يمكن الوقاية منها. ويشمل ذلك التدخين وارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم. وفي هذا الإطار، صرّح الدكتور ستانلي جورج، اختصاصي أمراض القلب في مستشفى "ميديور" في دبي: "يمثّل انخفاض مستوى الوعي إلى جانب العوامل المرتبطة بنمط الحياة السائد في المجتمع أحد مصادر القلق الرئيسية بالنسبة لنا." وأشار إلى أنّ العديد من الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية لا يقومون باتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب إمّا بسبب جهلهم بأعراضها، أو لاستخفافهم بأهمية التماس العناية الطبية المناسبة في حال ظهور بعض الأعراض المحددة أو عوامل الخطر في مرحلة مبكرة، مما يمكن أن يشّكل الفرق بين الحياة والموت بالنسبة إلى كثيرين. وأضاف الدكتور جورج: "هناك العديد من المفاهيم والاعتقادات الخاطئة لدى الناس حول أمراض القلب والأوعية الدموية. ويتمثّل الاعتقاد الأول في أنّ هذا النوع من الأمراض لا يصيب إلاّ كبار السّن. وفي واقع الأمر، يلعب نمط الحياة دوراً هاماً في زيادة عوامل الخطر التي تؤدي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وتبدأ الترسّبات بالتراكم داخل الشرايين ابتداءً من مرحلة الطفولة، ما يؤدي إلى انسدادها، ويحدث ذلك نتيجة لممارسة العادات الغذائية غير الصحية مثل تناول الوجبات السريعة والأطعمة الغنية بالسكريات. وباتت أمراض القلب حالياً تستهدف الشباب ومن هم في منتصف العمر، بخاصة على ضوء ازدياد معدلات الإصابة بالسمنة وداء السّكري من النوع الثاني وارتفاع ضغط الدم بين جيل الشباب على وجه الخصوص." ويعتقد كثير من الناس أنّ السيطرة على مرض السكري تسهم في إبعاد خطر الإصابة بأمراض القلب. وفي هذا الإطار، قال الدكتور جورج: "يمكن أن يسهم علاج السكري في الحدّ من خطر الإصابة، إلاّ أنّ عوامل الخطر التي تؤدي إلى الإصابة بمرض السكري هي ذاتها التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في حين تؤدي العوامل الأخرى كالسّمنة وارتفاع ضغط الدم والتدخين وعدم ممارسة الرياضة إلى تفاقم المشكلة." وشدد الدكتور جورج على أهمية فحص مستويات الكولسترول بصورة دورية وفي مرحلة مبكرة من العمر. ويعتبر ارتفاع نسبة الكولسترول في الدّم أحد العوامل الرئيسية التي تزيد من احتمال خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. ويسود اعتقاد خاطئ لدى شريحة واسعة من الناس بعدم الحاجة إلى فحص مستويات الكولسترول إلاّ بعد تجاوزهم سنّ 30 أو 35 من العمر، لكنّ دواعي الحكمة تقضي إجراء هذه الفحوص في العشرين من العمر، بخاصة في حال وجود سوابق عائلية للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. ومن الاعتقادات الخاطئة الأخرى السائدة أيضاً لدى الناس أنّ النوبات القلبية ترتبط بظهور أعراض آلام الصدر. وتعليقاً على ذلك، قال الدكتور جورج: "على الرغم من أنّ الشعور بألم في الصدر أو عدم الراحة أمر يعدّ من الأعراض الشائعة للإصابة بالنوبات القلبية، إلاّ أنها قد تسبب أيضاً ضيقاً في التنفس، وشعوراً بالغثيان والدوار وآلاماً في الفك والعنق أو الظهر." ومن الاعتقادات الخاطئة أيضاً أنّ أمراض القلب والأوعية الدموية تصيب الرجال فقط. ووفقاً لجمعية القلب الأميركية، تعتبر أمراض القلب القاتل رقم واحد بالنسبة إلى النساء، إذ تتسبب في حالة وفاة واحدة من بين كل ثلاث حالات وفاة سنوياً. وتعد هذه نسبة كبيرة جداً، لذلك يتعيّن على الرجال والنساء على حدٍّ سواء إجراء الفحوص اللازمة بصورة دورية، ويشمل ذلك اختبارات مستوى الكولسترول وضغط الدم كإجراءات وقائية. كما تعدّ ممارسة الرياضة والنشاط البدني من الجوانب الأخرى المثيرة للجدل والاختلاف. يعتقد كثير من الناس أنّه يتعيّن على الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب الراحة التامّة وعدم ممارسة الرياضة. وعلى النقيض من ذلك، تشير نتائج الدراسات والبحوث في هذا المجال إلى أنّ ممارسة الرياضة بصورة معتدلة تعزز صحة القلب والأوعية الدموية، وتسهم في ارتفاع معدلات البقاء على قيد الحياة لدى الناجين من النوبات القلبية. ويوصي الدكتور جورج مرضى القلب والأوعية الدموية بممارسة التمارين الرياضية المعتدلة لمدة ساعتين ونصف الساعة أسبوعياً كحدٍّ أدنى. كما ينبغي استشارة المتخصصين للمساعدة في اختيار التمارين الرياضية التي تناسب الحالة الصحية للمرضى. واختتم الدكتور جورج تعليقه: "على الرغم من اعتقاد المرضى الذين خضعوا للقسطرة وجراحة تغيير شرايين بأنّ القيام بهذه الإجراءات يسهم في معالجة مشاكلهم القلبية، إلاّ أن دورها في الواقع يقتصر على الحدّ من الأعراض وتحسين نوعية حياة المرضى ولا تسهم بالضرورة في الحدّ من تعرضّهم لخطر تصلب الشرايين. وفي حال عدم المبادرة إلى إدخال التغييرات الصحية المناسبة على نمط الحياة، سيؤدي تراكم اللويحات الدهنية إلى انسداد الشرايين، ما يتسبب بدوره في عودة الذبحة الصدرية أو النوبة القلبية أو السكتة الدماغية." وتتلخص العوامل التي تسهم في الوقاية من الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في ضرورة إجراء الفحوص والتحاليل بصورة دورية وخاصة في حال وجود سوابق عائلية للإصابة بهذه الأمراض، وزيادة مستوى الوعي حول مخاطرها وآثارها الصحية، والعمل على إدخال تغييرات جوهرية على نمط الحياة السائد عبر الإقلاع عن التدخين، وممارسة الرياضة بشكل أكبر واتباع نظام غذائي صحي ومتوازن. من جانبه، قال الدكتور شاجير غفّار، المدير التنفيذي في مجموعة "في بي اس" للرعاية الصحية في دبي والإمارات الشمالية: "تمثل أمراض القلب والأوعية الدموية إحدى المشاكل والمخاوف الصحيّة المتنامية في دبي ومدن أخرى في المنطقة. لذلك فإننا نبذل في مستشفى "ميديور" جهوداً حثيثة في سبيل توفير أفضل خدمات الرعاية الصحية على صعيد تشخيص هذا النوع من الأمراض وعلاجه. كما نجدد التزامنا بالعمل على نشر الوعي حول أمراض القلب وغيرها من الأمراض الأخرى التي تستهدف المجتمع، ومواصلة دورنا في توفير خدمات الرعاية الصحية المتميّزة التي تواكب أفضل المعايير المعتمدة عالمياً."